نظّم الحزب "الدستوري الحر" في تونس العاصمة، مسيرة احتجاجية على ما ألت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعلى السياسات التي فرضتها حركة "النهضة" وحلفاؤها.
وانطلقت المسيرة، صباح السبت 5 يونيو (حزيران)، من شارع عشرين مارس وسط العاصمة في اتجاه مقر مجلس النواب في ساحة باردو. وأعلنت لجنة تنظيم المسيرة أنها ضمت نحو عشرة آلاف شخص، ووصفها مراقبون بالأكبر في تونس العاصمة، وشارك فيها للمرة الأولى مواطنون لم يسبق لهم الانتماء السياسي.
وشهدت المسيرة قبل وصولها إلى مقر مجلس النواب مشادات واشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي منعتهم من التقدم نحو باب المجلس "لتحريره من هيمنة الإخوان"، بحسب الشعار الذي طرحه الحزب في تنظيم مسيرته.
الدعوة إلى عدم الخوف
ودعت رئيسة الحزب عبير موسي الأنصار والمؤيدين إلى مواصلة التحركات من أجل إنهاء ما وصفته بسيطرة حركة "النهضة" وحلفائها على مجلس النواب، و"ما يمررونه من قوانين لا دستورية ولا قانونية تسهم في إفقار الشعب التونسي وتجويعه".
كذلك طلبت من مؤيدي الحزب إعلان اعتصام مفتوح أمام مقر مجلس النواب، وعدم الخوف على الرغم من الاعتداءات والتهديدات التي يتعرّضون لها، مؤكدة أن "الطريق نحو تحقيق الأهداف طويلة وصعبة، ولكن الإيمان بالنصر لن يتزعزع".
واعتبر القيادي في الحزب "الدستوري الحر" وعضو مجلس النواب كريم كريفة أن "الهدف الأول لهذا التحرك هو إسقاط حكم راشد الغنوشي ورفع يده ومن يقف معه من الكتل النيابية عن البرلمان". وأدرج كريفة التحرك في سياق "الدعوة إلى إسقاط الحكومة التي لا تراعي مصلحة الشعب إنما تراعي مصالح أشخاص وأحزاب على حساب المصلحة الوطنية، وكل ما يهمها البقاء على كرسي الحكم لأطول فترة ممكنة، لا أكثر ولا أقل".
وأضاف أن "الشعب أصبح يلتحم بالحزب الدستوري الحر الذي يتبنّى مطالبه ويدافع عنها داخل البرلمان، وبات الكتلة الوحيدة المعارضة التي تدافع عن مصالح الشعب تجاه الاتفاقيات المشبوهة، فيما الحكومة عاجزة عن توفير أبسط أبجديات الحكم، وثروات تونس تُنهب والقروض تُستعمل لدفع رواتب الموظفين ورهن البلاد لتكون بعد فترة فريسة للاستعمار الجديد".
"كلنا غاضبون"
وقال السفير السابق عز الدين الزياني إن مشاركته في المسيرة "رسالة إلى المشهد السياسي بأن الأوضاع في تونس وصلت إلى مرحلة الخطر، وأن قادة الأحزاب السياسية وأعضاء مجلس النواب غير مهتمين بما يجري في الشارع والانهيار السياسي الذي تعيشه البلاد"، معتبراً أن "الأوضاع لا يمكن أن تستمر وتسير في هذه الوتيرة في ظل غياب رؤية تخرج تونس مما وصلت إليه". وأضاف أن "عنوان تغيير الدستور وإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها صار مطلباً لكثيرين في البلد".
"كلنا غاضبون"، بهذه العبارة يصف المهندس هشام بن عبد الرزاق حال التونسيين، قائلاً "لم أنتسب في حياتي إلى أي حزب ولم أشارك في أي عمل سياسي، لكن الظروف التي وصلنا إليها دفعتني إلى الخروج إلى الشارع مدافعاً عن حقي في حياة كريمة في بلدي الذي تنهشه العصابات والمافيات وندفع نحن الذين أسهمنا في بناء تونس ثمن الجشع ونهب المال العام". ويعتقد أن "تونس تعيش حالة إفقار أثّرت في الجميع ولم يعُد في الإمكان السكوت عما يجري".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشباب والتوقيت
وكان لافتاً في المسيرة، إضافة إلى مشاركة المتقاعدين والموظفين والحرفيين، الحضور الشبابي والطالبي، سواء على مستوى لجان التنظيم أو المشاركة. وتقول الشابة فاتن بوزيان إنها تريد من خلال وجودها أن تستعيد حلمها بتونس وأملها في مستقبلها الذي "ضاع في الأعوام العشرة الماضية".
وتضيف أن "هذه المشاركة الشبابية رسالة مفادها بأن مَن تولّى السلطة في السنوات العشر الماضية كذب علينا وخان أحلامنا".
وتزامنت مسيرة الحزب "الدستوري الحر" مع الذكرى الأربعين لتأسيس حركة "النهضة" التي اكتفت بعقد ندوة في أحد فنادق تونس، خصصتها للحوار في شأن سبل مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تعيشها البلاد وآليات الخروج منها.
واعتبر الكاتب نبيل بالفقيه أن "اختيار الحزب الدستوري الحر هذا التاريخ ليس عبثياً، بل رسالة منه إلى حركة النهضة وحلفائها بأن الحزب اليوم هو مَن يملك القدرة على التعبير عن هموم الناس ومشاغلهم في تونس".