اتفق زعماء العراق ومصر والأردن بعد ختام قمة بغداد، على تعزيز العمل المشترك بين البلدان الثلاثة ودعم جهود السلام العادل الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأشاد قادة الأردن ومصر بجهود الحكومة العراقية في محاربة الإرهاب وتصدّيها لتنظيم "داعش" وقدرة قواتها المسلحة على هزيمته، فيما أكدوا على أهمية التنسيق الأمني والاستخباري للدول الثلاث لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، كما اتفقوا على التعاون في المجالات الصناعية والزراعية.
وبحسب البيان الختامي لقمة بغداد الذي تضمن 29 فقرة، فإن قادة الأردن ومصر ثمّنوا إجراءات الحكومة العراقية حيال تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتطبيق البرنامج الحكومي، ودعموا استعدادات الحكومة العراقية في التهيئة للانتخابات البرلمانية المقررة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وجهودها في ترسيخ أمن البلاد وفرض السيادة ومنع التدخلات بشؤونها الداخلية.
وأكد البيان ضرورة تفعيل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ونيل مطالبه، فيما ثمّن قادة العراق والأردن، الدور المصري في إنهاء جولة التصعيد الأخيرة في غزة ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية ورحبوا بمبادرة إعادة إعمار القطاع.
حل لأزمتي سوريا واليمن
في المقابل، أعرب قادة العراق ومصر عن تقديرهم لجهود الأردن وقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس. وقرّر قادة الدول الثلاث ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بناء على قرار مجلس الأمن 2245، فيما نوّهوا بتشكيل الحكومة الليبية الجديدة المؤقتة وبالتقدم المحرز.
واستعرض القادة المستجدات وجهود التوصل إلى حلول سياسية للأزمة في اليمن، مؤكدين على مواصلة التنسيق والتعاون المشترك بين البلدان الثلاثة بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز العمل العربي المشترك ويحفظ الأمن والاستقرار.
مدينة اقتصادية حدودية
وشدد البيان على ضرورة السير بالإجراءات اللازمة للبدء بتنفيذ مشروع المدينة الاقتصادية العراقية - الأردنية المشتركة واستكمال المتطلبات اللازمة لذلك وإعطاء الأولوية للشركات من الدول الثلاث للمشاركة بعطاءات إنشائها.
واتفق القادة على ضرورة تعزيز مشروع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة الكهربائية بين الدول الثلاث وربط شبكات نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن، وإتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر من خلال المضي قدماً في استكمال خط الغاز العربي وإنشاء خط نقل النفط الخام البصرة-العقبة، والتعاون في مختلف مجالات مشاريع الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات وبناء القدرات وتبادل الخبرات، والعمل على تهيئة مناخ الاستثمار لدعم شركات القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع في الدول الثلاث.
العمل المشترك
وفي مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظيريه الأردني والمصري، ذكر حسين أن "القادة أكدوا استمرارية العمل المشترك في مختلف المجالات وتم تقييم المرحلة السابقة منذ اجتماع القمة الثاني التي عُقدت في عمان، وجرى التطرق إلى العمل المشترك والمشاريع التي تتعلق بالمدينة الصناعية إذ إن عملية إنشائها وصلت إلى مراحلها النهائية".
من جهته، بيّن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن "قمة بغداد تأتي في إطار تعزيز التكامل والتعاون والبناء وتحقيق الأفضل لشعوبنا ودولنا، ونقف مع العراق الشقيق لمواجهة كل التحديات" التي تعترض طريقه.
وأضاف أن "العلاقة بين الدول الثلاث ستسهم في تحقيق الأفضل لمنطقتنا برمّتها". فيما أوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري، "نتطلع لاستضافة القمة الرابعة في القاهرة وستكثّف اللجان الفنية عملها لتنفيذ المشاريع المتفق عليها، وسنستمر كوزراء خارجية بالتنسيق والتشاور".
رسالة مهمة
بدوره، وصف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في كلمته الافتتاحية للقمة الثلاثية زيارة نظيريه الأردني والمصري بأنها "رسالة مهمة إلى شعوبنا وأننا متعاضدون ومتكاملون من أجل العمل لخدمة شعوبنا وشعوب المنطقة".
وشدد على ضرورة العمل والتنسيق بين الدول الثلاث لمواجهة التحديات والعمل على تبديدها، وعلى أهمية الاستفادة من كل الإمكانات المتاحة عن طريق التواصل الجغرافي بين الدول الثلاث في ما يخص المجالات الاقتصادية.
وتابع أن العراق سيواصل "التنسيق في الملفات الإقليمية الرئيسة كالملف السوري والليبي واليمني والفلسطيني"، مشيراً إلى أنه في الاجتماع السابق "جرى التركيز على الاستثمار الاقتصادي وتم الاتفاق على رؤية مشتركة ونجحنا في الوصول إلى تصورات".
وأكد أن البلدان الثلاثة هي في مرحلة تنفيذ هذه المشاريع في مجالات الربط الكهربائي والزراعي والنقل والأمن الغذائي والعلاقات المالية والمصرفية، كما نطوّر البنى التحتية لها. واختتمت القمة الثلاثية أعمالها في بغداد حيث أعلن الكاظمي في تغريدة له في "توتير"، "بغداد ودّعت بالحفاوة والمحبة الأشقاء الملك عبدالله الثاني وسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد عقد قمة ناجحة اتُّفق خلالها على تفعيل المشاريع التنموية بين الدول الثلاث وتوسيع نطاق التعاون على كل المستويات، خدمة لشعوبنا وتعزيزاً لمنهج العمل المشترك".
الزيارة الأولى بعد 30 سنة
وكانت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لبغداد اليوم للمشاركة في قمة ثلاثية تضم العراق والأردن ومصر، هي أول زيارة لرئيس مصري للعاصمة بغداد منذ أكثر من 30 عاماً، وتم الاتفاق على عقد القمة دورياً في بلد من البلدان الثلاثة.
وكان الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك زار العراق في 24 (يوليو) تموز 1990، وهي آخر زيارة لرئيس مصري للعراق، التقى خلالها الرئيس العراقي صدام حسين بهدف منعه من الإقدام على غزو الكويت في أغسطس (آب) من العام نفسه.
ورافقت الطائرات العراقية المقاتلة طائرة الرئيس المصري منذ دخولها الأجواء العراقية وحتى هبوطها في مطار بغداد الدولي، في حدث يتم للمرة الأولى في استقبال زعيم عربي أو دولي يزور العراق.
وفي مطار بغداد الدولي، استقبل السيسي من قبل نظيره العراقي برهم صالح قبل أن يتوجها للقصر الحكومي برتل كبير من السيارات والمدرعات على طريق المطار البالغ طوله أكثر من 20 كيلومتراً، وسط إجراءات أمنية اعتيادية شهدت انتشاراً واسعاً للأجهزة الأمنية، ولكن لم تشهد قطعاً للطرق كما كان يحدث عند زيارة أي رئيس أو مسؤول دولي رفيع للعراق.
وعلى طريقة استقبال بابا الفاتيكان في مارس (آذار) الماضي، فإن السيسي استقبل بالغناء والرقص الشعبي العراقي، وبفعاليات من التراث العراقي عند دخوله القصر الحكومي.
العاهل الأردني
في المقابل، وصل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى بغداد قبل ظهر الأحد للمشاركة في القمة رفقة وفد كبير ضم رئيس الوزراء الأردني وعدد من الوزراء والمسؤولين، كما رافقته الطائرات العراقية المقاتلة منذ دخوله الأجواء العراقية وحتى وصوله إلى مطار بغداد، واستقباله من قبل الرئيس برهم صالح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعد زيارة العاهل الأردني الثالثة له للعراق منذ 2003، حيث زار بغداد لساعات عدة في المرة الأولى في 11 أغسطس 2008، والتقى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، كما زار العراق في 15 يناير (كانون الثاني) 2019، في زيارة رسمية استمرت ليوم واحد، التقى خلالها رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي وعدد من المسؤولين العراقيين.
من جهة ثانية، أدت حرب الخليج الأولى إلى توقف العلاقات الدبلوماسية بين العراق ومصر لكن العلاقات تحسنت في السنوات الماضية مع تبادل كثيرين من كبار مسؤولي البلدين الزيارات. وتحث الولايات المتحدة العراق على تعزيز العلاقات مع الدول العربية لمواجهة النفوذ الإيراني في البلاد. وتأتي زيارة السيسي للعراق في إطار ثالث جولة من المحادثات بين مصر والأردن والعراق حول سبل تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول العربية الثلاث.
وفي السنوات القليلة الماضية، وقع العراق اتفاقات تعاون في قطاعات الطاقة والصحة والتعليم مع الأردن ومصر. وذكر بيان للرئاسة المصرية أن القادة الثلاثة ناقشوا اليوم الأحد، عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك فيما يتعلق بشؤون المنطقة، ومنها المستجدات في القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي. وأضاف البيان "أكد الرئيس أهمية تضافر جهود جميع دول الوطن العربي والشرق الأوسط لمواجهة التحديات التي تهدد المنطقة واستعادة الاستقرار بها، كما تم التوافق بين القادة الثلاثة حول أهمية العمل المكثف للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في إطار الحفاظ على وحدة واستقلال دول المنطقة وسلامتها الإقليمية".
في المقابل، قالت حفصة حلاوة، الباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط "هناك فوائد اقتصادية حقيقية تأتي من هذا "التحالف العربي" للشركاء الثلاثة لا سيما فيما يتعلق بدبلوماسية الطاقة". وتابعت "يبقى الأمل في أن بعض جوانب هذا التحالف، يمكن أن تسحب العراق قليلاً من فلك النفوذ الإيراني، لكن من دون الاندفاع إلى أحضان أميركا والوقوع في ثنائية العالق بين واشنطن وطهران".
تعزيز العلاقات بين الدول الثلاثة
في سياق متصل، أكد رئيس الجمهورية برهم صالح خلال جلسة محادثات مع العاهل الأردني عبدالله الثاني أهمية تعزيز التعاون الثلاثي المشترك بين العراق والأردن ومصر، عبر التواصل الجغرافي وتحقيق تكاملات اقتصادية وتجارية، ومن خلال دعم الاستثمار والمدن الصناعية المشتركة والتعاون في مجال الطاقة والربط الكهربائي، بما يعود بالمنفعة لشعوب البلدان الثلاثة.
ترحيب عراقي
وقال القيادي في حركة تقدم بزعامة رئيس مجلس النواب حيدر الملا، إن اليوم "مميز في تاريخ العراق، وليستهجن فكرتي من يشاء، ولا حل أمام العراق إلا بعودته إلى حضنه العربي".
وأضاف الملا في تغريدة له عبر "تويتر"، "يوم مميز في تاريخ العراق وليستهجن فكرتي من يشاء، لا حل أمامنا إلا بعودتنا إلى حضننا العربي، أهلاً وسهلاً بالقادة العرب في بغداد الرشيد، حقيقة أثبتها التاريخ، العراق القوي يعني منطقة عربية قوية والعكس صحيح، ومجلس التعاون العربي يعيد نتاج نفسه بالقمة الثلاثية".
وكان العراق والأردن مصر واليمن أعلنوا في 16 فبراير (شباط) 1989 تشكيل مجلس التعاون العربي لتعزيز العلاقات وتطويرها بين هذه الدول في مختلف المجالات، واستطاع تنظيم بطولات رياضية خاصة به ، إلا أن المجلس انهار بعد الغزو العراقي للكويت.
الخارجية البرلمانية تطالب الأردن بأموال صدام
طالبت لجنة العلاقات الخارجية اليوم الأحد رئيسي الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمي، باستغلال القمة الثلاثية لمطالبة الأردن بإرجاع أموال النظام السابق.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية مختار الموسوي في تصريحات صحافية، إن "الحكومة العراقية تطمح خلال القمة الثلاثية مناقشة إلغاء الفيزا بين العراق ومصر، والتعامل مع العراق كدولة عظمى". وأضاف الموسوي وهو قيادي في تحالف الفتح، أن "العراق يسعى إلى أن يكون التبادل بين البلدين تبادل منفعة وليس لطرف واحد".
وطالب رئيسي الجمهورية والوزراء بـ "التعامل مع الأردن لمصلحة العراق، واستغلال هذه القمة من أجل إرجاع أموال النظام السابق المجمدة في الأردن".
الملف الاقتصادي في القمة الثلاثية
وسيكون الاقتصاد في قلب القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن، وتتميز الدول الثلاث بثقل سكاني كبير يصل الى 150 مليون نسمة، يشكلون 41 بالمئة من عدد سكان الوطن العربي، مما يجعل منها سوقاً واسعة وكبيرة، فضلاً عن أن الناتج الإجمالي لهذه الدول مجتمعة يزيد على 550 مليار دولار، يشكل 20 في المئة من الناتج الإجمالي العربي بحسب متخصصين في الشأن الاقتصادي .
ويعد إنشاء أنبوب نفطي لنقله من العراق إلى ميناء العقبة ومن ثم إلى الأراضي المصرية من المواضيع الأساس في الملف الاقتصادي للقمة، كونه يمثل تعزيزاً للاقتصادين الأردني والمصري، وفتح منفذ جديد لتصدير النفط العراقي.
وتم الاتفاق عام 2019 على إنشاء أنبوب للنفط، تبلغ الطاقة التصميمية للمشروع مليون برميل يومياً، منها 150 ألف برميل لتشغيل مصفاة الزرقاء في الأردن لنقل النفط الخام العراقي عبر أراضي الأردن إلى مرافئ التصدير على ساحل البحر الأحمر والعقبة، ويتضمن المشروع أيضاً تنفيذ خط بطاقة تصميمية تبلغ 358 مليون يومياً لنقل الغاز الطبيعي.
كما يعد تفعيل الاتفاق الاقتصادي بين العراق والأردن الموقع بينهما عام 2019، والمتضمن في أحد بنوده الربط الكهربائي المباشر لشبكتي الكهرباء العراقية والأردنية، والتي ستنظم إليها مصر، وقد يمتد هذا المشروع ليشمل سوريا وتركيا ولبنان والسعودية.