توفيت الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة عن 93 عاماً، في منفاها الأميركي، بعدما غادرت العراق في منتصف الثمانينيات، عندما ضاقت بها سبل العيش في ظل الحكم البعثي. شاعرة عراقية محدثة، ورائدة من رواد الشعر العربي الحديث وتحديداً شعر القصيدة التفعيلية، وتعد أحد أعمدة الشعر المعاصر في العراق.
ولدت الشاعرة عام 1929 لعائلة عريقة ومشهورة في بغداد، في منطقة الكريمات، وهي منطقة تقع في قلب المنطقة القديمة من بغداد، والقائمة بين جسر الأحرار والسفارة البريطانية على ضفة نهر دجلة في جانب الكرخ. تنتمي إلى الطائفة الصابئية المندائية، وجاء لقبها عمارة من مدينة العمارة حيث ولد أبوها. وهي ابنة خالة الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد الذي كتب عنها في مذكراته كثيراً وامتدح شخصيتها كامرأة وشاعرة.
حصلت على شهادة الثانوية العامة في بغداد. ودرست في دار المعلمين العالية –كلية الآداب– وقد صادف أن اجتمع عدد من الشعراء في تلك السنوات في ذلك المعهد، ومنهم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم، وكان التنافس الشعري بينهم شديداً، ونجمت عنه ولادة الشعر الحر، الذي شاركت في ولادته أيضاً الشاعرة نازك الملائكة. حصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة 1950، وعينت مدرّسة في دار المعلمات.
كانت عضواً في الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد (1975–1963)، وعضواً في الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد، وكانت أيضاً نائباً للممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس (1973–1975)، ومديراً الثقافة والفنون في الجامعة التكنولوجية - بغداد.
بدأت لميعة كتابة الشعر في وقت مبكر من حياتها منذ أن كانت في الثانية عشرة، وكانت ترسل قصائدها إلى الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي الذي كان صديقاً لوالدها، ونشر لها في مجلة "السمير" التي كان يصدرها، أول قصيدة وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وقد عززها أبو ماضي بنقد وتعليق، وأدرجها في الصفحة الأولى من المجلة وقال: "إن في العراق مثل هؤلاء الأطفال فعلى أية نهضة شعرية مقبل العراق؟".
كتبت الشعر الفصيح فأجادت فيه، كما كتبت الشعر العامي وأجادت كذلك، أحبت الشاعرة لغتها العربية وتخصصت بها ومارست تدريسها فتعصبت لها أكثر من دون أن تتنكر للغة العامية، فوجدت نفسها في الاثنتين معاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كانت ترى في اللغة العربية الفصيحة وسيلتها للتواصل مع الآخرين، ووجدت في لهجتها العراقية العامية ما يقربها من جمهورها المحلي الذي استعذب قصائدها، فتحول بعضها إلى أغنيات يرددها الناس. ومن قصائدها المعروفة قصيدة "أنا عراقية" بمطلعها "لا"، وقد كتبت هذه القصيدة عندما حاول أحد الشعراء مغازلتها في مهرجان المربد الشعري في العراق بحيث قال لها: "أتدخنين.. لا... أتشربين... لا... أترقصين.... لا... ما أنتِ جمع من الـلا فقالت أنا عراقية".
من دواوينها الشعرية: الزاوية الخالية (1960)، وعودة الربيع (1963)، وأغاني عشتار (1969)، ويسمونه الحب (1972)، ولو أنبأني العراف (1980)، والبعد الأخير (1988)، وعراقية (1990).
كرمت الشاعرة في العراق والولايات المتحدة وكرمتها أيضاً الدولة اللبنانية ومنحتها وسام الأرز تقديراً لمكانتها الأدبية، لكنها لم تتسلم الوسام بسبب الأوضاع الأمنية في لبنان خلال الحرب الأهلية التي كانت قائمة آنذاك، فكتبت: «على أي صدر أحط الوسام/ ولبنان جرح بقلبي ينام".