مع تعثر الحوارات السياسية الليبية على جميع المسارات المرتبطة بإجراء الانتخابات العامة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتعذر صرف الموازنة العامة للحكومة الموحدة بسبب الخلافات حول بعض بنودها مع البرلمان، يعتزم الأخير التصويت على قانون الانتخابات وفق القاعدة الدستورية المقترحة، في خطوة قد تشكل تعقيداً جديداً في مشهد مرتبك.
ويتوقع أن يعمق إعلان البرلمان توجهه للتصويت على القاعدة الدستورية التي تنص على انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، الخلاف مع الأطراف المعترضة، خصوصاً مجلس الدولة في طرابلس.
تجهيز قانون الانتخابات
وأكد رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، "شروع البرلمان في تجهيز قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب، بالإضافة إلى توزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد، للوفاء بالاستحقاق الانتخابي في موعده"، خلال لقاء عقده، الأربعاء، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، لبحث تطورات العملية السياسية في البلاد.
وأوضح مجلس النواب، في بيان عبر موقعه الرسمي، أن "صالح أكد للمبعوث الأممي التزام مجلس النواب تعهداته"، داعياً "جميع الأطراف للعمل على الوفاء بتعهداتها، بما في ذلك استحقاق تعيين الوظائف القيادية في المناصب السيادية"، في إشارة إلى مجلس الدولة.
وشدد صالح وكوبيش خلال اللقاء على "ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها نهاية العام الحالي، وفق ما تنص عليه خريطة الطريق التي اعتمدها ملتقى الحوار السياسي".
وقال عضو مجلس النواب، عبد القادر سليمان، إن "أعضاء ملتقى الحوار السياسي الذين اختارتهم البعثة الأممية لإحداث توافقات سياسية بين أطراف النزاع، لم يتوصلوا إلى حل بشأن القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات المقبلة، ما قد يدفع البرلمان إلى إقرارها وفق الإعلان الدستوري، على اعتبار أنه اختصاص أصيل له".
وأضاف أن "مخرجات لجنتي مجلسي النواب والدولة لم تعرض على البرلمان للبت فيها، على الرغم من أن مجلس الدولة صوَّت بالموافقة عليها"، كاشفاً عن أن "جلسة البرلمان الاثنين المقبل ستستعرض الموازنة الحكومية وإمكانية إصدار قانون بخصوص آلية انتخاب الرئيس".
تعثر كبير وقلق واسع
وتشهد العملية السياسية الليبية وخريطة الطريق المنبثقة منها تعثراً واضحاً في الفترة الماضية، بعد خلافات أطراف الحوار السياسي على عدد من المسائل الحاسمة في التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي المرحلة الانتقالية.
في المقابل، تحاول بعثة الأمم المتحدة إيجاد صيغ توافقية لتجاوز هذه الخلافات، التي باتت تمثل تهديداً لموعد الانتخابات العامة. وهو ما دفع بعض الأطراف إلى طرح خيار التأجيل، حتى يتم الاتفاق على حلول مقنعة لكل الإشكالات العالقة في مسار الحوار السياسي.
لكن طرح خيار التأجيل قوبل برفض واسع من أغلب الأحزاب والتيارات السياسية، في بنغازي وطرابلس، ومؤسسات المجتمع المدني ومكونات الشارع الليبي، واتهم بعض هؤلاء أطراف العملية السياسية، أو جزءاً منهم، بالرغبة في إطالة أمد المرحلة الانتقالية في البلاد لأسباب مختلفة.
بدء تسجيل الناخبين
وفي رسالة لكل الأطراف بأن موعد الانتخابات العامة لا رجوع عنه، فتحت المفوضية العليا للانتخابات في البلاد باب التسجيل للناخبين، وأعلنت جاهزيتها التامة لإجرائها في موعدها، بعد لقاء بين رئيسها عماد السايح، والمبعوث الأممي قبل أيام قليلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال السايح، في تصريح تلفزيوني، إنه "بإطلاق عملية تحديث سجل الناخبين، وصلت المفوضية إلى الجاهزية الكاملة ودخلت في تنفيذ العملية الانتخابية".
وأوضح السايح أن "المفوضية في أعلى مستويات الجاهزية للاستحقاق الانتخابي"، مشيراً إلى أن "تأخر تسلم القوانين يمثل العائق الوحيد أمامها، وقد يؤدي إلى الضغط على مراحل العملية فنياً".
توتر عسكري في الجنوب
بعيداً عن التجاذبات السياسية في الشمال، استمر التوتر العسكري مسيطراً على الوضع في الجنوب الليبي، خصوصاً جنوب غرب البلاد، حيث أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي في الشرق "سيطرة غرفة عمليات الجنوب ومنطقة سبها العسكرية على المقرات والمعسكرات، التي كانت تستغلها مجموعات خارجة عن القانون ومرتزقة في عمليات إجرامية وخطف مواطنين".
واعتبر آمر مجموعة عمليات المنطقة الجنوبية، اللواء المبروك سحبان، أن "العمل الذي تقوم به القوات المسلحة في هذه المنطقة هو أمني صرف، يستهدف فرض الأمن والاستقرار، وهذا مطلب سكان المنطقة التي عانت كثيراً، ولا يستهدف أي قبيلة أو مكون اجتماعي معين".
هجوم جديد لـ"داعش"
وبعد ساعات من هذا التحرك العسكري، أعلن الجيش صباح اليوم الخميس أن "وحدات اللواء 128 مجحفل صدت فجراً هجوماً قامت به أربع سيارات مسلحة، حاولت التقدم على أحد التمركزات في شمال سوكنة"، مشيراً إلى أن "قواته نجحت في صده، ويجري حالياً تمشيط المنطقة بحثاً عن هذه المجموعة".
واعتبر الناطق باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، في بيان، أن "هذا الهجوم استفزاز متعمَّد يهدف إلى تصعيد المواجهة المسلحة وعرقلة وقف إطلاق النار".
وأشار إلى أن "التكفيريين المتطرفين يسعون إلى توريط الجيش الليبي في اشتباكات من أجل اتهامه بتعطيل التسوية السلمية والوصول للاستحقاق الانتخابي، الذي نتطلع إليه كما يتطلع إليه الشعب الليبي بفارغ الصبر".
وأكد المسماري "التزام الجيش التام مبادئ اتفاقية وقف إطلاق النار واحترام المساعي المحلية والدولية الرامية لإحلال السلام في بلادنا، مع التأكيد أن أي استفزاز سيواجه بالقوة والرد الحازمين".
من جانبها، بينت مصادر عسكرية لـ"اندبندنت عربية" أن "الجيش عزز قواته الجوية في قواعد الجنوب، ترقباً لأي تحركات تستهدفه، بعد ورود معلومات عن نية بعض العناصر التابعة لتنظيم (داعش) القيام بهجمات على تمركزات الجيش في المنطقة، ويشتبه أن يكون هجوم سوكنة واحداً منها".