المتابع للمسلسل الفرنسي "Call My Agent"، سيرى عن قرب كيف تتشكل العلاقة بين الفنان ومدير أعماله من خلال وكالة احترافية يعرف العاملون بها كيف يصنعونه ويسهمون في بناء مسيرته ويصلحون علاقته بالجمهور والإعلام في وقت الأزمات. بل وكيف يديرون حياته الخاصة إن تطلب الأمر.
المسلسل الذي عرض على أربعة مواسم والخامس في الطريق يبدو كدرس مثالي لمن يرغب بأن يمتهن هذه الوظيفة، وأيضاً وسيلة للمشاهير في كيفية اختيار الفريق المقرب منهم، وهو فريق من المستشارين والمتخصصين لديهم خبرة، وليسوا مجرد معارف وأصدقاء يعتمد على نصائحهم بشكل ودي، لكن هل ما يحدث في العالم العربي سواء في ما يتعلق بالوكالات التي تدير مجموعة من النجوم أو مديري الأعمال الذين يعملون بشكل منفرد يقترب ولو قليلاً من الشكل الصحيح لعالم إدارة أعمال النجوم في العالم؟!
وكالات إدارة الأعمال تهيمن على السوق
على مدار أعوام، تغيرت طبيعة مهمة مدير أعمال الفنان، إذ كانت المهنة هامشية، وقليل من المشاهير يحتاجون إليها، ولكنها باتت ضرورية ولا غنى عنها، وأصبح مدير الأعمال هو المستشار الناصح للفنان في أزماته مع الجمهور والإعلام، وأيضاً هو من يسهم في رسم صورته وشخصيته الفنية، ويجلب عروض العمل له سواء في أدوار تمثيلية أو حفلات ومهرجانات أو حتى تكريمات، وكذلك ينتقي معه البرامج التي يظهر بها، وفي ما بعد أصبحت هذه المهمة تحتاج إلى أكثر من شخص، فبات الأمر متعلقاً كذلك بإدارة حسابات الفنان على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً الظهور في الإعلانات التجارية سواء عبر السوشيال ميديا أو في المحطات التلفزيوينة.
وفي حين أضحت الوكالات المعنية بإدارة الأعمال والعلاقات العامة هي المفضلة لكثير من المشاهير حالياً لكن بعضهم لا يزال يعتمد على الطرق القديمة سواء بالاستعانة بمدير أعمال محدود المهمات أو يعتمد على مساعدة بعض المعارف، أو يبدّل إدارات أعماله كل عامين أو ثلاثة، فتتأثر مسيرته ويصبح في حالة من التخبط مما ينعكس على عمله، نظراً إلى أن فكرة الاستعانة بمدير أعمال تيسّر كثيراً من الأمور على النجم وتوفّر عليه مجهوداً ووقتاً وتجعله أكثر تركيزاً على مهنته.
مهمة مدير الأعمال الحقيقية
يشرح الخبير الإعلامي محمد عبد الرحمن الوظيفة الحقيقية لإدارة أعمال الفنان، إذ إنها جهة أو شخص يُعنى بمتابعة أعمال الفنان ومساندته في اختيار السيناريوهات المعروضة عليه في حالة الممثل أو الأغنيات في حالة المطرب، ولكن ما يحدث هو أن الفنان يختار بنفسه المهمات المنوط بها مَن يدير أعماله، ويضيف، "دور الوكالة هنا هو إدارة أعمال الفنان على أكثر من مستوى بينها تولّي التعاقدات التي يبرمها بالنسبة إلى أعماله الجديدة، كما من الممكن أن يشمل الاتفاق المساعدة في إنجاز الأمور القانونية في ما يتعلق بالضرائب وغيرها، ومن ضمن دورها أيضاً الاهتمام بشق العلاقات العامة الخاصة بالفنان وأيضاً إدارة صفحات التواصل الاجتماعي الرسمية التي تحمل اسمه، إضافة إلى الأمور المالية واتفاقات الحملات الإعلانية التي يشترك فيها، وربما يشمل التعاقد مع الوكالة كل هذه المزايا مجتمعة أو جزءًا منها، بحسب ما يفضل الفنان".
ويعتقد عبد الرحمن أن هناك أفكاراً قديمة كانت مترسخة بخصوص هذه المهنة، إذ كان يعتبر كثيرون أن مدير الأعمال بمثابة المساعد أو "اللبيس" للفنان، لكن في الأعوام الأخيرة تطور الأمر كثيراً، كما أصبحت الوكالة التي تتولى إدارة أعمال المشاهير أمراً واقعاً ويزداد انتشارها.
الأزواج يذهبون إلى المحكمة
واللافت أن الأزمات التي حدثت على مدار أعوام بين النجوم وإدارات أعمالهم كانت تتعلق بأشخاص يتولّون تلك المهمة وليس وكالة متعددة المهمات، بحيث واجه عدد كبير من النجوم مشكلات وصلت إلى حد القضاء والتراشق بالاتهامات بينهم ومديري أعمالهم، بعدما استمروا لأعوام في التعاون معاً ثم حدثت خلافات كبرى تم تداولها علانية، بينهم المغنية المصرية بوسي مع زوجها ومدير أعمالها السابق وليد فطين، إذ تبادلا الاتهامات وصدرت أحكام بحق كليهما بسبب خلافات مالية، الأمر الذي تسبب في اختفائها الفني بحيث أصبحت مقلّة في المشاركة في حفلات.
واللافت أنها قبل تلك الأزمة، كانت حققت نجومية كبيرة ووجوداً إعلامياً بارزاً، والأمر مشابه أيضاً لما حدث مع نوال الزغبي وزوجها ومدير أعمالها السابق إيلي ديب، إذ انفصلا فنياً وعاطفياً، بسبب مشكلات متعددة بعدما ظلا معاً 15 عاماً صنعت خلالها اسمها، ولكنها لم تتأثر بعد الانفصال، فكانت رسخت قدميها كنجمة أولى، وإن كانت أزماتهما وصلت إلى القضاء واستمرت في المحاكم على مدار أعوام طويلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يختلف وضع أصالة كثيراً، فتكررت القصة مع زوجها ومنتج ومدير أعمالها السابق أيمن الذهبي، إذ انفصلت عنه بعد مسيرة فنية حافلة كان يتولّى هو الإشراف عليها، ولكن هذا الأمر لم ينعكس عليها فنياً بشكل كبير وظلت محافظة على مستوى أعمالها، ولكن الفنان الشاب محمد الشرنوبي تأثر فنياً بعد انفصاله الفني والعاطفي عن مديرة أعماله وخطيبته السابقة سارة الطباخ ودخلا في مشكلات عدة وقضايا، بحيث لا تزال الأزمة قائمة بينه وبينها حتى الآن. كذلك القضاء كان عنوان أزمة هيفاء وهبي ومدير أعمالها السابق محمد وزيري، وأيضاً شيرين عبد الوهاب ومدير أعمالها السابق ياسر خليل، إذ فُضّت الشراكة ببيان رسمي مطول ولكن بعد زواج شيرين عبد الوهاب من حسام حبيب صعدت المشكلات من جديد إلى السطح بسبب مسائل عالقة مع خليل، ووصل الأمر إلى المحكمة، واللافت أنها منذ إنهاء عملها مع ياسر خليل قبل أربعة أعوام تقريباً، لم تحظَ بإدارة أعمال احترافية وتعاني الاختفاء الفني، فلا تظهر إلا في فترات متباعدة.
الأشقاء يربحون
وفي حين تبدو ثنائية الفنانة وزوجها مدير الأعمال غير ناجحة في غالبية الأوقات بالعالم العربي، فإن الأشقاء يثبتون أنهم أكثر نجاحاً في ما يتعلق بإدارة أعمال إخوتهم من المشاهير، وهو أمر يبدو واضحاً في حالة الفنان محمد رمضان الذي يتولّى شقيقه محمود رمضان إدارة أعماله، وأيضاً ميريام فارس وشقيقتها رولا، إذ تدير الأخيرة أعمالها منذ أعوام طويلة، والأمر مماثل بالنسبة إلى الفنان راغب علامة، فشقيقه خضر علامة رافقه في مشواره منذ بداياته، وكذلك حسام حسني يتولّى إدارة أعمال أخيه النجم تامر حسني.
فيما يُعتبر النموذج المثالي لمعنى تعبير مدير أعمال منطبقاً بشدة على السيد جيجي لامارا، مدير أعمال نانسي عجرم، الذي خطط لمسيرتها وصنع نجوميتها في وقت قياسي، وساعدها في إيجاد شخصيتها الفنية من خلال المساهمة في اختياراتها منذ بداية انطلاقتها قبل أكثر من 15 عاماً. ويرى الخبير الإعلامي محمد عبد الرحمن أن لامارا هو أول شكل مختلف لمدير الأعمال بمعناه المتطور على مستوى العالم العربي.
ولكن اللافت أنه في بعض الأوقات، يتحول مدير أعمال النجم إلى نجم بحدّ ذاته ولا يردّ على اتصالات وسائل الإعلام وكأنه هو أيضاً بحاجة إلى مدير أعمال، وهي معضلة تتكرر كثيراً في العالم العربي ويعلّق عليها عبد الرحمن، "اللافت أنه حتى الآن وبالرغم من تطور المهنة، هناك أزمة دائمة تتعلق بنوعية معينة من الفنانين الذين يصعب الوصول إليهم شخصياً أو عن طريق مدير الأعمال الذي لا يردّ هو الآخر على طلبات الاتصال، وهي أزمة ترتبط غالباً بطبيعة الفنان نفسه وبرؤيته لفكرة إدارة الأعمال، إذ لا يوليها الاهتمام".
فيما يختتم الخبير الإعلامي كلامه بالتأكيد على أن هناك اشتراطات عدة مطلوبة من أجل اكتمال تجربة نجاح هذه النوعية من الوكالات، بينها أن يكون عملها احترافياً بالدرجة الأولى وتسعى بجدية إلى المساهمة في تطوير مسيرة النجم، وأن تهدف كذلك إلى التعامل مع الوجوه الجديدة والمساعدة في صناعتها وليس فقط التعاون مع النجوم المتحققين بالفعل، وكذلك أن يكون لها دور في توجيه النجم فنياً ومهنياً وليس فقط إدارة أموره المادية وجدولة مواعيده مع وسائل الإعلام وجهات العمل، وأن يتعامل النجم باحترافية أيضاً مع الوكالة وأن يثق بآراء مستشاريها، لا سيما الفنية المتعلقة باختياراته وأن يسعى كل المشاهير إلى هذا الأمر، أما الاستثناء، فأن يكون الفنان بلا وكالة وليس العكس، وأيضاً يجب ألا يتعامل المنتجون وصناع العمل الفني باعتبارها عائقاً للوصول إلى النجم، وهذا أمر وثقافة يجب أن يختفيا، فشركات الإنتاج الكبرى في العالم العربي تتعامل مع النجم مباشرة وترفض التواصل مع الوكالات".