بالتزامن مع تأجيل مصر جولة الحوار الوطني الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، حتى قبل أن تبدأ، بادرت حركة "حماس" إلى تعيين رئيس جديد للجنتها الإدارية الحكومية في قطاع غزة، في خطوة رفضتها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، واعتبرتها "تكريساً للانقسام، وتمهيداً لانفصال القطاع عن الضفة الغربية".
ومسنودة بارتفاع شعبيتها بين الرأي العام الفلسطيني عقب حرب غزة، الشهر الماضي، تشدد حركة "حماس" على أن الوضع الداخلي الفلسطيني بعد الحرب لن يكون كما قبلها.
ولا يترك رئيس حركة "حماس" في غزة، يحيى السنوار، فرصة منذ أسابيع إلا ويؤكد أن "كل ما كان يطرح في الوضع الداخلي الفلسطيني قبل 21 مايو (أيار) لم يعد صالحاً بعد ذلك"، معتبراً أن "الحديث عن حكومات واجتماعات هدفها استهلاك المرحلة وحرق الوقت ليس مجدياً ولن يكون مقبولاً".
تأجيل جولة الحوار الأخيرة
وأدى اختلاف الأولويات بين حركتي "حماس" و"فتح" إلى لجوء القاهرة إلى تأجيل جولة الحوار الأخيرة إلى أجل غير مسمى حتى قبل بدئها.
وبينما تُصّر "حماس" على البدء بملف إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لدخولها إلى النظام السياسي، تتمسك حركة "فتح" بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على توحيد مؤسسات الدولة في الضفة وغزة وتشرف على إعادة الإعمار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره "حماس" تعيين عصام الدعاليس رئيساً للجنة متابعة العمل الحكومي خلفاً لمحمد عوض، الذي تسلّم منصبه في منتصف عام 2019، وأضاف المكتب الإعلامي أن تكليف الدعاليس جاء بعد مصادقة المجلس التشريعي الذي حلّته المحكمة الدستورية الفلسطينية في رام الله.
ومنذ عام 2017 شكّلت حركة "حماس" لجنة إدارية تتكون من وكلاء الوزارات المختلفة لإدارة الأوضاع في قطاع غزة الذي سيطرت عليه منذ عام 2007.
إصرار على الانفصال
وكانت "حماس" حلّت اللجنة في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2017 كبادرة حسن نية، ولتمكين حكومة التوافق الوطني، قبل أن تعيد تفعيلها بعد فشل الحكومة، من القيام بمسؤوليتها في قطاع غزة، وتقول حركة "حماس" إن اللجنة تهدف فقط إلى تحسين إدارة الواقع الحكومي في غزة بعد "تخلّي الحكومة عن القيام بمسؤولياتها في القطاع".
لكن المتحدث باسم حركة "فتح"، إياد نصر، أشار إلى أن تعيين "حماس" رئيساً جديداً للجنتها الحكومية يشير إلى "إصرارها على الانفصال، والبعد عن الوحدة الوطنية، ويشكل انحرافاً عن الجهد المصري لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام".
"حركة حماس تقيم نظاماً سياسياً موازياً في قطاع غزة، وتفرض حكومة ومجلساً تشريعياً يعيدنا إلى نقطة الصفر في جهود إنهاء الانقسام"، على حد قول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، الذي حمّل الحركة "المسؤولية عن إفشال جولة الحوار في القاهرة من خلال مطالب لا تؤسس قاعدة لاستئناف الحوار".
إحكام السيطرة
واعتبر أستاذ الدراسات الإقليمية في جامعة القدس، عبد المجيد سويلم، أن تعيين رئيس للجنة في قطاع غزة "يعكس رغبة حركة حماس في إحكام سيطرتها على قطاع غزة، وتكريس انفصالها عن الضفة الغربية بعد تكريس الانقسام القائم منذ 15 عاماً"، وأضاف سويلم أن "حماس" ترى بعد حرب غزة أنها "أصبحت أكثر قوة، وبإمكانها تغيير المعادلة الداخلية، مضيفاً أن ذلك يأتي في ظل سلوك مصري "يمسك العصا من المنتصف بشأن المصالحة بين حركتي فتح وحماس"، وشدد على أن "حماس" "تحاول الاستقواء بالموقف المصري، واستثماره والذهاب إلى أبعد ما يعتقده المصريون".