بمشاركة فلسطينية واسعة وبحضور كبير لسكانها المهجرين في الداخل، أقام فلسطينيو 48 مسيرة العودة على أرض قرية خبيزة التي تعرضت للتهجير بعد حرب 1948، رافعين الأعلام الفلسطينية وأسماء عدد من القرى المهجرة، صارخين بشعار واحد "عدم تنازلهم عن حق العودة".
هذه المسيرة السنوية يقيمها فلسطينيو 48 في اليوم نفسه الذي تحتفل فيه إسرائيل بما تسميه "عيد الاستقلال"، فبينما يرقص الإسرائيليون ويحتفلون بإقامة دولة إسرائيل، يسير الفلسطينيون إلى واحدة من بين 530 قرية هُجرت في العام 1948، تحت شعار "يوم استقلالكم يوم نكبتكم"، في مسيرة يطوفون خلالها القرية ويقفون على كل شاهد لفلسطينيتها بقي منذ العام 48.
عازمون على محو آثار النكبة
وتبادر لهذه المسيرة جمعية "الدفاع عن حقوق المهجرين" التي قال القائمون عليها "71 سنة مرت على نكبة شعبنا الفلسطيني وملايين اللاجئين الفلسطينيين لا يزالون مشتتين في مخيمات اللاجئين في الوطن والشتات، محرومين من ممارسة حقهم الطبيعي في العودة والعيش على أراضيهم وفي قراهم ومدنهم". وبين عام وآخر، تتعرّض قضية اللاجئين إلى محاولات شتّى لشطبها من الوجود، سواءً من خلال اشتراط إسرائيل التخلي عنها في المفاوضات العقيمة، أو الإمعان في محاولات توطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها، والتنكّر لحقوقهم التي أقرّها القانون الدولي، في وقت تواصل إسرائيل "مخططاتها الإجرامية لشطب قُرانا ومدننا المهجّرة من الخارطة والاستيلاء على أراضيها ومحاولة طمس هويتنا القومية وتشويه ذاكرتنا الجماعي" بحسب الجمعية.
وندد منظمو المسيرات "بقيام العصابات الصهيونية باحتلال قرانا ومدننا وتهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني، إثر ارتكاب مجازر تقشعّر لها الأبدان، وتدمير أكثر من 530 قرية ومدينة، ومصادرة أملاكنا وأراضينا، ولم تكتف إسرائيل بذلك بل واصلت تدمير عشرات القرى العربية غير المعترف بها خصوصاً في النقب، ومصادرة الأراضي والاستيلاء عليها، وهدم البيوت، وترحيل المواطنين، ليتسنّى لها بناء المستوطنات والمدن اليهودية على حساب حقوق وممتلكات أهلنا".
وبعد المسيرة، تحدث ممثلون عن مختلف الأطر، وكانت الكلمة المركزية لرئيس اللجنة العليا لمتابعة شؤون فلسطينيي 48 محمد بركة، الذي قال "إننا لا نحيي ذكرى النكبة، بل نحن نشهر موقفنا بأننا عازمون على محو آثار النكبة بالعودة وتقرير المصير، لشعبنا عامة وفي أماكن وجودنا كافة. شعبنا سيدوس على الصفقات الأميركية، لأنه صاحب حق في وطنه".
كما تطرق بركة في كلمته إلى الوضع الذي تشهده غزة ومعاناة سكانها، قائلاً "نعتز بشعبنا في غزة البطلة المحاصرة، التي تعصى الطغيان والحصار، ونقول لهم، لن تكونوا وحدكم فكل شعبكم معكم. إن الاضطهاد والإذلال يطال شعبنا في الضفة، وشعبنا عامة، وآن الأوان لتهب انتفاضة شعبية حقيقية على الاحتلال، هذا هو المطلب الآني كي يفهم صناع مؤامرة صفقة القرن أن هناك شعباً يحمي رموزه، ويحمي ثوابته ويحمي قدسه، يحمي غزة، ويحمي حق العودة".
وانتقد بركة الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترمب وسياستها في المنطقة التي تجهض عملية السلام، قائلاً "من هنا نبعث برسالة باسم شعبنا كله، إلى البيت الأبيض وكل من يؤيده: إعملوا 100 صفقة بـ 100 قرن، فكل صفقاتكم تحت أقدامنا سندوسها لأننا أصحاب حق في هذا الوطن".
قرية خبيزة المهجرة
تقع قرية خبيزة جنوب مدينة حيفا على تلة متوسطة الانحدار، وتبعد عنها حوالى 40 كيلومتراً، على الطريق العام الذي يصل الساحل بمرج ابن عامر، وتبعد 16 كيلومتراً عن البحر المتوسط. كان عدد سكانها في العام 1948 حوالى 335 شخصاً، وكان عدد بيوتها 67 منزلاً وكانت مبنية على مسطح مساحته 11 دونماً. سقطت القرية بين 12 و14 مايو (أيار) في العام 1948، وتهجر سكانها الى البلدات الفلسطينية المحيطة بها، ولم يتمكنوا من العودة إليها حتى اليوم.
جاء سقوط القرية عقب معركة "مشمار هعيمق"، وقد حاول جيش الإنقاذ العربي بقيادة فوزي القاوقجي، في 4 أبريل (نيسان) من العام نفسه، احتلال كيبوتس مشمار هعيمق الواقع بين قرى أبو شوشة وأبو زريق والغبيات. كان يبدو في أول المعركة أن جيش الإنقاذ سيهزم قوات المنظمات اليهودية التي كانت داخل الكيبوتس، إلا أنها انتهت بعد حوالى أسبوع، بنجاح قوات الهجناه بصد جيش الإنقاذ، والمبادرة بهجوم على القرى الفلسطينية الموجودة في تلك المنطقة. ويذكر الكاتب الإسرائيلي بني موريس أن دافيد بن غوريون أذن في تلك المعركة بشكل واضح بطرد السكان الفلسطينيين وهدم قراهم.
أنشئت القرية على السفح الجنوبي لجبل حجوة، في جبال الكرمل، وترتفع عن سطح البحر 175 متراً. يمر بشمالها، وعلى بعد كيلومتر واحد، نهر السنديانة بجزئه الأعلى (ويسمى أيضاً وادي العرايس ويسميه أهل القرية الوادي الشمالي).