عادت "بيتكوين" للارتفاع إلى مستوى يزيد على 30 ألف دولار، بعدما ارتفع سعرها بنسبة ستة في المئة تقريباً خلال 24 ساعة الماضية، إذ تفاعل المشترون مع هبوط السعر بمزيد من الشراء.
ويتوقع أن يكون المستوى التالي للمقاومة عند حدود 32 ألف دولار إلى 34 ألف دولار على المدى المتوسط، ويشبه هذا الانتعاش السريع فوق مستوى 30 ألف دولار هزة 22 يونيو (حزيران) الماضي، وحتى وقت الكتابة كان يتم تداول "بيتكوين" عند سعر 32700 دولار.
وقال الباحث في العملات الرقمية محمد جميل إن انخفاض الأسعار يتسبب دائماً في موجة شراء لتحقيق أرباح من فارق السعر خلال المضاربة. وأضاف أن هناك أطرافاً عدة دخلت السوق وبمبالغ ضخمة خلال اليومين الماضيين، بينها شركة التداول "ألاميدا ريسرش" التي تأسست عام 2017 في هونغ كونغ، وعلى الرغم من عمرها القصير تدير عمليات يتجاوز حجمها 10 مليارات دولار يومياً، بمنهجية التداول الكمي.
وأوضح أن هذا النوع من التداول "يعتمد على استخدام النماذج والتحليلات الرياضية للعثور على أفضل الاحتمالات بنماذج تنبؤية غاية في الدقة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، لتحديد أفضل فرص البيع والشراء لمئات الآلاف من الأوراق المالية والعملات الرقمية، وقد ازدهر هذا المجال وأقبل عليه كثير من حملة الماجستير والدكتوراه من الأوساط الأكاديمية وكذلك مطوري البرمجيات، مما جعل مجال التداول الكمي شديد التنافسية".
حسابات خارقة الذكاء
وقال جميل إن "ألاميدا ريسرش دخلت السوق في وقت متأخر يوم الثلاثاء، وبناء على هذه الحسابات خارقة الذكاء قامت الشركة بعمليات شراء كبيرة، مبررة ذلك بأن "بيتكوين" أظهرت علامات على أنها في طريقها للارتداد، بعد نجاتها من الحظر الصيني والصمود أمام مخاوف البيع، إضافة إلى انتعاش سوق الأسهم الأميركية وضعف عمليات التصفية في سوق المشتقات".
واعتبر جميل أن دخول "ألاميدا ريسرش" في هذا التوقيت دليل على أن "بيتكوين" ستعاود الارتفاع حتى وإن كان على المدى المتوسط من دون أن يتوقع سقفاً للسعر المحتمل في المستقبل، وأشار إلى أن هذا الارتفاع الأخير أضاف 900 مليون دولار إلى حجم السوق خلال ساعات.
وأوضح أن ارتفاع "بيتكوين" يأتي بعد ثلاثة أيام من نشر "فوربس" الأميركية مقالة رأي تتساءل "لماذا لا يزال سعر بيتكوين منخفضاً بعد توقف صناعة تعدينها في الصين؟"، قائلاً إن "بكين بعد منع تعدين بيتكوين تكون كمن أطلق الرصاص على قدمه، فقد احتلت الولايات المتحدة المركز الأول على العالم في صناعة تعدين بيتكوين ولم نعد نحتاج الصين"، وهذا يعني أن سعر هذه العملة المشفرة سيبدأ في الارتفاع.
زيادة سهولة التعدين
وتابع أنه بعد توقف تعدين "بيتكوين" في الصين تكون الولايات المتحدة ربحت مرتين، الأولى أنها أصبحت تحتل الآن المركز الأول على العالم في صناعة تعدين العملة المشفرة بنسبة 17 في المئة من إجمالي المعدنين بالعالم وتنوي اجتذاب مزيد منهم، والثاني حصولها على نصيب أكبر من عملات "بيتكوين" بسبب زيادة سهولة التعدين.
وعلى مدار الشهر الماضي عندما اتخذت الصين آخر خطواتها ضد "بيتكوين"، انخفضت العملة المشفرة الرئيسة بنسبة تزيد على 20 في المئة مع عدم وجود ارتياح حقيقي في الأفق بين المستثمرين، وفي الوقت نفسه بدأت فكرة أن البنوك المركزية تريد دق المسمار الأخير في نعش "بيتكوين" تنتشر بين المستثمرين على الإنترنت، وسرت شائعة أن قيمتها ستنخفض إلى الصفر بعد تصريحات متضاربة أدلى بها جيروم بأول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حين قال خلال أسبوع واحد إن "الدولار الرقمي أولوية والعملات المشفرة ليست مخازن مفيدة للقيمة".
تبني العملات الرقمية
وقال المحلل الاقتصادي محمد عبدالهادي إنه "بالنسبة إلى الولايات المتحدة فإن الأمور ستسير في النهاية إلى تبني العملات الرقمية بشكل منظم تماماً، وقد بدأ ذلك بالفعل باعتبارها أصولاً رقمية وفرض ضرائب عليها، كما تسعى أميركا بالفعل إلى إصدار الدولار الرقمي خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتصريحات جيروم باول تأتي في إطار تحديد المسار الاقتصادي للسفينة، لأن الأمر لا يزال جديداً ويحتاج إلى وقت، وهناك فارق بين القيمة والفائدة، وبيتكوين مخزن قوي للقيمة لا أكثر ولا أقل، لكنها غير مفيدة في عمليات الإنتاج حتى الآن على سبيل المثال".
وأضاف، "بالنسبة إلى الصين فقد انقضّت على تعدين بيتكوين لأكثر من سبب، فهي تريد أن يصبح اليوان الرقمي الخاص بها فاعلاً ومنتشراً، وبيتكوين كانت ستعوق تحقيق هذا الهدف أو تؤخره، والسبب الثاني أنها تريد اليوان عملة رقمية قوية تحت سيطرتها، وهذا أمر تسعى إليه أي حكومة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إشراف حكومي غير مسبوق
وتابع، "كما كانت الصين تخشى تذبذب أسعار العملات المشفرة مما قد يضيع المدخرات الخاصة بمواطنيها، أو أن يتم تحويلها للخارج بواسطة بيتكوين، وللتخلص من هذه الأخطار كان عليها إصدار اليوان الرقمي، لأنه سيوفر لها إشرافاً حكومياً غير مسبوق في التاريخ على كل جانب من جوانب الاقتصاد المحلي، بما في ذلك زيادة صعوبة نقل الثروة من الصين، وهذا هو السبب الرئيس الذي يجعل بكين تكره العملات المشفرة، بخاصة بيتكوين".
وأضاف، "من الممكن أن تحظر بعض الدول بيتكوين، لكن الدول التي لديها اقتصادات متطورة ستنظمها ببساطة بالطريقة نفسها التي تنظم بها أسواقها المالية، وهناك قلة قليلة من الحكومات ترى مغزى لتداول بيتكوين في البيئات غير المنظمة أو الفاسدة التي تشهد كثيراً من التلاعب".
وقال جميل إن "معدل ترميز شبكة بيتكوين انخفض بنسبة 40 في المئة بعد إغلاق كل مزارع التعدين في الصين، وبعد أن كانت مهيمنة على عملية التعدين في العالم انطفأت إشاراتها على الإنترنت".
وأضاف أن "ما قامت به الصين أثر بالطبع في كفاءة سلسلة الكتل (بلوكتشين) الخاصة ببيتكوين على المدى القصير، لكن لن يكون له تأثير دائم في سعرها، فقد أصبح انتشارها واتساع نطاق ملكيتها أكبر من أن تسيطر عليه دولة منفردة أو حتى دول عدة".
وتابع، "لكن بسبب اللامركزية والسرعة في عالم العملات المشفرة، بدأ المعدنون العمل في مواقع جديدة ومناطق تعتبر فيها الكهرباء منخفضة الكلفة، فصعد نجم كازاخستان حتى احتلت المركز الثالث على العالم في التعدين بسبب انخفاض أسعار الكهرباء".
وأشار إلى أن الترقية المرتقبة لـ "بيتكوين" التي يطلق عليها اسم "تاب روت"، ربما ترفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ هذه العملة المشفرة خلال النصف الثاني من العام الحالي، لكن يفضل الانتظار لأنه لا يبدو أنها تستفيد من التحوط من مخاوف التضخم العالمية حتى الآن.