تذهب السردية الشائعة في الجائحة إلى أن الأكبر سناً دفعوا الثمن من صحتهم في حين أن الأصغر سناً تحملوا وطأة التحديات الاقتصادية حين خسارة وظائفهم. بيد أن بحوثاً أجرتها "مؤسسة القرار Resolution Foundation" تشير إلى أن التحديات الاقتصادية تتقاسمها على نحو متزايد الفئات العمرية المختلفة.
ومرة أخرى، نحن في بداية نهاية برنامج الاحتفاظ بالوظائف، المعروف شعبياً باسم الإجازات المدفوعة [التسريح المؤقت مع تقاضي الراتب الشهري].
والآن على أصحاب العمل أن يسهموا بما يعادل 10 في المئة من أجور الموظفين المدرجين في إجازات مدفوعة، وهي حصة ستزيد حتى وقف العمل بالبرنامج، المقرر حالياً في سبتمبر (أيلول).
وتشكل الإشعارات بالفصل من العمل النتيجة الحتمية لهذا لأن بعض أصحاب العمل لن يملكوا الموارد اللازمة للمساهمة في الأجور، وسيجد العاملون الأكبر سناً أنفسهم في شكل مباشر في المواجهة.
واكتشفت المؤسسة أن الأكبر سناً يجدون بالفعل صعوبة أكبر كثيراً من زملائهم الأصغر سناً في الخروج من برنامج الإجازات المدفوعة والعودة إلى العمل.
ومن بين الموظفين الذين كانوا في إجازات مدفوعة في فبراير (شباط)، كان أكثر من ربع الموظفين (26 في المئة) ممن تتراوح أعمارهم بين 55 و64 سنة لا يزالون في إجازة مدفوعة كاملة في مايو (أيار). وهذا بالمقارنة بستة في المئة فقط ممن تتراوح أعمارهم بين 35 و44 سنة، و16 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة.
وهذا مرده جزئياً إلى عودة القطاعات التي توظف عدداً كبيراً من الشباب، مثل الضيافة، إلى العمل، ما أسهم في إحداث تغيير كبير في بنية الموظفين المتبقين الذين لا يزالون في إجازات مدفوعة.
وكان نحو نصف العاملين الذين كانوا في إجازات مدفوعة في مايو يبلغون من العمر 45 سنة فأكثر، بعدما كانت نسبتهم 38 في المئة خلال الإغلاق الأول. والآن أصبح أكثر من 600 ألف عامل تتراوح أعمارهم بين 45 و64 سنة عاطلين من العمل أو موضوعين في إجازات مدفوعة كاملة لستة أشهر على الأقل.
ويشمل ذلك ما يزيد على اثنين في ثلاثة (69 في المئة) من العاطلين من العمل حالياً أو العاملين الأكبر سناً الموضوعين في إجازات مدفوعة كاملة والذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 سنة، في مقابل أقل من اثنين من خمسة (38 في المئة) من العاملين الأصغر سناً.
ويواجه أكثر من ربع المجموعة الأكبر سناً من العاملين الآن خطر البطالة الشديد، ولن يكون مستقبلهم وردياً إذا افتقروا إلى الأموال اللازمة للتقاعد، لا سيما لدى النظر في أن النهاية النهائية لبرنامج الإجازات المدفوعة من المقرر أن تتوافق مع نهاية زيادة الائتمان الشامل البالغة 20 جنيهاً استرلينياً (28 دولاراً تقريباً)
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحتى الآن، ركزت الحكومة جهودها على مساعدة العاملين الأصغر سناً، وكانت مبادرات مثل برنامج "إطلاق" موجهة إليهم مباشرة.
وكان العاملون الأصغر سناً الأكثر تضرراً بانهيار الوظائف الشاغرة أثناء الإغلاقات وإغلاق القطاعات التي توظفهم تقليدياً. وعلى هذا كان من الواضح أن هذا التصرف كان التصرف السليم، حتى ولو كانت فاعلية برامج الحكومة محل نقاش.
لكن على الرغم أن من الواضح أن على الحكومة أن تستمر في هذه الجهود، إلا أن الحاجة واضحة كذلك إلى مباشرة الحكومة إيلاء مزيد من الاهتمام لمحنة العاملين الأكبر سناً أيضاً.
ويتلخص الحل المثالي لهذا ببساطة في تمديد فترة الإجازات المدفوعة لشهر على الأقل، إن لم يكن لمدة أطول.
فهذا من شأنه أن يوفر متنفساً كافياً للعاملين الأكبر سناً المتأثرين للعودة إلى وظائفهم وتجنب الفصل. ويجدر بنا أن نكرر أن هذه المجموعة تجد صعوبة أكبر في تأمين فرص عمل بديلة في حالة تعرضها إلى الفصل من العمل.
وكانت الإجازات المدفوعة واحدة من أكثر السياسات الحكومية فاعلية وشعبيةً، وعلى الرغم من أنها كانت باهظة التكاليف، يتراجع عدد العاملين الموضوعين في إجازات مدفوعة مع إعادة فتح القطاعات. وعلى هذا فإن التكاليف آخذة في الانخفاض.
ونتيجة لهذا، لا يزال المجال متاحاً أمام الحكومة لاتخاذ هذه الخطوة، وقد يثبت عدم القيام بذلك بأنه عمل سيء من الناحية الاقتصادية. ومن الجدير بالملاحظة أن بحوث مؤتمر الاتحادات المهنية أظهرت أن التعافي في بعض القطاعات أكثر تشوهاً مما قد يبدو.
فالوظائف كلها تقريباً التي ضاعت في قطاع خدمات الأعمال وإدارتها، والتي شهدت هبوطاً بلغ 220 ألف عامل، عادت من جديد، لكن 110 آلاف وظيفة من أصل 790 ألف وظيفة فُقدت أثناء الجائحة في قطاعات التصنيع، والبيع بالتجزئة، والضيافة، والفنون لم تُسترَد بعد.
وعلى هذا، فإن من شأن تمديد العمل ببرنامج الإجازات المدفوعة أن يساعد العاملين الأصغر سناً أيضاً.
ومن شأنه أيضاً أن يمنح الحكومة الوقت الكافي لصياغة الاستجابة السليمة على صعيد السياسات في ما يخص زملاءهم الأكبر سناً.
وغني عن القول إن تحقيق هذه الغاية سيكون مكسباً سياسياً، لأن هؤلاء العاملين، كقاعدة عامة، أكثر محافظة من الأصغر سناً، وقد يتغير هذا الوضع إذا شعروا بأنهم متروكون لمصيرهم على نحو ما هي حالهم اليوم.
© The Independent