استضافت العاصمة القطرية الدوحة، يوم الثلاثاء، ثلاثة اجتماعات عربية، أولها كان تشاورياً لوزراء الخارجية العرب الذي دعت له قطر باعتبارها رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية.
وبحث الاجتماع، تعزيز العمل العربي المشترك، والتشاور والتنسيق حول تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومناقشة سبل دعم المبادرات العربية لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.
أزمة سد النهضة
أما الاجتماع الثاني الطارئ فكان لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية الذي دعت له مصر والسودان، لبحث تطورات أزمة سد النهضة.
وأكد وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماعهم الطارئ لمناقشة هذه الأزمة على أن الأمن المائي لكل من السودان ومصر هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وعلى رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل.
وأعرب الوزراء بحسب القرار الذي حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه عن التقدير للجهد الذي بذلته جنوب أفريقيا خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي في تسيير مسار مفاوضات سد النهضة، كما أعربوا كذلك عن التقدير للدور الذي يضطلع به الرئيس فيليكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، من أجل التوصل إلى تسوية عادلة لقضية سد النهضة.
دعوة مجلس الأمن للانعقاد
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بعد الاجتماع، "إن الدول العربية تدعو مجلس الأمن الدولي للانعقاد لبحث الخلاف بشأن اعتزام إثيوبيا ملء سد النهضة الذي تشيده على النيل الأزرق".
وتعلق إثيوبيا آمالها في التنمية الاقتصادية وتوليد الكهرباء على السد. وتعتمد مصر على نهر النيل للحصول على 90 في المئة من احتياجاتها من المياه العذبة، وترى أن السد ربما يمثل تهديداً وجودياً لها. ويشعر السودان بالقلق بشأن تشغيل سدوده على النيل ومحطات المياه لديه.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع أبو الغيط، قال وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، "إن الوزراء اتفقوا على خطوات سيجري اتخاذها تدريجاً لدعم مصر والسودان في النزاع حول السد". لكنه لم يدل بتفاصيل.
وأضاف أن الدول العربية تدعو الأطراف إلى التفاوض الجاد والامتناع عن أي خطوات أحادية الجانب تضر بالدول الأخرى، في إشارة على ما يبدو لاعتزام إثيوبيا استكمال المرحلة الثانية لملء السد خلال موسم المطر.
واتفق السودان ومصر بالفعل هذا الشهر على العمل معاً لدفع إثيوبيا إلى التفاوض على اتفاق لملء وتشغيل السد، وذلك بعد الجمود المستمر في محادثات يرعاها الاتحاد الأفريقي.
ودعت الدولتان المجتمع الدولي إلى التدخل. ووصف أبو الغيط الأمن المائي لمصر والسودان بأنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
ورفضت إثيوبيا في السابق دعوات مصرية وسودانية لضم وسطاء من خارج الاتحاد الأفريقي. وقال السودان يوم الاثنين، إنه مستعد لاتفاق جزئي موقت بخصوص السد، الذي تكلف مليارات الدولارات، وبشروط محددة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التفاوض إلى ما لا نهاية
وخلال الاجتماع دعا وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الدول العربية إلى دعم المسعى المصري السوداني إزاء قضية سد النهضة، مشدداً على أن صبر بلاده تعرض لاختبارات عدة، وتصرفت مصر "من منطلق إدراكها لتبعات تصعيد التوتر على أمن واستقرار المنطقة".
وقال شكري خلال كلمته، "إنه ليس من المقبول أن يستمر التفاوض إلى ما لا نهاية"، بخاصة مع إدراك بلاده نوايا الطرف الآخر، وإقدامه على خطوات أُحادية تُفرغ أي تفاوض من مضمونه، على حد قوله. ووصف شكري سلوك إثيوبيا بـ"المراوغ" قائلاً، "إن أديس أبابا تظن أنها قادرة على فرض رؤيتها وتجاهل مواقف الآخرين".
ولم يحدث "أي تطور" في المحادثات منذ المفاوضات التي عقدت في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية في أبريل (نيسان) الماضي برعاية من الاتحاد الأفريقي.
وقد أرجعت مصر فشل المفاوضات في كينشاسا لما وصفته بـ"التعنت الإثيوبي" وغياب الإرادة السياسية للتفاوض بـ"حسن نية".
بينما اتهمت إثيوبيا مصر والسودان بعرقلة المحادثات بشأن السد النهضة المتنازع عليه على نهر النيل، التي انتهت باتهامات متبادلة وتقدم ضئيل.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، في بيان على "تويتر" في حينه، إن الاجتماع فشل "بسبب الموقف المتشدد لمصر والسودان في جعل التفاوض والنتيجة أداة لتأكيد نصيبهما من المياه وحجز حصة إثيوبيا".
وقالت إثيوبيا، إن المحادثات تركزت على دور المراقبين للوساطة (جنوب أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي)، وإن مصر والسودان تريدان أن يكون لهما نفس دور الاتحاد الأفريقي، وهو ما قالت إثيوبيا إنها لا تقبله.
وقال البيان الإثيوبي "اتبعت الدولتان نهجاً يسعى لتقويض العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي"، مضيفاً أن مصر والسودان سعيا إلى المماطلة و"عرقلة العملية" برفض مسودة البيان.
القضية الفلسطينية
بينما جاء الاجتماع الثالث ليناقش القضية الفلسطينية، وهو اجتماع للجنة الوزراية العربية المعنية بمتابعة التحرك العربي ضد السياسات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في مدينة القدس المحتلة.
وأكدت مصر في اجتماع اللجنة مواصلة الجهود لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة لتحقيق الهدوء والاستقرار المرجو، وأن مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتقديم الدعم لإعادة الإعمار والوفاء بالحاجات التنموية للفلسطينيين تعكس التزام مصر الراسخ تجاه القضية.
وقررت اللجنة اختيار الأردن لرئاستها، ورحبت بمشاركة الجزائر في الاجتماع لحين صدور قرار الدورة المقبلة.
كما قررت القيام بمجموعة من الخطوات والإجراءات والاتصالات مع مراكز التأثير والقرار في المجتمع الدولي بهدف وقف الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية التي تستهدف تغيير الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للقدس المحتلة، والوضع القانوني والتاريخي القائم في المدينة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وتقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة.
وتم تكليف الأمانة العامة ومختلف مجالس السفراء العرب في العواصم الدولية المعنية باتخاذ عدد من الإجراءات تنفيذاً للتفويض الممنوح للجنة.
وجاء الاجتماع التشاوري بحسب بيان الجامعة العربية في إطار حرص مجلس الجامعة، على مستوى وزراء الخارجية، على رفع وتيرة وكثافة العمل العربي حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك للدول الأعضاء وفي مقدمتها الموضوعات ذات الطبيعة السياسية.