في مؤشر جديد على زيادة حجم الاستثمارات المؤسساتية العالمية في السوق المالية السعودية، قررت مؤسستان من أكبر المتخصصين في إدارة الأصول على مستوي العالم، وهما شركة "بلاك روك" وبنك "إتش إس بي سي" إطلاق صناديق استثمارية تركز على الأسواق المتوسطة والكبيرة في السعودية.
وتعد هذا الخطوة فرصة لجعل السعودية سوقاً مفتوحة لتدفق مليارات الدولارات، لا سيما مع إدراجها في مؤشرات عالمية مثل "فوتسي راسيل" و"مورغان ستانلي".
وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن مديري أصول "بلاك روك" وبنك "إتش إس بي سي" أطلقا خلال الشهر الماضي صندوقاً للمؤشرات المتداولة الذي يتبع مؤشر "مورغان ستانلي السعودية 20/35" الذي يركز على الشركات الكبيرة والمتوسطة في السوق السعودية.
وبحسب محللين وخبراء، "فإن لقرار شركة مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال المرتقب إدراج السوق السعودية ضمن مؤشرها للأسواق الناشئة كان له أثرٌ كبيرٌ في قرار عودة اثنين من أهم مديري الأصول حول العالم عن قرارهما بعدم الاستثمار في السعودية".
تدفق استثمارات مؤسساتية
من جهته وصف رئيس قسم الأبحاث في "أسواق المال دوت كوم" عبدالعظيم الأموي، الخبر بـ"الإيجابي"، وأوضح "أن تختار"بلاك روك" السوق السعودية لإطلاق مثل هذا الصندوق، بما يمثله كأكبر صندوق لإدارة الأصول في العالم بحجم بلغ 6.5 تريليون دولار أميركي، وأيضا من جانب "إتش إس بي سي"، سيفتح الباب أمام تدفق استثمارات مؤسساتية علي السوق السعودية".
وقال "إن هذا الاتجاه يتماشى مع الإصلاحات المالية التي تجريها إدارة سوق المال وإزالة القيود على تداولات الأجانب وفتح السوق، ومن الناحية السيادية أيضا هي تصويت بالثقة على رؤية السعودية 2030 التي أعلن عنها قبل ثلاث سنوات، والتي تسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاستثمار من خلال دعم القطاع الخاص".
وأضاف الأموي، "إن طرح مثل هذه الصناديق في السعودية يوفر فرصة لتنويع الاستثمار، وأيضا يفتح الباب لسيولة المؤسسات وترتفع أحجام السيولة في السوق وتقلل من حدة التذبذبات كما يزيد الثقة في السوق السعودية عالمياً".
وأوضح أن إطلاق "إتش إس بي سي"، والذي يدير أصولاً عالمية بقيمة 451 مليار دولار الصندوق يأتي استجابة لاهتمام المستثمرين الدوليين بعد إدراج سوق الأسهم السعودية في المؤشرات العالمية".
من جانبها قالت "بلاك روك"، "إن التغيرات التى حدثت في السعودية في العامين الماضيين كانت "مذهلة جدا"، وتتيح فرصاً رائعة ليس لها فقط، ولكن للمستثمرين الآخرين لافتة إلى أن إطلاق الصندوق راجع إلى الطلب الكبير من عملائها، في ترقب لإدراج السوق السعودية في مؤشر "إم إس سي أى" للأسواق الناشئة".
وقررت "إم إس سي آي" في مراجعتها السنوية لعام 2018 لتصنيف أسواق الأسهم الدولية، ترقية السوق السعودية إلى مرتبة الأسواق الناشئة على خطوتين، الأولى خلال المراجعة نصف السنوية في مايو (أيار) 2019، والثانية خلال المراجعة الربعية للمؤشر في أغسطس (آب) 2019.
ومن المنتظر أن تسهم ترقية "فوتسي راسل" و"إم إس سي أي" في دخول 55.6 مليار دولار من التدفقات بمجرد إدراج السعودية في مؤشرات الأسواق الناشئة الخاصة بكل منهما".
وشهد الأول من مايو (أيار) الحالي، تنفيذ المرحلة الثانية لدخول الصناديق الأجنبية التابعة لمؤشر "فوتسي راسل" للأسواق الناشئة، ومن المتوقع أن تمثل السوق السعودية نحو 2.9% في مؤشر فوتسي راسيل للأسواق الناشئة، و0.3% في مؤشر فوتسي للأسواق العالمية.
وانضمت الأسهم السعودية إلى المرحلة الأولى لمؤشر فوتسي العام للأسواق الناشئة في 18 مارس (آذار) الماضي بحجم تدفقات بقيمة 2.1 مليار ريال.
وبحسب ما أعلنته "فوتسي راسل" فإن انضمام "تداول" لمؤشر الأسواق الناشئة سيتم على 5 مراحل، بدأت في مارس الماضي بنسبة 10%، ثم مايو بنحو 15%، أما المرحلة الثالثة في سبتمبر (أيلول) 2019 بنسبة 25%، والرابعة في ديسمبر (كانون الأول) بنحو 25%، وأخيراً في مارس 2020 بنسبة 25%.
تنامي الإقبال على السعودية من قبل المستثمرين العالميين
وتشهد السوق السعودية تنامياً في الإقبال من قبل المستثمرين العالميين خصوصا بعد إعلان أرامكو (أكبر شركة نفط في العالم) عن حجم أرباحها وبعد أن جذبت طلبات قياسية قيمتها 100 مليار دولار قبل أول عملية بيع للسندات في الشهر الماضي.
وكانت "لازارد" مستشارا ماليا لصفقة السندات، و"جيه.بي مورغان" و"مورغان ستانلي" منسقين عالميين، وكمديري دفاتر إلى جانب "سيتي جروب" و"جولدمان ساكس" و"إتش إس بي سي".
ومن بين هؤلاء المستثمرين لاري فينك، وهو الرئيس التنفيذي لبلاك روك، وجون فلينت الرئيس التنفيذي لمجموعة "إتش إس بي سي"، ودانييل بينتو وهو المدير التنفيذي للعمليات في جي بي مورغان، إضافة إلى شين تشو وهو المدير الإداري لمورغان ستانلي في آسيا.
ويتدفق أمثالهم من المصرفيين إلى السعودية، لحرصهم على المشاركة في صفقات يجري إعدادها، مثل عمليات الدمج والاستحواذ والاكتتابات الأولية العامة.
وصرح لاري فينك "إن شركة بلاك روك ستفتتح أول مكتبٍ لها في السعودية، وأرى فرصاً كبيرة جداً في أنحاء الشرق الأوسط بعد الاستثمار في سندات أرامكو"، وأشار إلى أن "المنطقة أصبحت أكثر أماناً، وتحتاج بشكلٍ متزايد إلى استثمارات ما بعد التقاعد".