تبين أن حيوانات منوية لمجموعة من الفئران حفظت بواسطة التجميد المجفف على متن "محطة الفضاء الدولية" (ISS) طوال ست سنوات تقريباً لم تتعرض لأي تلف في حمضها النووي DNA، وكانت قادرة على أن تثمر "صغار فئران بصحة جيدة في الفضاء"، حسبما وجدت دراسة حديثة.
وفق العلماء، تلقي نتائج الدراسة مزيداً من الضوء على ما إذا كان في مقدور الثدييات، ومن بينها البشر، أن تتكاثر في الفضاء.
إلى جانب تجارب خاضها العلماء على الأرض، وفيها تعرضت حيوانات الفئران المنوية للأشعة السينية (أو أشعة أكس)، وجد البحث، الذي نُشر يوم الجمعة الماضي في مجلة "ساينس أدفانس"Science Advances ، أنه ربما يكون ممكناً حفظ خلايا الحيوانات المنوية الخاصة بالثدييات على متن "محطة الفضاء الدولية" لمدة 200 عام تقريباً.
بينما أدرك الباحثون منذ زمن طويل أن التعرض للإشعاع في الفضاء الخارجي يمكن أن يدمر الحمض النووي في الخلايا، وأن يؤدي إلى طفرات تنتقل إلى الصغار، حال النقص في الثلاجات على متن "محطة الفضاء الدولية" دون تمكنهم من إجراء بحث طويل الأجل على خلايا حية.
قبل الآن، استندت نماذج "ناسا" بشأن تسبب الإشعاع الفضائي بالسرطان إلى بيانات خاصة بناجين من القنبلتين الذريتين اللتين سقطتا على "هيروشيما" و"ناغازاكي" اليابانيتين، "وليس إلى تجارب حقيقية في الفضاء، كما قال فريق البحاثة، الذي يضم ساياكا واكاياما من "جامعة ياماناشي" في اليابان.
بغية تخطي تلك المعوقات، حفظ الباحثون عينات من حيوانات منوية مأخوذة من 12 فأراً، مستخدمين عملية التجميد المجفف، وأبقوا عليها في كبسولات صغيرة خفيفة الوزن محكمة الإغلاق، ثم نقلوها على متن صواريخ إلى "محطة الفضاء الدولية"، من دون حاجة إلى ثلاجة.
نظراً إلى المزيج المعقد من أنواع الإشعاعات المختلفة في الفضاء، يعتقد العلماء أن التجارب التي تتوخى تقييم تلف الحمض النووي على الأرض ليست كافية لاكتشاف الحقائق الصحيحة حول الظروف خارج غلافنا الجوي.
"خلافاً لكوكب الأرض، تتحرك في الفضاء أنواع كثيرة ومتنوعة من الإشعاع. مثلاً، تنتشر هناك أيونات ثقيلة، وبروتونات، وموجات كهرومغناطيسية تنبعث من التوهجات الشمسية"، حسبما أخبر واكاياما "اندبندنت".
وأضاف موضحاً أنه "على الأرض، من الصعب تعريض مادة ما إلى الإشعاع، وإعادة إنتاج تلك الأنواع كلها في الوقت نفسه، لذا أعتقد أن تحديد مستوى تلف الحمض النووي في العينات البيولوجية لن يكون ممكناً إلا في الفضاء".
واظب العلماء على تفحص أجزاء صغيرة من العينة بين فترة وأخرى، إذ أعادوا بعضاً منها إلى الأرض، بعد مضي تسعة أشهر، فيما تركوا مجموعتين أخريين على متن "محطة الفضاء الدولية" طوال سنتين وتسعة أشهر، وخمس سنوات و10 أشهر، على التوالي.
استخدم الباحثون أدوات حددت مقدار الإشعاع الذي امتصته العينات، وبواسطة مجموعة من الاختبارات تبينوا مستوى الضرر الذي تعرض له الحمض النووي في نواة الخلية، فوجدوا أن فترات طويلة على متن "محطة الفضاء الدولية"، لم تؤد إلى تلف الحمض النووي في الحيوانات المنوية المحفوظة بالتجميد المجفف.
"بلغ إجمالي كمية الإشعاع الفضائي التي امتصتها "محطة الفضاء الدولية"، وفق قياسات "وكالة استكشاف الفضاء اليابانية" ("جاكسا" JAXA)، 0.41 ملغراي (mGy) يومياً"، على ما أوضح واكاياما لـ"اندبندنت".
في المقابل، تتراوح جرعة الإشعاع التي تستخدم عادة في علاج سرطانات من قبيل الأورام الصلبة في الخلايا الظهارية (الخلايا التي تبطن السطح الخارجي أو الداخلي للأعضاء) من 60 إلى 80 غراي.
بعد تعريض الحيوانات المنوية المجففة بالتجميد للأشعة السينية على الأرض، أظهرت النتائج أن في وسعها أن تتحمل حتى 30 غراي من الإشعاع الفضائي. وأضاف واكاياما أن تلك الحيوانات المنوية (ما زال) في إمكانها أن تثمر الجيل التالي من الفئران عند تعريضها لما يصل إلى 30 غراي من الأشعة السينية.
وأشارت الدراسة إلى أنه عند حقن خلايا الحيوانات المنوية المجففة في خلايا مبيض جديدة ونقلها إلى إناث الفئران، أنتجت "صغار فئران مولودين في الفضاء يتمتعون بصحة جيدة".
كتب العلماء في الدراسة أنه "على الرغم من وجود أوجه اختلاف بين التلف الذي يتعرض له الحمض النووي نتيجة الأشعة السينية والضرر الذي يطاله بسبب الإشعاع الفضائي، يمكننا أن نتوقع عموماً، أنه في المستطاع حفظ الحيوانات المنوية المجففة بالتجميد في "محطة الفضاء الدولية" لأكثر من 200 سنة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق العلماء، وُلد ما مجموعه 168 فأراً جديداً من حيوانات منوية مخزنة في الفضاء طوال ست سنوات، وتمتعت كلها بشكل طبيعي، ولم يمس أنماط نشاطها الجيني أي تشوهات، وذلك مقارنة مع فئران ولدت من حيوانات منوية محفوظة على الأرض.
ويعتقد العلماء أن بحوث تجارب إضافية مماثلة على متن "محطة الفضاء الدولية" في مقدورها أن تسلط الضوء أكثر على التأثيرات التي يطرحها الإشعاع الفضائي، وعلى قدرة أشكال الحياة على تحمل فترات البقاء الطويلة في الفضاء.
© The Independent