أظهر تحليل جديد أن عدد "الصفقات القذرة" بين أكبر المصارف البريطانية وكبرى شركات الوقود الأحفوري على مستوى العالم ارتفع عام 2020 على الرغم من تعهدات كبار المسؤولين الماليين بزيادة وعيهم بالمناخ.
وأبرم المصرفان البريطانيان "باركليز" و"أتش أس بي سي" عشرات من الصفقات مع شركات كبرى للوقود الأحفوري مثل "إكسون موبيل"، و"رويال داتش شل"، و"شيفرون" عام 2020، وفق بيانات شوركت مع "اندبندنت"، وتبين أن قيمة المعاملات فاقت نظيرتها في العام السابق.
وقدم "باركليز"، أكبر ممول للوقود الأحفوري في أوروبا، ما مجموعه 5.1 مليار دولار أميركي (3.7 مليار جنيه استرليني) إلى "إكسون موبيل" في سلسلة من 13 صفقة و1.2 مليار دولار (850 مليون جنيه) إلى "شل" في سلسلة من ست صفقات عام 2020، وفق البيانات المجمعة من قبل "استعادة التمويل"، وهي مجموعة تشن حملة لإنهاء الدعم المالي للوقود الأحفوري.
والعام السابق، قدم "باركليز" 2.7 مليار دولار (1.9 مليار جنيه) إلى "إكسون موبيل" في سلسلة من ثماني صفقات و353 مليون دولار (250 مليون جنيه) إلى "شل" في صفقتين، وفق التحليل.
ومن ناحية أخرى، قدم "أتش أس بي سي" ما مجموعه 3.5 مليار دولار (2.5 مليار جنيه) إلى "إكسون موبيل" في سلسلة من 10 صفقات و4.9 مليار دولار (3.5 مليار جنيه) في تمويل إلى "شل" في 10 صفقات أخرى عام 2020، بحسب التحليل. وعام 2019، عقد "أتش أس بي سي" صفقة واحدة فقط مع "إكسون موبيل" وصفقتين مع "شل"، لتوفير تمويل بقيمة إجمالية تبلغ 1.6 مليار دولار (مليار جنيه).
وفي مارس (آذار) 2020، أعلن "باركليز" أنه سيهدف إلى العمل بوصفه "مصرفاً صفرياً صافياً" بحلول عام 2050، في حين تعهد "أتش أس بي سي" بخفض الانبعاثات المرتبطة بتمويله إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050 أو قبل ذلك في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه.
وقالت المؤسسة والمديرة التنفيذية لـ"استعادة التمويل"، لوسي بينسون، لـ"اندبندنت": "بعد الكشف عن العلاقات المحرمة بين المصارف وشركات الوقود الأحفوري على مستوى مجالس الإدارة مباشرة، توضح هذه الصفقات القذرة الأمر. إن المصارف البريطانية محركات لفوضى المناخ في مختلف أنحاء العالم".
"ومن خلال تحويل المليارات إلى أكبر الملوثين في العالم، تسخر المصارف مثل "باركليز" و"أتش أس بي سي" من التزاماتها بالصفر الصافي ومن مزاعم حكومة المملكة المتحدة بأنها رائدة في مجال التمويل الأخضر".
ويستخدم التحليل بيانات "القروض المحولة" المأخوذة من وكالة "بلومبيرغ" (تساعد المصارف شركات الوقود الأحفوري في تمويل نفسها من خلال تجميع القروض التي تقدمها إليها وبيعها إلى مستثمرين آخرين، وهي عملية معروفة بالتحويل).
ويبني التحليل على تقرير تاريخي حديث عن الدور الذي تؤديه المصارف في تمويل أزمة المناخ، والذي وجد أن المصارف الخمسة الأولى في المملكة المتحدة قدمت ما مجموعه 220 مليار جنيه (304 مليارات دولار) لتمويل مشاريع الوقود الأحفوري بين عامي 2016 و2020.
ويأتي هذا التحليل بعد أن تعرضت شركات الوقود الأحفوري الكبرى إلى عدة ضربات ساحقة في مجالس الإدارة وقاعات المحاكم في الأسابيع الأخيرة.
ففي 26 مايو (أيار)، اتخذت محكمة هولندية خطوة غير مسبوقة بإصدار الأمر إلى "شل" بتقليص الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي نتيجة لعملياتها ومنتجاتها، في حين أرغمت انتفاضات المساهمين في الولايات المتحدة على تعديل "إكسون موبيل" مجلس الإدارة ووضع "شيفرون" مستهدفات مناخية أكثر صرامة.
وجاء "يوم الحساب" لشركات النفط بعد أسبوع واحد فقط من صدور تقرير عالي الأثر عن وكالة الطاقة الدولية أفاد بعدم إمكانية تحقيق مزيد من التوسع في الوقود الأحفوري في أي مكان من العالم إذا كان لقطاع الطاقة العالمي أن يبلغ الصفر الصافي للانبعاثات بحلول عام 2050.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسلط حملة "وقف تغذية أزمة المناخ" التي تنفذها "اندبندنت" الضوء على كيفية استمرار المصارف في المملكة المتحدة في دعم الوقود الأحفوري في الفترة التي سبقت مؤتمر الأطراف الـ26، وهو مؤتمر قمة مناخية كبرى من المقرر أن تستضيفه غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني).
وبالإضافة إلى عقد صفقات بمليارات الدولارات مع "إكسون موبيل" و"شل" عام 2020، قدم "باركليز" أيضاً 2.2 مليار دولار إلى شركة "شيفرون" الأميركية للنفط في سلسلة من 14 صفقة، في حين قدم "أتش أس بي سي" إلى الشركة 57 مليون دولار في سلسلة من سبع صفقات. ولم يبرم كلا المصرفين أي صفقات مع "شيفرون" عام 2019، وفق التحليل.
وقال مات هوب، الذي حقق في أدوار المصارف في إحداث أزمة المناخ لصالح البرنامج البيئي "ديسموغ": "تحب العديد من المصارف الكبرى أن تزعم أنها تؤدي دوراً قيادياً في مكافحة تغير المناخ، لكن دعمها المستمر لقطاع الوقود الأحفوري يجعل هذه الوعود تبدو جوفاء.
"ويضغط حملة الأسهم وعامة الناس في شكل متزايد على المصارف لتغيير طرقها لإعطاء الأولوية إلى الكوكب قبل تحقيق الربح، لكن من الواضح أنها تقاوم حتى الآن."
وبالإضافة إلى مواجهة الضغط في شأن تمويل شركات النفط والغاز الكبرى، يخضع كل من المصرفين أيضاً إلى تدقيق بسبب دوره في دعم الفحم، وهو أقذر وقود أحفوري في العالم.
وتوصل تقرير حديث صادر عن مؤسسة "استعادة التمويل" ومؤسسة "أورجوالد" الألمانية غير الربحية إلى أن المصارف الخمس الكبرى في المملكة المتحدة قدمت 56 مليار دولار لدعم الشركات التي تستفيد من الفحم أو تستخدمه بين عامي 2018 و2020. وكان "باركليز" أكبر الجهات الممولة للفحم، في حين حل "أتش أس بي سي" في المرتبة الثانية خلف "ستاندرد تشارترد".
وأخيراً، توصل تحليل منفصل أجرته "قوى السوق"، وهي مجموعة بيئية تدعو إلى إنهاء دعم الأنظمة المالية للوقود الأحفوري، إلى أن "أتش أس بي سي" يحتفظ بحصص في الشركات التي تخطط معاً لبناء 73 محطة جديدة للفحم.
والشهر الماضي، صوت حملة أسهم "أتش أس بي سي" بأغلبية ساحقة لصالح إنهاء تمويل الطاقة التي تعمل بإحراق الفحم بحلول عام 2040. ومع ذلك، قال آدم ماكغيبون، الناشط في "قوى السوق"، إن المصرف يحتاج إلى مزيد من العمل بأن يتعهد بإنهاء التمويل لكل أنواع توسع الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط والغاز.
وأضاف: "ستسمح السياسات الحالية التي ينتهجها "أتش أس بي سي" له بالاستمرار في التلويث مع الإفلات من العقاب."
"وإذا كان المصرف راغباً في التعامل بجدية مع مسألة المناخ قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الـ26، يتعين عليه أن يتوقف عن إحداث تغييرات صغيرة في سياسة الوقود الأحفوري، وأن يعلن أنه سيتوقف عن تمويل أي شركة تعمل على توسيع نطاق قطاع الوقود الأحفوري."
ورداً على النتائج، قال ناطق باسم "أتش أس بي سي": "يلتزم (أتش أس بي سي) بالشراكة مع عملائه في الانتقال إلى الصفر الصافي. فنحن نمنح الأولوية إلى التمويل والاستثمار الذي يدعم عملاءنا لإزالة الكربون تدريجياً، ونتوقع أن نوفر ما بين 750 مليار دولار إلى تريليون دولار لتمويل الانتقال إلى الصفر الصافي."
"وبحلول نهاية عام 2021، نخطط لنشر خطة ذات أهداف قريبة ومتوسطة الأجل بهدف المواءمة بين تمويلنا والصفر الصافي وسنعمل مع عملائنا على وضع خطط فردية لإزالة الكربون تتواءم مع أهداف اتفاقية باريس."
وقال ناطق باسم "باركليز": "التزمنا بمواءمة محفظة تمويلنا بالكامل مع أهداف اتفاقية باريس، من خلال مستهدفات محددة وتقارير شفافة، وذلك على الطريق المفضي إلى تحقيق طموحنا بأن نكون مصرفاً صفرياً صافياً بحلول عام 2050. ونعتقد أن "باركليز" قادر على تقديم مساهمة حقيقية في معالجة تغير المناخ والمساعدة في التعجيل بالتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون."
© The Independent