رحبت الصحافة الفرنسية بفوز رواية "شقيق الروح" للكاتب السنغالي الفرنسي دافيد ديوب بجائزة بوكر الأدبية الدولية التي خصصتها إدارة الجائزة البريطانية لروائيين من العالم أجمع وفي شتى اللغات، شرط أن تكون مترجمة إلى الإنجليزية. وهذا يعني أن الروائي الأجنبي يفوز بالجائزة مناصفة مع مترجمه أو مترجمته، ما يعني هنا فوز الشاعرة البريطانية آنا موسكوفاكيس، مترجمة الرواية بنصف الجائزة التي تبلغ قيمتها كلها 50 ألف جنيه، أي ما يعادل نحو 71 ألف دولار. وقد يعود الفضل في الفوز أحياناً إلى قوة الترجمة التي تجعل النص المنقول من لغة أجنبية، نصاً بديعاً وجذاباً في الإنجليزية. وكم من روايات مهمة لروائيين معروفين لم تنل الجائزة، جراء الترجمة التي لم تكن في مرتبة النص الأصل إبداعياً.
ولئن يُعدّ دافيد ديوب روائياً فرانكوفونياً، سنغالياً، فالصحافة الفرنسية عدت الفوز فرنسياً صرفاً، واحتفلت به نظراً إلى أنها المرة الأولى تفوز فرنسا بهذه الجائزة المرموقة عالمياً. وتجاهلت الصحافة الصفة الفرانكوفونية التي تطلقها على الأدب المكتوب بالفرنسية، وصنفت الرواية الفائزة في صلب الإبداع الفرنسي، علماً أن الرواية أفريقية تماماً، وتدور في جو الاستعمار الفرنسي الذي شمل دولة السنغال. ويمكن القول أيضاً إن ديوب ابن الخامسة والخمسين هو أول فائز سنغالي فرانكوفوني بالجائزة هذه. وكانت المنافسة شديدة هذه السنة للفوز، ولم ينافس ديوب روائيين أجانب فقط، بل أيضاً روائياً فرنسياً معروفاً هو اريك فويار وروايته عنوانها "حرب الفقراء" (دار اكت سود) وترجمها إلى الإنجليزية مارك بوليزوتي (دار ماكميلان).
أما الروائيون الآخرون الذين تنافسوا حول الجائزة وبلغوا اللائحة القصيرة فهم: الأرجنتينية ماريانا انريكيز وروايتها "أخطار التدخين في السرير" (ترجمة ميغان ماكدويل، دار غرانتا)، والتشيلي بنيامين لاباتوت وروايته "عندما نتوقف عن فهم العالم" (ترجمة أدريان ناتان وست، دار بوشكين برس)، والدانماركية أولغا رافن وروايتها "الموظفون" (ترجمة مارتن اتيكن، دار لولي)، والروسية مارينا ستيبانوفا وروايتها "في ذاكرة الذاكرة" (ترجمة ساشا دوغاد، دار فيتزكارالدو).
كل الدم أسود
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تدور الرواية حول شخصية الراوي ألفا ندياي، وهو جندي سنغالي، أصيب رفيقه في السلاح وصديق طفولته، بجروح خطيرة خلال هجوم عسكري. هذه الإصابة جعلته يتوسل إلى ألفا أن يطلق عليه رصاصة الرحمة، لكن صديقه لم يقو على ذلك. وتسرد الرواية كيف حاول ألفا ندياي تخليص رفيقه الذي مات بعد معاناة مروعة. جو الرواية مأسوي وزمنها زمن الحرب والمواجهات في صفوف الجيش الفرنسي. ويخيم عليها بعد إنساني عميق نابع من قلب الصداقة والأخوة. ومعروف أن ديوب الذي نشأ في السنغال، استمع إلى حكايات جده الأكبر، وكيف قاتل في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الفرنسي إبان الاستعمار. وتحمل الرواية تحية معلنة للمحاربين الذي خاضوا تلك المعارك، خصوصاً الأفارقة الذين بلغ عددهم نحو 200 ألف.