ما السيناريوهات المحتملة لمستقبل أفغانستان بعد سحب الولايات المتحدة آخر جنودها وإنهاء حرب أُطلقت بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 واستمرت عشرين عاماً؟
ومنذ توقيع الولايات المتحدة الأميركية اتفاقاً مع حركة طالبان في فبراير (شباط) 2020، تراجعت العمليات الأميركية إلى الحد الأدنى. وينص الاتفاق على رحيل القوات الأميركية مقابل بدء مفاوضات سلام بين طالبان والحكومة، وهي محادثات لا تزال في طريق مسدود.
وستُبقي القوات الأميركية بعض الجنود لحماية سفارة واشنطن لدى كابول.
طالبان تراهن على انتصار عسكري
إذا كان هذا الانسحاب الذي يفترض أن يُنجز بحلول 11 سبتمبر، سينهي أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة، فإن النزاع سيتواصل على الأرض الأفغانية، ولا شيء يوحي بنهايته قريباً.
ويبدو أن طالبان تراهن على انتصار عسكري يتيح لها إطاحة الرئيس أشرف غني.
وقد سيطرت في الآونة الأخيرة على عشرات المناطق الإضافية، خصوصاً في الأرياف، لكن الجيش الأفغاني لا يزال يسيطر على المدن الكبرى.
ويقول المتخصص في الشأن الأمني الأفغاني باري آريز، "في الوقت الراهن ستتكثف المعارك، وستواجه القوات الأفغانية صعوبات في تصديها عسكرياً لوحدها".
وتفيد تحاليل صدرت أخيراً من أجهزة الاستخبارات الأميركية بأن طالبان يمكن أن تسيطر على البلاد في مدة ستة إلى 12 شهراً بعد الانسحاب.
وتؤكد كل من طالبان والحكومة يومياً أنها ألحقت خسائر فادحة بالآخر، لكن من المُتعذَّر التحقق من تأكيداتهما بشكل مستقل.
لكن حملة اغتيالات محددة الأهداف ضد شخصيات من المجتمع المدني الأفغاني تراجعت كثافتها في الأسابيع الماضية.
يبقى هذا الأمر غير معروف، كما من غير المستبعد احتمال اندلاع حرب أهلية.
حرب أهلية
لطالما كان سلاح الجو الأميركي عاملاً حاسماً في النزاع حتى الآن عبر تقديم دعم حيوي للقوات الحكومية حين كانت تواجه مخاطر.
في دليل على القلق السائد، أطلقت الحكومة نداء لتعبئة ميليشيات لمحاربة طالبان. ويتخوف بعض المحللين من أن يؤدي ذلك إلى تأجيج الوضع بشكل إضافي.
ويقول متخصص أجنبي في الشأن الأمني رفض الكشف عن اسمه، "يجب تنفيذ هذه الاستراتيجية وأن تنظم ويجري التحكم بها بشكل جيد، وإلا فإنها قد تأتي بنتائج عكسية".
مع العودة التدريجية لأمراء الحرب السابقين إلى الساحة، فإن الخطر كبير بأن تغرق البلاد في حرب أهلية، وأن تظهر فصائل جديدة مسلحة للاستيلاء على السلطة.
المسار الديمقراطي أو "إمارة إسلامية"
يرغب الرئيس غني في وقف لإطلاق النار مع طالبان، بهدف تنظيم انتخابات تنبثق منها "حكومة سلام". وهناك رفض للدعوات إلى تشكيل حكومة انتقالية غير منتخبة، بما في ذلك من طالبان.
لكن الولايات المتحدة تؤيد مثل حكومة الوحدة هذه وتضغط كي تتوصل طالبان والحكومة إلى اتفاق في الدوحة، حيث لا تزال المفاوضات التي بدأت في سبتمبر في طريق مسدود.
على الرغم من أن طالبان لم تعطِ توضيحات في شأن نياتها، فإنها تعتزم أن تقيم مجدداً "إمارة إسلامية" تحفظ حقوق المواطنين بموجب "الشريعة الإسلامية".
جرت أربعة انتخابات رئاسية في أفغانستان منذ إطاحة نظام طالبان في 2001، واعتمد ملايين الأفغان هذا النظام الديمقراطي والتعددي، على الرغم من أن عمليات الاقتراع غالباً ما تشوبها أعمال تزوير.
مع العودة الوشيكة كما يبدو لحركة طالبان إلى السلطة يتخوف المراقبون من تراجع المسار الديمقراطي.
ويقول الكاتب السياسي راميش صالحي "في الوقت الراهن، تبدو حركة طالبان على قناعة بأنه يمكنها تولي السلطة بالقوة".
ويضيف، "هذه معركة ستحدد إذا ما كانت الديمقراطية تنتصر على القوى الأيديولوجية".
مقاومة النساء
هناك مخاوف قوية من أن تفقد المرأة الحقوق التي اكتسبتها منذ مطلع القرن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين كانت طالبان في السلطة منعت النساء من العمل ورجمت اللواتي اتهمن بجرائم مثل الزنى.
وبعد سقوط نظام طالبان دخلت العديد من الأفغانيات معترك السياسة أو أصبحن صحافيات أو ناشطات أو قاضيات.
وتؤكد طالبان أنها ستحترم حقوق المرأة وفقاً للشريعة الإسلامية، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يشيرون إلى أنه تُفسَّر الشريعة بطرق متعددة في العالم الإسلامي.
وتقول الناشطة هوساي أندار، "هناك شعور عام بانعدام الأمن في صفوف النساء اللواتي يعتقدن أن المتطرفين سيودعونهن مجدداً داخل المنازل".
وتضيف، "لكنهن لن يستسلمن هذه المرة، ستكون هناك مقاومة".
تراجع الاقتصاد والمانحين
أفغانستان واحدة من أفقر دول العالم. هي مديونة بشدة وتعتمد على المساعدات الخارجية.
وعلى الرغم من امتلاكها احتياطات معدنية كبيرة، يرغب جيرانها مثل الصين أو الهند في الاستفادة منها، فإن الوضع الأمني لم يتح تطوير نشاط التعدين بشكل كافٍ.
ويأتي قسم كبير من الثروة الوطنية من تهريب المخدرات، ولا سيما الهيروين الذي تُعد أفغانستان إلى حد بعيد أكبر منتج له في العالم.
في نوفمبر (تشرين الثاني)، قطع المانحون الدوليون تعهدات حتى عام 2024، لكن أفغانستان تخشى أن يتراجعوا عن وعودهم بعد رحيل القوات الأجنبية.
ويقول صالحي إن "الاقتصاد يشهد أساساً تراجعاً كبيراً، ومعدل البطالة الكارثي سينفجر".