قررت هيئة مراقبة المنافسة في فرنسا، الثلاثاء، فرض غرامة 500 مليون يورو (593 مليون دولار) على شركة "غوغل"، بعد أن فشلت شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة في إبرام صفقة عادلة على نحو كامل مع الناشرين لاستخدام محتواهم الإخباري على منصتها.
ويتعيّن على "غوغل" طرح اقتراحات في غضون الشهرين المقبلين بشأن كيفية تعويض وكالات الأنباء وغيرها من الناشرين عن استخدامها لأخبارهم، وإذا لم تلتزم ذلك، فسوف تكون عرضة لغرامات إضافية تصل إلى 900 ألف يورو يومياً (1.066 مليون دولار).
وعبّرت "غوغل" عن خيبة أمل شديدة لهذا القرار. وقال متحدث باسم الشركة: "تصرفنا بنيّة حسنة طوال العملية بأسرها. الغرامة تتجاهل جهودنا للتوصل إلى اتفاق والحقيقة بشأن كيفية عمل الأخبار على منصاتنا".
أرضية توافق
وأكد المتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية أن "هذا القرار يتعلق بشكل رئيس بالمفاوضات التي جرت بين مايو (أيار) وسبتمبر (أيلول) 2020. ومنذ ذلك الحين، واصلنا العمل مع الناشرين ووكالات الأنباء بحثاً عن أرضية توافق".
وتركز القضية ذاتها على ما إذا كانت "غوغل" انتهكت أوامر مؤقتة أصدرتها هيئة مكافحة الاحتكار التي طالبت بأن تجري المحادثات المذكورة في غضون ثلاثة أشهر مع أي ناشر أخبار يطلب ذلك.
وتجاهلت شركة "ألفابت" المالكة لـ"غوغل" قراراً لعام 2020 يقضي بالتفاوض "بحسن نيّة" مع الناشرين الفرنسيين في المجال الصحافي حول تطبيق الحقوق المجاورة لعرض مقتطفات من المقالات على خدمة أخبار "غوغل".
الالتزام قلباً وقالباً
وقالت رئيسة هيئة مراقبة المنافسة الفرنسية إيزابيل دو سيلفا في بيان، "عندما تصدر الهيئة تعهداً لشركة ما، فيتعيّن عليها الالتزام قلباً وقالباً بالقرار. وللأسف لم يحدث ذلك هنا"، مضيفة "إنها أعلى غرامة" تفرضها الهيئة حتى الآن لعدم احترام أحد قراراتها.
كما أمرت هيئة مراقبة المنافسة "غوغل" بـ"تقديم عرض" إلى الناشرين ووكالات الأنباء "لتسديد بدلات للاستخدامات الحالية لمحتوياتهم المحمية"، تحت طائلة فرض تدابير عليها "يمكن أن تصل إلى 900 ألف يورو لكل يوم تأخير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والمواجهة بين "غوغل" وأصحاب المؤسسات الصحافية والخدمات الإخبارية محتدمة منذ وقت طويل، وكانت وكالة الأنباء الفرنسية مع تحالف الصحافة الإخبارية العامة الذي يضم صحفاً وطنية ومحلية ونقابة المجلات، من ضمن رافعي الشكوى إلى هيئة ضبط المنافسة الفرنسية في أواخر 2019، بتهمة استغلال "غوغل" لموقعها المهيمن.
وأخذت هذه الأطراف على "غوغل" استفادتها من موقعها المهيمن في سوق محركات البحث، في محاولة لتجنّب تطبيق تشريع جديد حول الحقوق المجاورة.
وكانت هيئة ضبط المنافسة فرضت في أبريل (نيسان) 2020 على "غوغل" الدخول في مفاوضات لمدة ثلاثة أشهر مع ناشري الصحافة ووكالات الأنباء على غرار وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب)، حول الحقوق المجاورة.
غير أن الهيئة تلقّت شكوى من ناشري الصحافة و"أ ف ب" في سبتمبر (أيلول) 2020 تتهم "غوغل" بعدم احترام واجباتها.
وتأخذ الهيئة على "غوغل" خصوصاً أنها حاولت تركيز المفاوضات حول خدمتها الجديدة "غوغل شوكايس"، رافضة "الخوض في نقاش تحديداً" حول الحقوق المجاورة التي أُقرّت في مذكرة أوروبية في 2019.
وأوضحت دو سيلفا "من جهة أخرى، حصرت غوغل من دون مبرر حقل التفاوض، برفضها ضم محتويات وكالات الصحافة التي تنقلها منشورات (الصور على سبيل المثال) وباستبعادها مجمل الصحافة الإخبارية السياسية والعامة" من المفاوضات.
كما تأخذ الهيئة الفرنسية على "غوغل" أنها لم تزوّد الناشرين ووكالات الإعلام بـ"المعلومات الضرورية لتقييم شفاف للبدل المالي المترتب".
العائدات الإعلانية المباشرة
وذكرت الهيئة أن "غوغل" اكتفت بنقل عناصر حول "العائدات الإعلانية المباشرة المتأتية" عن خدمة محرك البحث "باستثناء مجمل العائدات، لا سيما غير المباشرة المرتبطة باستخدام هذه المحتويات".
وتعتبر تلك الغرامة أحدث عرض للقوة من قبل المنظم الفرنسي، إذ تتنافس فرنسا مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي على رأسهم ألمانيا لتكون أقوى هيئة رقابية في المنطقة لشركات التكنولوجيا الأميركية.
وعلى مدى أكثر من عقد من الزمان، دفع الناشرون الأوروبيون المنظمين إلى التعامل مع هيمنة "غوغل"، التي استقطبت مليارات اليوروهات من عائدات الإعلانات.