تدور قمم مجموعة الدول السبع حول الأوضاع الجيوسياسية، وليس الاقتصاد أو التمويل. وهذا ما يشغل بال وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية لأن رؤساء الحكومات لديهم كثير من الأمور الأخرى يهتمون بها، لكن الاجتماع هذا الأسبوع سيشكل أهمية اقتصادية لسببين؛ الأول أنه يتضمن أول زيارة يقوم بها جو بايدن إلى الخارج، وسيثبت أن الولايات المتحدة عادت إلى لعبة محاولة الحفاظ على اقتصاد عالمي مفتوح، في تناقض حاد مع الإدارة السابقة.
ثانياً، بفضل الطفرة الاقتصادية القوية (المفرطة ربما في القوة) في أميركا، ستعود الولايات المتحدة إلى مستويات ما قبل الجائحة الشهر المقبل، أو نحو ذلك، في حين تستطيع المملكة المتحدة وأوروبا، وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تقطع شوطاً كبيراً. وعلى هذا فهناك زعامة عملية، وليس زعامة سياسية فحسب. فمجموعة الدول السبع الكبرى ليست على القدر نفسه من الأهمية الذي كانت عليه في سبعينيات القرن العشرين حين تأسست المجموعة السابقة لها. في ذلك الوقت، كان أعضاؤها – الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وكندا – يستأثرون بنحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. والآن، وفق البنك الدولي، تبلغ هذه النسبة 45 في المئة.
ومن حسن الحظ أن الهند، وهي إحدى الدول العملاقة سريعة النمو، وجهت إليها الدعوة أيضاً، إلى جانب جنوب أفريقيا وأستراليا وكوريا الجنوبية. وعلى هذا، فإن ما يزيد على نصف الاقتصاد العالمي سيكون ممثلاً في كورنوال، وفق حساباتي السريعة، لكن لن تحضر الصين أو البرازيل أو روسيا – سيلتقي بايدن مع (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتن في جنيف نهاية الأسبوع، لكن اهتماماتهما ستكون أمنية، وليست اقتصادية.
فما الذي يجب أن نبحث عنه؟ الأمر الأكبر هو أي تلميحات إلى الطريقة التي سيحقق بها التعافي في الأشهر المقبلة. وسيكون أحد العوامل سرعة طرح اللقاحات. ونحن ندرك جميعاً الآن تمام الإدراك أن أي دولة ليست جزيرة في ما يتصل بالفيروسات؛ ما لم يوقف تماماً كل السفر – وهو إجراء يحمل تكاليف باهظة – ستتسابق الفيروسات في مختلف أنحاء العالم.
لذلك، وبعيداً عن أي حتمية أخلاقية، ففي مصلحة العالم المتقدم بقوة أن يساعد العالم الناشئ في الحصول على اللقاحات في شكل أفضل، سواء على أساس ثنائي أو من خلال برنامج "كوفاكس" التابع لمنظمة الصحة العالمية.
بعد ذلك، نحتاج إلى معرفة معلومات عن السفر. قبل انتشار الجائحة، كانت السياحة والسفر يشكلان نحو 10 في المئة من الاقتصاد العالمي. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن بعض أفقر البلدان عانت من انهيار السياحة الدولية، لكن أجزاء من العالم المتقدم تعرضت إلى أضرار فادحة أيضاً. فبالنسبة إلى إيطاليا والمكسيك وإسبانيا، تمثل السياحة نحو 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي مسألة خاصة بالنسبة إلى بريطانيا، فعلى على الرغم من أن المملكة المتحدة تعاني عجز صاف في مجال السياحة وازدهار العطلات المحلية، تعد لندن المركز الجوي الوحيد الأكبر للركاب على مستوى العالم، لذلك دعونا نرى ما قد ينشأ عن استئناف الرحلات الدولية الآن، بعد أن حصل أغلب الناس في أغلب بلدان العالم المتقدم على جرعة لقاح واحدة على الأقل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتعين علينا أيضاً أن نعرف معلومات عن الخطط والتقدم نحو خفض الانبعاثات الكربونية. هذا مجال ضخم مسيس على نحو مثير للقلق، إلى حد يجب معه فرز كل ما هو جديد ومهم حقاً من بين كم هائل من التصريحات الورعة. ولا أظن أن من المفيد أن نولي قدراً أعظم مما ينبغي من الاهتمام لما يقال، بل يتعين علينا بدلاً من ذلك أن ننظر إلى الأفكار العملية التي تنشأ، والتي قد تعجل بالتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. ولنتذكر أيضاً أن الصين تطلق كمية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي أكبر من مجموع غازات العالم المتقدم. ولا هدف في مهاجمة الصين بسبب ذلك، لكن دعونا نرى ما قد ينشأ وقد يؤدي إلى تغييرات في السياسات هناك. نحن في حاجة إلى بعض الفهم لما إذا كان مؤتمر الأطراف الـ26 المناخي المقبل الذي سيعقد في غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) سيشكل انتصاراً أو كارثة، أو شيئاً بين الاثنين.
وأخيراً، سأبحث عن دعم على أعلى مستوى للاتفاق الذي توصل إليه وزراء مالية مجموعة الدول السبع نهاية الأسبوع الماضي لفرض ضريبة على الشركات لا تقل عن 15 في المئة. لقد تعرضت هذه الاتفاقية إلى الانتقاد لأنها لم تمض بعيداً بالقدر الكافي، لكن التوصل إلى أي اتفاق على الإطلاق كان بمثابة مرحلة رئيسة حقيقية في التعاون الضريبي العالمي. ولم يحدث ذلك من قبل قط، لكن الاتفاقيات جيدة بجودة تنفيذها – سواء لجهة روحيتها أو قانونيتها. لذلك، دعونا نرى إلى أي مدى يدعم رؤساء الحكومات وزراء ماليتهم.
من السهل أن نسخر من القمم الاقتصادية الكبرى. فأغلبها تبدو في شكل استرجاعي أقل أهمية منها لدى انعقادها. فمن يتذكر ما حدث عام 2005 أو عام 2018؟ لكن يتعين علينا أيضاً أن نتذكر الطريقة التي ساعد بها التعاون الدولي بقيادة غوردون براون في إنقاذ الاقتصاد العالمي بعد الانهيار المالي عام 2008. وأنا أعلم أنه تعرض إلى السخرية بسبب زلة لسانه، إذ قال إنه أنقذ العالم – لكن لا ينبغي لنا أن ننظر نظرة فوقية إلى التعاون العالمي.
نحن لم نخرج من الأزمة بعد، وكل ما تستطيع مجموعة الدول السبع القيام به لمساعدتنا في الخروج سيكون موضع ترحيب كبير.
© The Independent