مع اقتراب نفاد مادة المازوت من الأسواق، وتوجه لبنان إلى الوقوع في عتمة شاملة، وصلت نداءات الاستغاثة التي أطلقها اللبنانيون إلى بغداد، حيث استعجل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إتمام عقد تصدير مليون طن من النفط إلى بيروت، قبيل توجهه إلى واشنطن.
وفي التفاصيل، وقبل سفره إلى الولايات المتحدة، طلب الكاظمي من وزير الطاقة اللبناني، ريمون غجر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، "السفر إلى بغداد لإنهاء إجراءات هبة الوقود، لحل مشكلة الكهرباء (بصورة عاجلة) وفي أسرع وقت ممكن وتحت إشرافه مباشرة"، وفق ما أفاد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في بيان، الجمعة 23 يوليو (تموز).
وأوضح البيان أن الكاظمي، "أصر على أن يكون الجزء الأكبر من النفط الذي سيتم إرساله يتناسب مع معامل الطاقة الموجودة في لبنان من دون الحاجة إلى التكرير".
وبالفعل، توجه غجر وإبراهيم إلى بغداد لإتمام عقد استيراد النفط، الذي من المتوقع أن تترجم مفاعليه منتصف الأسبوع المقبل، بوصول أول باخرة فيول عراقية إلى لبنان.
الأزمة اللبنانية
ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية، رجح البنك الدولي الشهر الماضي أن تكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، شحاً في الفيول الضروري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
وتراجعت تدريجياً خلال الأشهر الماضية قدرة "مؤسسة كهرباء لبنان" على توفير الطاقة، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شح الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى التقنين.
المستشفيات تحذر
وفي ظل الأوضاع المتدهورة، حذرت نقابة المستشفيات الخاصة في لبنان، الخميس، من "كارثة صحية" جراء الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي وعدم توفر المازوت لتشغيل المولدات، في وقت تشهد فيه البلاد موجة تفشٍ جديدة لفيروس كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت النقابة في بيان، إن "عدداً من المستشفيات مهدد بنفاد هذه المادة (المازوت) خلال ساعات، ما سيعرض حياة المرضى للخطر"، مطالبة المسؤولين بـ"العمل فوراً على حل هذه المشكلة تجنباً لكارثة صحية محتمة".
ويواجه القطاع الصحي في لبنان أعباءً متزايدة مع خسارته خلال الأشهر الأخيرة مئات الأطباء والممرضين الذين اختاروا الهجرة هرباً من الانهيار الاقتصادي وتداعياته. كما تحذر الصيدليات والشركات المستوردة للأدوية منذ أسابيع من تراجع مخزونها من مئات الأدوية الأساسية، فيما عمدت السلطات الأسبوع الماضي إلى ترشيد الدعم عن الأدوية في إطار سياسة تعتمدها منذ أشهر لرفع الدعم تدريجياً عن سلع رئيسة.
شبكة إمدادات المياه على وشك الانهيار
في غضون ذلك، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، الجمعة، من انهيار شبكة إمدادات المياه العامة في لبنان خلال شهر، جراء الانهيار الاقتصادي وما يترتب عليه من انقطاع للكهرباء وشح في المحروقات. وأوردت في بيان، "يتعرض أكثر من أربعة ملايين شخص، بينهم مليون لاجئ، لخطر فقدان إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب في لبنان".
وعددت المنظمة أسباباً عدة بينها العجز عن دفع تكلفة الصيانة بالدولار وانهيار شبكة الكهرباء و"مخاطر ارتفاع تكلفة المحروقات". وتوقعت أن تتوقف معظم محطات ضخ المياه عن العمل "تدريجياً في مختلف أنحاء البلاد في غضون أربعة إلى ستة أسابيع مقبلة".
وفي حال انهيار شبكة الإمدادات العامة، قدرت المنظمة أن ترتفع تكلفة حصول الأسر على المياه بنسبة 200 في المئة شهرياً، كونها ستضطر للجوء إلى شركات خاصة لشراء المياه.
تعالي الصرخات
إلى ذلك، تهدد أزمة الكهرباء أوجه حياة اللبنانيين كافةً. فقد حذرت نقابة أصحاب السوبرماركت من تأثير ذلك على "سلامة المواد الغذائية التي تحتاج إلى تبريد"، داعيةً المسؤولين إلى إيجاد حل جذري للأزمة، مشيرةً إلى أن "الوقت ينفذ وأي تأخر سيؤدي إلى إلحاق ضرر شديد بهذا القطاع الحيوي وبالأمن الغذائي للبنانيين".
رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز ومستلزماته، فريد زينون، حذر بدوره في بيان، من أن "قوارير الغاز ستفقد من الأسواق، وذلك جراء فقدان مادة المازوت التي تعمل على أساسها آليات موزعي الغاز".
كما أطلقت نقابات القطاع السياحي صرخةً تشكو من تداعيات انقطاع المازوت والكهرباء على الموسم الصيفي الذي ينتعش حتى الآن بفضل مجيء اللبنانيين المغتربين والسياح.