بينما لم يتوصل المفاوضون الدوليون في فيينا إلى اتفاق بعد، حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على رفع أو استثناء كل العقوبات المفروضة على إيران، وفقاً لاتفاق عام 2015 بهدف منع طهران من تطوير سلاح نووي.
وفي تقرير لمجلس الأمن الدولي، طلب غوتيريش من الولايات المتحدة "تمديد الاستثناءات المرتبطة بتجارة النفط مع إيران وتجديد الاستثناءات كاملة لمشروعات منع الانتشار النووي". كما ناشد إيران العودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق الذي عقدته مع القوى الدولية في يوليو (تموز) 2015، الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية السابقة في مايو (أيار) 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية ما دفع طهران للتخلي عن التزاماتها النووية.
ووفقاً لوكالة "رويترز"، وصف غوتيريش في تقريره نصف السنوي حول تنفيذ قرار عام 2015 والذي يضمن الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وروسيا، والصين، انتهاكات طهران بأنها "خطوات مقلقة" وناشدها بالعودة للامتثال الكامل لبنود الاتفاق.
الصواريخ الباليستية
وفيما بحث مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، تقرير الأمين العام، قال جيفري ديلورينتس نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن التقرير يؤكد أن إيران تواصل تجاهل البند الذي يدعوها إلى عدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على إيصال أسلحة نووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية. وأضاف "نتشارك المخاوف مع مجموعة الدول الثلاث وإسرائيل في رسائلها بشأن أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية، ونرفض تأكيدات روسيا وإيران بأن هذه الأنشطة غير مشمولة بالقرار رقم 2231 (المتعلق بالاتفاق النووي)، فهي تتعارض معه بشكل واضح".
وأشار الدبلوماسي الأميركي إلى التقرير الصادر عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في يونيو (حزيران) الماضي، والذي يفيد بأن إيران لم ترد على خطابه الذي يطلب فيه أن تحدد موقفها إزاء إمكانية مواصلة جمع البيانات وتسجيلها والاحتفاظ بها من خلال معدات المراقبة التابعة للوكالة وصيانة السجلات ذات الصلة والاحتفاظ بها، وذلك بغرض التحقق من خطة العمل الشاملة المشتركة. وحث ديلورينتس إيران على السماح لهذا الترتيب المؤقت بالمضي قدماً بغية ضمان استمرارية إجراءات التحقق والتعاون الكامل مع الوكالة، وذلك وفقاً لاتفاقات الضمانات الشاملة التي تشترطها معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
الخطوات التصعيدية
وتضمن تقرير الأمين العام والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الإشارة إلى الخطوات الإيرانية التي تتجاوز الحدود النووية لخطة العمل الشاملة المشتركة، إذ لفت ديلورينتس إلى مواصلة إيران تركيب وتشغيل أجهزة طرد مركزي بأعداد وأنواع تتجاوز الحدود التي وضعها الاتفاق النووي، فيتم إنتاج كميات ومستويات تخصيب من اليورانيوم تتجاوز بكثير ما تحدده الاتفاقية، بما في ذلك تخصيب ما يصل إلى 60 في المئة من اليورانيوم 235 وإنتاج فلز اليورانيوم. وحث إيران على "الامتناع عن اتخاذ المزيد من الخطوات التصعيدية والعودة إلى التنفيذ الكامل لكافة التزامات الاتفاق النووي، بما في ذلك النقاط المتعلقة بالتحقق والرصد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنفيذ البروتوكول الإضافي".
ليس ذلك فحسب، بل قال نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة إن "دعم إيران للإرهاب يهدد القوات الأميركية والموظفين الدبلوماسيين وشركاءنا في المنطقة وأماكن أخرى، كما يؤدي إلى انعدام الاستقرار ويؤثر سلباً على ملايين المدنيين. سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لنا كافة لمواجهة أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وتعزيز تنفيذ قرارات مجلس الأمن الأخرى بغرض التصدي لانتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية، بما في ذلك الحظر الذي يفرضه القرار رقم 1701 على النقل غير المصرح به للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى "حزب الله" في لبنان، والحظر الذي يفرضه القرار رقم 2216 على نقل الأسلحة والعتاد ذي الصلة إلى الحوثيين في اليمن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والثلاثاء، أبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي بأنها شنت ضربات جوية على فصائل مسلحة مدعومة من إيران في سوريا والعراق، الأحد الماضي، لمنع المسلحين وطهران من تنفيذ أو دعم المزيد من الهجمات على القوات أو المنشآت الأميركية. وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد، إن الضربات الجوية أصابت منشآت تستخدمها فصائل مسلحة مسؤولة عن سلسلة من الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على قوات ومنشآت أميركية في العراق.
الصين تدعم إيران
وأجرت القوى الدولية منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي، ست جولات من محادثات غير مباشرة تستضيفها فيينا، لعودة كافة الأطراف للاتفاق النووي. ولم يتم الاتفاق بعد على موعد الجولة التالية، إذ يتحدث مسؤولون غربيون عن تعثر يتعلق بمطالب كل من واشنطن وطهران. لكن سفير روسيا لدى المنظمة الدولية فاسيلي نيبينزيا قال، الأربعاء، "نرى بالفعل ملامح اتفاق مستقبلي، تبلور أمامنا فهم عام لكيفية المضي قدماً نحو الأهداف".
ودعمت الصين المطالب الإيرانية، فيما يخص إصرار طهران تحديداً على ضمان عدم انسحاب أي إدارة أميركية مستقبلية من الاتفاق، مثلما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب، وهو أمر لا يستطيع الرئيس بايدن تقديمه. في المقابل، طلبت الإدارة الأميركية من إيران الموافقة بشكل صريح على تعميق وتوسيع أطر الاتفاق النووي، ومناقشة برنامجها الصاروخي العسكري والأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها "قوى وكيلة لطهران" في عدد من بلدان المنطقة. ويقول مسؤولون أميركيون إن إيران، التي تُخصب اليورانيوم بما يتجاوز المستويات المتفق عليها في الاتفاق النووي، يجب أن تتخذ الخطوة الأولى للعودة إلى الامتثال لاتفاق 2015.
من جانبه، علق سفير إيران لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي، خلال جلسة الأربعاء، قائلاً "الذين لم يفوا بوعودهم" هم الذين يجب أن يتخذوا قرارات صعبة، داعياً إلى "ضمانات بإلغاء كل العقوبات بشكل يمكن التحقق منه وبأن الولايات المتحدة لن تنسحب مرة أخرى". فيما دعا نائب سفير الصين لدى الأمم المتحدة، قنغ شوانغ، الولايات المتحدة إلى الاستجابة لطلب إيران بضمان عدم الانسحاب من الاتفاق مجدداً.
وقال ديلورينتس، أمام مجلس الأمن "الجولات القليلة الماضية من محادثات فيينا ساعدت على بلورة الخيارات التي يتعين أن تتخذها إيران والولايات المتحدة من أجل تحقيق عودة متبادلة للالتزام بالاتفاق النووي". وشدد على التزام بلاده بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، مشيراً إلى أن "المسار الدبلوماسي يمثل أفضل طريق لتحقيق هذا الهدف بالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا الإقليميين".