توصلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى اتفاق يقضي بمغادرة مستوطنين بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، متجاوزةً على الأقل مؤقتاً أحد التحديات المبكرة لائتلافها المتنوع، المنقسم حول قضية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وكان سكان مستوطنة "أفيتار" أقاموا على جبل صبيح في قرية بيتا، بؤرتهم مطلع الشهر الماضي، ما أدى إلى صدامات دامية مع الفلسطينيين.
وقد أجبروا رئيس الوزراء نفتالي بينيت على التحرك بين حركة الاستيطان التي ساعد في قيادتها، ومنتقديها الذين يشغلون مناصب رئيسة في حكومته.
وأخيراً، عمد سكان بيتا إلى التجمّع ليلاً وإحداث ضجيج وإحراق إطارات وإطلاق أسهم نارية لإزعاج المستوطنين ودفعهم إلى المغادرة.
الصفقة
وأكد بينيت الذي شغل في الماضي رئاسة مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، في وقت متقدم الأربعاء، نص مذكرة للحكومة الإسرائيلية تدعو سكان "أفيتار" إلى مغادرة البؤرة بحلول الساعة 16:00 (13:00 بتوقيت غرينيتش) الجمعة.
وتلخص المذكرة الحكومية شروط الصفقة التي تقضي بأن "يبقى حوالى 50 بيتاً من الكرفانات" أي بيوت متنقلة، في المستوطنة، وأن يتمركز الجيش الإسرائيلي الذي يحتل الضفة الغربية منذ عام 1967 في المنطقة.
وبحسب المذكرة، ستعيد وزارة الدفاع النظر في وضع الأرض "بأسرع ما يمكن"، موضحة أنه إذا تبين أنها ليست أملاكاً فلسطينية خاصة واعتُبرت أملاك دولة، "فسيسمح ببناء مؤسسة دينية ومرافقة أماكن سكنية لها ولعائلات موظفي المدرسة الدينية".
وحدة الحكومة
وقالت تامار هيرمان، المتخصصة في العلوم السياسية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الصفقة "علامة إيجابية على قدرة الحكومة على التوصل إلى حلول". وأضافت، "لم يترك أحد التحالف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت إلى وجود "تحديات في كل وقت للحكومة"، موضحةً أنها "في الواقع لم تنهارعلى الرغم من أن الناس يقولون إن ذلك سيحدث بعد أسبوع".
وسببت بؤرة "أفيتار" خلافاً داخل الائتلاف الحكومي الذي يضم أحزاباً من أقصى اليمين واليسار والوسط وحزباً عربياً إسلامياً.
وعندما ظهرت تفاصيل الاتفاق هذا الأسبوع، قال يائير غولان، نائب رئيس الأركان السابق للجيش والنائب عن حزب "ميريتس"، إن بناء قاعدة في الموقع كان "خطأ". وأوضح، "لا يمكننا الاستسلام للمستوطنين لأن ما يفعلونه غير قانوني"، مضيفاً أن "قضية أفيتار لن تجعله ينسحب من التحالف".
وكتبت وزيرة الداخلية أييليت شاكيد، اليمينية المؤيدة للاستيطان من حزب "يمينا"، في تغريدة على "تويتر"، أن صفقة "أفيتار" كانت "إنجازاً مهماً" لإسرائيل . وأشادت بالمستوطنين الذين وصفتهم بالطليعيين والمتفانين من أجل الصهيونية.
رحيل المستوطنين
وقبل أيام من الإخلاء المقرر للبؤرة الاستيطانية الجمعة، رُصد نشاط غير طبيعي للمستوطنين في "أفيتار". وحفر المراهقون الأرض بمعاول لزراعة الأشجار، بينما كان أطفال يلهون على زلاجة بلاستيكية قابلة للنفخ.
وتفاخرت أييليت شليسيل (36 سنة)، التي انتقلت مع زوجها وبناتها الخمس من منزل في مستوطنة أرييل إلى بيت متنقل يتقاسمونه جميعاً، بأنه تم بناء بلدة خلال شهرين.
وصرح زعيم البؤرة الاستيطانية تسفي سوكوت، لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس، أنه وافق "بالدموع" على مغادرة البؤرة لكنه رأى في الاتفاق خطوة نحو النصر. وقال، "نعتقد أن الحكومة ستحترم الاتفاقية وسيتم بناء مستوطنة أفيتار".
وانتقدت منظمة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان الصفقة. وذكرت في بيان أن "هذا الاتفاق يعني سياسياً أن الحكومة الجديدة لا تريد حتى مواجهة أقلية صغيرة". وأضافت أنه "لا يزال بإمكان المستوطنين أن يفعلوا ما يحلو لهم".
رفض فلسطيني
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة عام 1967. ومنذ ذلك الحين، تبني مستوطنات في الضفة الغربية، حيث يعيش حوالى 650 ألف إسرائيلي. ويعتبر المجتمع الدولي المستوطنات غير قانونية.
ويؤكد الفلسطينيون في بلدة بيتا أن الأمر الوحيد المقبول هو أن يرحل المستوطنون وكل اقتراح آخر سيكون مرفوضاً بشكل قاطع.
وقال نائب رئيس بلدية بيتا موسى حمايل إن "هذا الاتفاق تم بين المستوطنين والجيش ولا علاقة لنا به"، مشيراً إلى أن "المدرسة الدينية هي استيطان والنقطة العسكرية هي استيطان على أرضنا ولا فرق بين الاستيطان العادي والمدرسة أو النقطة العسكرية".
وتابع حمايل، "هذا كله محاولة التفاف على إجلاء المستوطنين، وهو مرفوض تماماً من قبلنا وهم يحاولون إرضاء المستوطنين"، مؤكداً "من الواضح أنه طالما بقي أي مستوطن أو أي جندي على أرضنا، ستستمر المواجهات والاحتجاجات".
وقتل في صدامات بين شبان القرية والجيش الإسرائيلي أربعة فلسطينيين برصاص الجيش، فيما أصيب أكثر من 300 آخرين بجروح، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني.