يستمع القضاء الإسباني الثلاثاء، الأول من يونيو (حزيران)، إلى زعيم جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) إبراهيم غالي، في إطار تحقيقين حول شبهات بارتكاب أعمال "تعذيب" و"إبادة جماعية"، وذلك في ظل أزمة كبيرة بين إسبانيا والمغرب.
وكان استقباله في إسبانيا في أبريل (نيسان) الماضي من أجل تلقي العلاج من "كوفيد-19" أثار غضب الرباط، وتبعه تدفق نحو 10 آلاف مهاجر في منتصف مايو (أيار) الحالي إلى جيب سبتة الإسبانية.
تأجيل مستمر
يتزعم إبراهيم غالي منذ 2016 "بوليساريو" ويترأس "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" المعلنة من جانب واحد في العام 1976. وتقول الجبهة إنّه يبلغ من العمر 71 عاماً.
وسعت الجبهة إلى استقلال الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية القديمة التي يسيطر المغرب على نحو 75 في المئة منها.
وتعد منطقة صحراوية تبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع، وتقع شمال موريتانيا، وتعتبرها الأمم المتحدة منطقة "غير محكومة ذاتياً" في غياب تسوية نهائية.
وتدعو جبهة "البوليساريو"، بدعم من الجزائر، إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير وافقت عليه الأمم المتحدة، ولكن يتم تأجيله باستمرار منذ التوقيع عام 1991 على وقف لإطلاق النار بعد 16 سنة من القتال. ويقترح المغرب من جانبه منح المنطقة حكماً ذاتياً تحت سيادته.
كان يواجه "خطر الموت"
ومع توقف عملية التسوية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، استؤنفت الأعمال العدائية بين الجانبين منتصف نوفمبر (تشرين الثاني). وأحاط التكتم علاج غالي في إسبانيا من تداعيات الإصابة بـ "كوفيد-19" وفق مقربين منه.
وكانت مجلة "جون أفريك" الناطقة بالفرنسية كشفت الأمر، مما جعل "البوليساريو" تؤكد لاحقاً صحته، ثم الحكومة الإسبانية التي أشارت إلى "دوافع إنسانية" وراء استقباله، رافضة إعطاء أي تفاصيل حول وضعه الصحي.
ووفق صحيفة "البايس" الإسبانية، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، وصل غالي السبعيني في 18 أبريل على متن طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية، ويحمل "جواز سفر دبلوماسياً" قبل دخوله إلى مستشفى لوغرونيو (شمالاً) تحت اسم مستعار "لأسباب أمنية". وأوضحت المصادر أنه كان يواجه "خطر الموت" لدى وصوله.
"تحقيق شفاف"
ولفتت الصحيفة الإسبانية إلى أن قرار استقباله اتخذ "على أعلى المستويات" خدمة للجزائر، أبرز مورّدي الغاز إلى إسبانيا، ولكنه أثار غضب الرباط التي طالبت بـ "تحقيق شفاف" حول ظروف وصول غالي.
وأوفد القاضي الذي سيستمع إلى غالي عناصر شرطة إلى لوغرونيو للتحقق من هويته وإبلاغه بالاستدعاء.
وسيتم الاستماع إلى إليه الثلاثاء عبر تقنية الفيديو من المستشفى حيث يعالج، وذلك في قضيتين، الأولى التي تقدم بها فاضل بريكا المنشق عن جبهة "البوليساريو" ويحمل الجنسية الإسبانية، بتهمة ارتكاب "تعذيب" في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف.
أما الثانية فتقدمت بها الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها إسبانيا، بتهم ارتكاب "إبادة جماعية" و"قتل" و"إرهاب" و"تعذيب" و"إخفاء قسري".
لا إجراءات وقائية
واعتقاداً منه بأنه "لا يوجد دليل واضح على مشاركته" في الجرائم الواردة في الشكوى الثانية، لم يأمر القاضي بإجراءات وقائية بحق إبراهيم غالي على غرار مصادرة أوراقه، وذلك كما ورد في وثيقة قضائية اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.
وخففت القوات المغربية قبضتها على الحدود مع سبتة رداً على استقبال مدريد شخصاً تعتبره الرباط "مجرم حرب"، مما أسفر عن عبور نحو 10 آلاف مهاجر، بحسب شرطة سبتة.
وعزا وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة "السبب الحقيقي للأزمة" إلى "استقبال مدريد زعيم ميليشيات البوليساريو الانفصالية بهوية مزورة".
ونددت الحكومة الإسبانية بـ "الابتزاز"، واستعدت سفيرة المغرب التي عادت إلى بلادها عقب ذلك حيث ستبقى حتى انتهاء الأزمة، وفق بوريطة.