حث رئيس سلسلة حانات "جي دي ويذرسبوونز"، الذي يعد من أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حكومة بلاده، على السماح لمزيد من المهاجرين الموسميين بالقدوم من أوروبا، وذلك لمعالجة مشكلة النقص في العمال التي يعانيها قطاع الضيافة في البلاد.
تيم مارتن، الذي ساهم بشكل فعال في حملات طالبت بتنفيذ "بريكست" من دون هوادة، بما في ذلك مغادرة السوق الموحدة ووضع حد لحرية الانتقال المتاحة أمام أعضاء هذه السوق، طالب بوريس جونسون بدراسة إمكانية وضع نظام تأشيرات دخول "ليبرالي بشكل معقول"، وذلك لتشجيع العمال الأجانب على الانتقال إلى المملكة المتحدة.
ورأى مارتن أنه قد يكون من المناسب منح معاملة تفضيلية للدول المجاورة للمملكة المتحدة، وهو موقف يبدو متناقضاً مع الحجة التي طرحها أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي، مفادها أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد من شأنه أن يسمح لها بمعاملة أبناء القوميات كافة على قدم المساواة.
وقال مارتن لصحيفة "الديلي تلغراف"، إن "معدل الولادة في المملكة المتحدة منخفض. ولذا فإن نظام هجرة ليبرالي بشكل معقول، يتحكم به أولئك الأشخاص الذين انتخبناهم، وهذا ما يجعله مميزاً عن النظام الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي، من شأنه أن يكون مفيداً للاقتصاد وللبلاد أيضاً".
وأضاف رجل الأعمال، "لقد استفادت أميركا وأستراليا وسنغافورة منذ عشرات السنين من هذا التوجه. فالهجرة، حين تترافق مع الديمقراطية، تصبح مفيدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشار إلى أن رئيس مجلس إدارة سلسلة حانات "ويزرسبوونز" قد حذر سابقاً من أن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى "نتائج اقتصادية عكسية كبيرة"، وأطلق لقب "المفرطون في التشاؤم" على أولئك الذين كانوا ينبهون إلى أن قطع علاقات بريطانيا مع أكبر شركائها التجاريين وأقربهم من شأنه أن يتسبب في إلحاق ضرر اقتصادي بالبلاد.
وقال مارتن في إطار جداله خلال عام 2019، دفاعاً عن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي من دون صفقة: "إن المملكة المتحدة، بالتالي حانات ويذرسبوونز، ستسفيد من اتباع نهج التجارة الحرة، وذلك من خلال تفادي صفقة تشتمل على دفع مبلغ 55.9 مليار دولار أميركي (39 مليار جنيه استرليني) للاتحاد الأوروبي".
كما عمد إلى خصم 20 بنساً من ثمن بعض أنواع المشروبات، وذلك من أجل إظهار مدى اقتناعه بأن "بريكست" سيؤدي إلى خفض التكاليف المترتبة عليه كشركة، بيد أن قطاع الضيافة في المملكة المتحدة يواجه حالياً صعوبات جمة في محاولته ملء آلاف مناصب العمل الشاغرة، وذلك بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي من جهة، إضافة جائحة كورونا من جهة ثانية.
وأثارت تعليقات مارتن ردود فعل غاضبة من جانب العديد ممن عارضوا "بريكست". فقد كتب الناشط فيمي أولوولي قائلاً: "أتمنى حقاً أن تيم مارتن القديم لا يصادف تيم مارتن الجديد. لأنه سيكون غاضباً للغاية".
أما لياني وود، وهي الزعيمة السابقة لحزب "بلايد كامري" (حزب ويلز)، فأوضحت قائلة: "أذكر أنني اختلفت مع تيم مارتن حول هذا الأمر في عام 2016. وكان وقتها يجادل دفاعاً عن الموقف المناقض لموقفه الحالي. لقد فات الأوان يا صاح".
يذكر أن عدد الشواغر المعلن عنها في شتى فئات قطاع الضيافة من مقاهٍ ومطاعم وحانات قد ارتفع بنسبة 46 في المئة منذ تخفيف إجراءات الحجر الصحي والسماح باستقبال الزبائن وتقديم الخدمات لهم في إنجلترا، وذلك استناداً لشركة "آر أس أم" للخدمات الاستشارية.
أما مايكل كيل، وهو الرئيس التنفيذي لـ"جمعية خدمات الترفيه الليلية"، فأشار إلى أن "بريكست" وانقطاع العاملين عن ممارسة وظائفهم خلال الفترة الطويلة لتفشي الجائحة، قد تركا العديد من الشركات في وضع لا تحسد عليه وهي تصارع من أجل تنفيذ خططها المتعلقة باستئناف العمل.
وأضاف، "هناك نقص حاد في العمالة... فالعديد ممن يشتغلون في هذه الشركات أوروبيون، ما يعني أن بريكست كان له دور في خلق هذا الوضع، كما أن هناك الأثر الناجم عن الإجازات المفتوحة من دون راتب التي أدت إلى حصول الكثيرين على وظائف مختلفة كي يتمكنوا من تلبية متطلباتهم المعيشية وهم بالتالي لن يعودوا إلى أعمالهم السابقة".
في هذا السياق، قال تقرير أصدرته في أواخر أبريل الماضي وكالة "فيتش للتصنيف الائتماني" التي تعد واحدة من وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى، إن النقص في الكوادر العاملة يعود بشكل رئيس إلى "مغادرة مواطني دول الاتحاد الأوروبي بريطانيا في أعقاب تنفيذ بريكست، وإلى انتقال بعض الموظفين للعمل في قطاعات أخرى خلال الجائحة".
وأفادت الوكالة في تقريرها بأنها تتوقع دفع شركات قطاع الضيافة مثل الحانات، والفنادق والمطاعم "نفقات إضافية على توظيف المستخدمين الجدد وتدريبهم... ما سيعني فرض ضغوط على هامش الأرباح التي تحققها".
وتابعت موضحة أنه "كان المواطنون الأوروبيون يشكلون قبل بريكست نسبة تتراوح بين 12 في المئة و24 في المئة من قوة العمال الإجمالية في قطاع الضيافة في المملكة المتحدة، طبقاً لما ذكرته شركة (كي بي أم جي)". وأضافت في التقرير نفسه "غادر العديد من هؤلاء البلاد خلال الإغلاق. ويتوجب حالياً على مواطني دول الاتحاد الأوروبي أن يحصلوا على تأشيرة دخول البلاد والعمل فيها، ما يستلزم استيفاء رواتبهم للحد الأدنى المسموح به للدخل، إلى جانب متطلبات أخرى".
وأضافت وكالة "فيتش للتصنيفات الائتمانية" معتبرة أن شركات قطاع الضيافة "قد تحتاج إلى دفع رواتب أعلى، من أجل إغراء مواطني الاتحاد الأوروبي بالمجيء للعمل فيها، خصوصاً في ذروة موسمي الصيف وأوائل الخريف، أو لتوظيف مستخدمين مهرة لتدريب العمال ممن لا يتمتعون بأي خبرة سابقة".
© The Independent