بينما لا تنفك منتجات مختلفة من قبيل أدوات الاختبار المنزلية لفحص الجينات وكشف الأنساب تزداد شعبية، توجهت إحدى اللجان التابعة لمجلس العموم البريطاني في دعوة إلى حكومة المملكة المتحدة تحثها فيها على أن تعيد النظر في مدى السهولة التي تباع بها الاختبارات الجينية الوراثية مباشرة للمستهلكين.
في سبتمبر (أيلول) الماضي، نشر عدد من الوزراء في بريطانيا تقريراً بعنوان "جينوم المملكة المتحدة"، يقدم استراتيجية مدتها 10 سنوات ترمي إلى أن تحظى بريطانيا بـ"نظام الرعاية الصحية الجينومي الأكثر تقدماً في العالم"- وتشتمل على خطط من أجل إنشاء شركات رعاية صحية جديدة متخصصة بالجينومات، وتعزيز الاستثمارات في هذا القطاع الخاص .
ولكن في "تقرير الاختبارات الجينية الموجهة مباشرة إلى المستهلك" (Direct-to-consumer genomic testing Report )، الذي نُشر يوم الثلاثاء الماضي، كانت النصيحة التي وجهها برلمانيون في "لجنة العلوم والتكنولوجيا" إلى صانعي السياسات في المملكة المتحدة ضرورة التصدي للمخاطر المحتملة التي يطرحها التوافر والنطاق المتزايدان للاختبارات الجينية المنزلية الموجهة مباشرة إلى المستهلكين.
تشمل تلك الاختبارات منتجات تكشف عن أصول الأسرة والسمات الوراثية، فضلاً عن تقديم نتائج متصلة بالحالة الصحية.
مستنداً إلى أدلة مستمدة من شركات متخصصة بالفحوص الجينية وخبراء في الرعاية الصحية ومراكز بحوث، يقدم التقرير توصيات عدة كي تنظر الحكومة فيها عند تحديثها اللوائح التنظيمية.
خضوع الاختبارات الجينية لتقييم من جانب هيئة مستقلة قبل تسويقها
يعتقد أعضاء البرلمان أن هذا التقييم يجب أن يقيس الفاعلية السريرية للاختبارات - بمعنى تحديد قدرتها على توفير معلومات عن علاج مرض ما، وإمكانية تحقيق نتائج صحية أفضل - بالإضافة إلى الشرط الحالي بالتوصل إلى الأداء التحليلي، الذي يشرح مدى كفاءة الفحص في التعرف إلى وجود جين معين لدى المستهلك.
تطوير المعايير التقنية
ذكر التقرير أن تحديد تلك المعايير التقنية على نحو واضح من شأنه أن يزيد الجهود البحثية في هذا المجال سهولة، ويخفض العبء الواقع على "هيئة خدمات الصحة الوطنية" البريطانية ("أن أتش أس" NHS) في ما يتصل بإجراء فحوص جديدة لمرضى كانوا خضعوا لاختبارات جينية اشتروها بأنفسهم. كذلك سيكون في مقدور المستهلكين التمييز بين المنتجات عالية الجودة والجديرة بالثقة ونظيرتها المتدنية المستوى.
إمكانية تحديث النصائح والدعم المتاحين عند توفير الاختبارات
من شأن ذلك، وفق أعضاء البرلمان أن يشمل، مثلاً، اشتراط تقديم الاستشارة الوراثية الملائمة تبعاً لشدة الحالة التي تخضع للاختبار، والنص على القدرة التنبؤية للاختبارات إلى جانب النتائج.
إعادة النظر في استخدام الاختبارات الجينية على الأطفال
بعد الاستماع إلى أدلة من "مجلس نوفيلد لأخلاقيات علم الأحياء" وباحثين في هذا المجال، أشارت "لجنة العلوم والتكنولوجيا" إلى مخاوف بشأن استخدام الاختبارات الجينية بشكل غير لائق على الأطفال العاجزين بطبيعة الحال عن إعطاء موافقة مستنيرة للخضوع لها.
تحديث إطار حماية بيانات الاختبارات الجينية في المملكة المتحدة
على الحكومة البريطانية أن تراجع مدى كفاية إطار الحماية البريطاني الخاص ببيانات الاختبارات الجينية الموجهة مباشرة إلى المستهلكين، بما في ذلك المخاطر والفرص التي تطرحها التطورات التكنولوجية في هذا الشأن، والأعداد المتزايدة من الزبائن الذين يلجأون إلى تلك الفحوص.
غريغ كلارك، وهو نائب من حزب "المحافظين" يرأس "لجنة العلوم والتكنولوجيا"، أقر في تصريح له أن الفحوص الجينية المنزلية "فتحت الباب أمام ثروة من المعلومات الجديدة عن أسلافنا، وصحتنا، وحتى احتمالية الإصابة بمرض ما"، غير أنه قال إن المستهلكين يحتاجون إلى التوجيه المناسب بشأن الاختبارات الجينية .
وذكر في هذا الصدد "أن الاختبار الجيني، الذي يجريه المستهلك بشكل صحيح، يقدم إمكانات كبيرة للمعرفة الفردية، ويوفر بيانات قادرة على تعزيز البحث الطبي".
"ولكن مع ذلك، يمكن أن تثير هذه التقنيات أسئلة حول الجودة، التي يصعب على المستهلكين تقييمها، ويمكن أن تطرح أحياناً أسئلة أخلاقية صعبة،" وفق كلارك.
وأضاف كلارك أن الحكومة البريطانية تلتزم بتقديم "معيار ذهبي" للمعايير الأخلاقية والتنظيمية التي تحكم مجال فحوص الجينات في المملكة المتحدة، موضحاً أن التوصيات الواردة في التقرير كانت الخطوة الأولى إلى تحقيق ذلك.
© The Independent