يعلق القطاع السياحي بالأقصر، جنوب مصر، العديد من الآمال على مشروع إحياء طريق الكباش، فعبر افتتاحه ستصبح تلك المدينة السياحية أكبر متحف أثري مفتوح في العالم، حيث يربط معبدي الأقصر والكرنك بطول 2700 متر يعرض خلالها 1200 تمثال تم ترميمها، كما تتابع شركات السياحة العالمية مراحل تنفيذ هذا المشروع عقب تنفيذ 97 في المئة من مراحله النهائية. "اندبندنت عربية" زارت مشروع طريق الكباش رفقة عدد من الأثريين القائمين على المشروع من المجلس الأعلى للآثار للتعرف على أهميته ومراحله وقيمته الأثرية.
طريق الكباش
قال المشرف العام على مشروع إحياء طريق الكباش مصطفى الصغير، "إن الطريق يربط بين معبدي الأقصر والكرنك بطول 2700 متر، ويضم الطريق 1200 تمثال على جانبي الطريق بهيئتين، الأولى جسم ورأس كبش وبها يرمز للإله آمون والأخير لجسم أسد ورأس إنسان". وأضاف، "المصري القديم أطلق على طريق الكباش اسم (وات نثر) أي طريق الإله، لذا كان الطريق يشهد كافة مواكب الأعياد المقدسة للمصري القديم مثل عيد الإوبت"، مشيراً إلى "أن أول اكتشاف لطريق الكباش كان منذ 72 عاماً في 18 مارس (آذار) عام 1949م على يد الأثري الراحل زكريا غنيم عبر اكتشاف ثمانية تماثيل، إلا أن مشروع إحياء الطريق تعطل عدة مرات لأسباب شعبية وسياسية على مراحل متعددة خلال حقبة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك وعقب اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني)".
وأشار الصغير إلى "أن القيادة السياسية المصرية عقدت العزم على إنهاء المشروع خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدعم غير محدود تجاوز حتى الآن المليار جنيه (63 مليون دولار 810 آلاف دولار)، وتجاوز حجم إنجاز المشروع أكثر من 97 في المئة، حيث شملت عمليات البعثات الأثرية القائمة على المشروع ترميم الكباش طبقاً لأحدث التقنيات الأثرية العالمية وإزالة التعديات والإشغالات القائمة على الطريق ووصله مع توفير خدمات سياحية متكاملة على هامش الطريق، مع تأهيل الزيارة لذوي الاحتياجات الخاصة، كل ذلك بأياد مصرية خالصة".
أهمية الطريق
يحظى مشروع طريق الكباش بمتابعة وسائل الإعلام العالمية وشركات السياحة الكبرى، بهذه الخصوص يقول رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية التابعة لوزارة السياحة محمد عثمان، "إن شركات السياحة العالمية تتابع حجم الإنجاز بمشروع إحياء الكباش بشغف واهتمام بالغين، لأن السائح يتطلع إلى أن يسير في أقدم طريق أثري عرفته البشرية يربط بين معبدي الكرنك والأقصر بطول مئات الأمتار". وأضاف، "المشروع سيحول مدينة الأقصر السياحية إلى أكبر متحف مفتوح في العالم عقب افتتاح الطريق رسمياً، مما سيجعله قبلة رئيسة لشركات السياحة الكبرى، وسط توقعات بجذب استثمارات عالمية متنوعة بمليارات الدولارات بكافة محافظات الصعيد ".
مراحل صعبة
احتجاجات واشتباكات مع قوات الشرطة شهدتها منطقة نجع أبوعصبة خلال عملية إزالة المساكن والتعديات على طريق الكباش على الرغم من التعويضات التي جرى تخصيصها للأهالي المقيمين بالمنطقة، مما أسفر عن ضبط قرابة 100 شخص من مثيري الشغب من قبل قوات الشرطة، وصاحبت عملية الإزالات حال من الغضب الشعبي خلال عام 2011.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤكد الخبير السياحي أحمد البدري، "أن أحد أبرز عقبات إنجاز طريق الكباش كانت التعديات السكانية على طريق الكباش، التي احتاجت لقرارات حاسمة لإزالتها وإنجاز المشروع"، مشيرا أن "للواء سمير فرج محافظ الأقصر الأسبق في الفترة من عام 2004 إلى 2011، الفضل الأكبر في الحصول على قرار من مجلس الوزراء المصري بنزع ملكية جميع الأراضي والمساكن المقامة على طريق الكباش ووضعها تحت بند منفعة عاملة لإنجاز المشروع القومي لطريق الكباش، مع تقديم تعويضات للحالات المستحقة".
وأشار البدري إلى "أن عملية نزع ملكية المساكن والأراضي على طريق الكباش لم تكن سهلة بالمرة، إذ شهدت الإزالة احتجاجات واشتباكات من قبل بعض الأهالي مع قوات الشرطة، كانت آخر مراحل تلك الإزالات العام الماضي لمباني نجع أبو عصبة بالكرنك"، مؤكداً "أن المشروع القومي لإحياء طريق الكباش سيجعل المواطن في مدينة الأقصر يشعر بانتعاشة اقتصادية حقيقية تعوض خسائر السنوات الماضية بسبب كورونا، إذ ستسهم في خلق فرص عمل للشباب للقضاء على البطالة عبر الاستثمارات المرتقبة التي سيجذبها المشروع خلال السنوات المقبلة".
اكتشافات أثرية على هامش الطريق
عمليات إحياء مشروع إحياء طريق الكباش كان لها الفضل في عدد من الاكتشافات الأثرية التي جاءت صدفة خلال أعمال الحفائر، مما دفع وزارة الآثار لإقامة متحف مفتوح لمنطقة طريق الكباش يعرض بها القطع الأثرية التي جرى اكتشافها.
وأشار مصطفى الصغير، المشرف العام على مشروع الإحياء، إلى "أنه خلال العمل في أعمال الحفائر الخاصة بالطريق الكباش ظهرت عدة اكتشافات أثرية مهمة منها، مقياس لمنسوب لمياه النيل أقيم خلال حكم الأسرة الفرعونية الـ 25، واكتشاف معاصر للنبيذ، تعتبر الأكمل في حالتها، كذلك عدد من أحواض الفواكه والورد، وعدد متفرقة من المناطق الصناعية، وبعض المقصورات لاستراحات الزورق المقدس".
خدمات سياحية شاملة
من جانبه، ذكر نائب محافظ الأقصر محمد عبد القادر، "أن المشروع مزود بلوحات إرشادية شاملة لشرح معلومات وافية عن المكان، كما جرى تأهيل المكان لذوي الاحتياجات الخاصة عبر تخصيص مسارات ومدارج عالية الكفاءة لهم". وأضاف، "جرت إضاءة الطريق بشكل كامل لاستقبال الزائرين خلال الفترة المسائية، كذلك أقيم على هامش الطريق متحف مفتوح لطريق الكباش لعرض التحف القطع الأثرية التي تم العثور عليها خلال عملية الحفر في الطريق لإحيائه، بالإضافة لتوفير خدمة الكافتيريات الصديقة للبيئة لتلبية طلبات السائحين الزائرين".
حفل عالمي لافتتاح المشروع
وأفاد مصدر مسؤول بوزارة الآثار "أن حجم إنجاز المشروع تجاوز 97 في المئة"، مؤكداً "أن وزارة الآثار تخطط مع عدد من الوزارات الأخرى لإقامة حفل افتتاح عالمي لمشروع إحياء طريق الكباش، يدعى له كافة وزراء السياحة في العالم، وممثلين من كافة شركات العالمية، ومندوبين عن السفارات والقنصليات الأجنبية، إضافة للاستعانة بكوكبة من أبرز الفنانين والمشاهير من مختلف الجنسيات". وعن موعد افتتاح المشروع ذكر المصدر، "أنه تقرر بشكل رسمي أن يجري افتتاحه خلال العام الحالي 2021، ومن المتوقع أن يجرى خلال احتفالات ذكرى ثورة 30 يونيو (حزيران)".