تجند الجميع لمحاولة إنقاذ حياة عشرات آلاف المصابين بجائحة كورونا مع انتشار المتحور الهندي بكثافة في تونس، وهبّت الدول الصديقة للمساعدة في إيصال اللقاحات وأجهزة التنفس والاحتياجات الطبية الأساسية للسعي لحماية أكبر عدد ممكن من الناس وإنقاذ أرواح المرضى في المستشفيات، التي تعاني من ضغط كبير جراء ارتفاع عدد المصابين. وفي ظل هذا الزخم والعمل الإنساني الذي حرك منظمات المجتمع المدني في تونس وخارجها، لدعم جهود الأطباء والممرضين في إنقاذ حياة المرضى، أطلقت الفنانة المعتزلة حياة جبنون خلال لقاء تلفزيوني، مبادرة لجمع الأموال لشراء الأكفان لموتى جائحة كورونا.
حملة "استر خوك"
حياة جبنون وبعد نشرها فيديو على صفحتها على "فيسبوك"، قالت إنها بدأت حملة "استر خوك ميت أو حي" وبدأت بتلقي التبرعات، وأنه عبر "جمعية التعاون" التي أطلقت هذا النداء، انطلقت حملات إرسال أثواب الأقمشة للجمعية، وأن هناك كميات أخرى ستصل تباعاً وقد تسلمت "مبالغ مالية من فاعلي الخير".
وظهر في الفيديو عدد من أثواب القماش الأبيض ومبالغ مالية، قالت جبنون إنها مخصصة للأكفان ولشراء أقمشة للغرض نفسه.
انتقادات واسعة
الفيديو فاجأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار ردود فعل مختلفة بين من انتقده بشدة ومن سخر منه، باعتبار أن "ثقافة الإتجار بالموت لم تأت من فراغ، بل تعكس رؤية تجسدت في المجتمع التونسي في السنوات العشر الأخيرة، تستغل هذه الأوضاع الصحية والاجتماعية الصعبة لتمرير رسائل، تحمل في طياتها رمزية لها معان مرتبطة ببعض الجماعات في المنطقة"، بحسب ما رأته الإعلامية ناديا دجوي، مذكرة بأن "هذه الممارسات ليست جديدة، إذ سبق ذلك قبل سنوات قيام جمعيات بدورات للتدريب على غسل الأموات، وكأن الشعب التونسي سيعرف من خلالهم فقط مراسم غسل الموتى والدفن بحسب التعاليم الإسلامية، في محاولة للتشكيك بإسلام الشعب التونسي المتأصل منذ أكثر من 1400 سنة".
المتاجرة بالموت
ردود فعل جمة على ما قامت به الفنانة المعتزلة، انقسمت بين الاستنكار والاستهزاء. عدد كبير من الفنانين عبر عن مواقفه من تصرفات حياة جبنون، بينهم الفنان كريم الغربي الذي رد على دعوات حملة "استر خوك" بالقول: "من يريد فعل الخير ينظر لمساعدة الأحياء والتخفيف من ألمهم وأنت اسمك حياة وتحضرين الأكفان للناس هل هذا معقول بمثل هذه الظروف؟".
الفنانة إيمان الشريف في تعليق على الحملة قالت إن "هذا التصرف غير مقبول أو مفهوم، كيف تحولت من فنانة إلى موزعة أكفان؟ معتبرة أن من واجبها الاعتذار للناس عن هذه التصرفات، لأن نشر مثل هذه الفيديوهات يخلق أجواء التشاؤم وضياع الأمل لدى الناس بإمكانية النجاة من هذه الموجة الخطيرة من جائحة كورونا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نكتة الموسم
مئات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي قامت بإعادة نشر الفيديو، الذي تعرض لحملة كبيرة من الانتقادات وصلت حدود المساس بشخص الفنانة المعتزلة وتصرفاتها، واعتبر البعض أن "حياة أكفان" كما وصفوها، تروج لـ"ثقافة الموت".
"يا ناس حبوا الناس"
الفنانة المعتزلة حياة جبنون ردت على الانتقادات التي وجهت لها بعد نشر الفيديو بالقول: هل أصبح فعل الخير خطأ في تونس؟ وقالت إنها تلقت اتصالات هاتفية من موظفين في مستشفيات طلبوا منها المساعدة، وأبلغوها بأن موتى جائحة كورونا يتم لفهم بأغطية أسرة المستشفيات.
وعبّرت عن غضبها من الحملة التي استهدفتها قائلة "أكلوا لحمي"، موضحة أن الهدف من حملة "استر خوك" شراء أغطية أسرة للمستشفيات والتي تُستعمل للف موتى الجائحة، وليس شراء الأكفان.
ونفت جبنون أن يكون للحملة هدف أو موقف سياسي، وقالت: "هناك من دعا لمقاطعتي وأريد أن أطلب ممن تفضل بمساعدتي شخصياً أو أرسل أي شيء لي ليأتي ويأخذه"، معتبرة أن الحملة المغرضة ضدها أثرت على عائلتها وأبنائها، "لأن الاستهداف كان لشخصي ووجهت اعتذاراً لمن وصفتهم بالقلوب الرهيفة التي تخاف الموت".
تشويه صورة والدتي لماذا؟
هدى بعطور ابنة الفنانة المعتزلة حياة جبنون، نشرت فيديو عبرت فيه عن استيائها من حملة منظمة لتشويه هدف ومغزى والدتها، وقالت إنها المرة الأولى التي تتدخل في مثل هذه المواضيع بعد أن نشر على وسائل التواصل الاجتماعي تعليقات وشتائم بحق أمها، وأضافت أن والدتها "تلقت سيلاً من الإهانات والشتائم تشبه تسونامي، إذ اتهمها كثيرون بأنها تنشر ثقافة الموت، فهل من المعقول أن يقال لوالدتي: نتمنى أن تكفني به أنت وعائلتك؟".
البحث عن الشهرة
"الضجة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي ليست صدفة، بل محاولة من الفنانة المعتزلة لإثارة الاهتمام بها"، بهذه الكلمات وصفت الإعلامية مروى هيمت الفيديو الذي نشرته جبنون، معتبرة أن "ذلك يأتي في إطار بحثها الدائم لإثارة الجدل حولها وإظهار نفسها أنها مختلفة، وبعد أن تركت الفن والغناء تحولت لواعظة دينية، واستغلت محطات تلفزيونية محلية لإظهار صورة التائبة، التي تحولت للوعظ والإرشاد. وما قامت به كان يفترض أن يبقى بعيداً من الأضواء، ولم يكن يحتاج لفيديو يستفز الناس بالحديث عن الأكفان"، ورأت أنها لم تقصد ذلك، لكن بحثها عن الشهرة أوقعها في الخطأ الذي أثار غضب الرأي العام.