مع اقتراب بحث الحكومة الإسرائيلية الموازنة العامة، أعاد الجيش الإسرائيلي مطالبه بزيادة موازنته العسكرية ليبقى صاحب أكبر واحدة في العالم من حيث النسبة المئوية، وفق مقارنة عسكريين الموازنة الإسرائيلية بما لدى جيوش دول أخرى.
وفي وقت يكثّف أمنيون وعسكريون من نشر تقارير تتضمن تحذيرات من خطر تصعيد أمني تجاه غزة ولبنان، توجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي بطلب إلى رئيس الحكومة نفتالي بينت لزيادة الموازنة العسكرية بمبالغ طائلة، تصل الى حوالى ثلاثة مليارات دولار، وهو مبلغ أثار نقاشات داخلية وخلافات غير سهلة في ظل الوضع الاقتصادي المنهار في إسرائيل، خصوصاً بعد عام ونصف العام من وباء كورونا والإغلاقات المستمرة والحديث الحالي عن خطر إغلاق جديد بعد أعياد اليهود، في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، ووجود نسبة عالية من العاطلين من العمل منذ حوالى عامين من دون إيجاد حل لضائقتهم الاقتصادية.
وفي استعراضها لمطالب كوخافي، ذكرت الصحيفة الاقتصادية "ذي ماركر" التابعة لصحيفة "هآرتس" أن هناك كثيراً من المطالب، لم تُعرف تفاصيلها، وتعتبر المطالب التي كشف عنها نقطة في بحر ما تشمله المطالب الأخرى للجيش.
وفي اجتماع عقده كوخافي مع بينت وآخر مع وزير المالية أفيغدور لبيرمان، استعرض تقريراً حول الأوضاع الأمنية في المنطقة والتهديدات المحدقة بإسرائيل من مختلف الجبهات في مقابل متطلبات الجيش من حيث الاستعدادات العسكرية وتجهيز المعدات القتالية، الدفاعية منها والهجومية لمواجهة مختلف السيناريوهات المتوقعة خصوصاً تجاه إيران ولبنان، وفي اللقاءين، اعتبر كوخافي الوضع الحالي للجيش والمؤسسة العسكرية، برمتها، يتطلب كثيراً من الموازنات لتحسينه وإعادة تأهيل ما تمت خسارته وفقدانه خلال العملية العسكرية الأخيرة على غزة "حامي الاسوار".
منع المالية من الإشراف والمراقبة
وفي جانب منفرد من تقرير الجيش ومطالبه، استعرض كوخافي الوضع تجاه إيران وما تعتبره إسرائيل خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها من ناحيتي النووي والتموضع الإيراني في سوريا، وطالب بموازنة خاصة في ظل عدم جاهزية الجيش لأية مواجهة متوقعة تجاه طهران، وضمان استكمال استعداداته على مختلف الأصعدة سواء التدريبات العسكرية أو المعدات القتالية المتطورة القادرة على مواجهات بعيدة المدى وصواريخ دقيقة ومتطورة يمكن أن تتعرض لها إسرائيل، ليس فقط خلال مواجهتها إيران إنما أيضاً لبنان، حيث الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها "حزب الله".
وتبين مما تم تسريبه من التقرير، الذي تتضمن مطالب كوخافي أمام بينت وليبرمان، أن هناك مبالغ مالية بحوالى مليار ونصف مليار دولار تضاف كل سنة من السنوات الخمس المقبلة، ومليار دولار لتغطية نفقات العملية العسكرية "حامي الأسوار"، على غزة، وما تبقى من المبلغ المطلوب سيتم تخصيصه للاعتناء بمقعدي الجيش ومصاريف ضرورية، وفق الجيش.
وبحسب ما ترى جهات مطلعة على الأبحاث التي يجريها الجيش مع الحكومة، فإن هدف قادة الجيش، وفي مقدمهم كوخافي، من هذه الاجتماعات التمهيدية مع بينت وليبرمان، ضمان تنفيذ مطالبهم الى جانب محاولة منع وزارة المالية من تشديد الإشراف ومراقبة موازنة الأمن، وكيفية إنفاقها، وهي مبادرة تخطط وزارة المالية إلى شملها في إطار قانون التسويات، إذ تتم المصادقة عليها في موازاة المصادقة على ميزانية الدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشهد العلاقات بين الجيش ووزارة المالية خلافات حول أمور أساسية مثل عدد السنوات التي سيتم خلالها تنفيذ خطة الموازنة الجديدة، إذ يطالب الجيش بدفعها على مدى خمس سنوات، ويقوم خلالها بتنفيذ خطته "تنوفا"، التي انتهت المدة المطلوبة لتنفيذها، وستعرض على الحكومة للمصادقة عليها من جديد، أما وزارة المالية، فترفض المصادقة على أية موازنة توزّع على سنوات، واقتصار المصادقة على الموازنة العامة لسنة 2022. واعتبر مسؤولون في المالية المبلغ الذي طلبه كوخافي مضخماً، وعبّر بعضهم عن ذهوله من هذا المبلغ، رافضاً مطلب رئيس الأركان بدفع الزيادة التي يطالب بها على مدى خمس سنوات بدءاً من السنة الحالية.
نفقات "حامي الأسوار"
في جانب آخر من الخلافات بين الجيش ووزارة المالية، اعتبرت الأخيرة المبلغ الذي يطالب به كوخافي أكبر بكثير مما يطرحه المحاسب العام لوزارة المالية ولا يتجاوز 70 في المئة من المبلغ المطلوب.
وأعاد رفض المالية المبلغ الذي يطالب به كوخافي النقاش الذي تشهده إسرائيل منذ سنوات طويلة حول المبالغة في الموازنة العسكرية، والتي كان رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، يوافق عليها كلما طرحت، وفي الوقت نفسه، تطالب وزارة المالية بإجراء تقليصات في مختلف الجوانب داخل الجيش بينها التبذير وتوزيع مكافآت غير قانونية على عناصره.
وهناك جانب آخر من الخلافات، يعتبره الجيش عدم استقلالية بالنسبة لمؤسسته، إذ تطالب وزارة المالية بضم مندوب عنها إلى الوحدة الداخلية في الجيش التي تتابع موضوعي الرواتب والتقاعد.
حرب لا محالة على لبنان
وخلال عرضه الوضع الأمني في المنطقة، تطرق كوخافي إلى تقارير عسكرية وأمنية تشير إلى ارتفاع احتمال تصعيد التوتر تجاه لبنان ووقوع مواجهات قريبة، واعتبر أن المواجهات باتت مسألة وقت، خصوصاً في ظل الأوضاع المتدهورة التي يشهدها لبنان.
وبحسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية، فقد أجرى "حزب الله" تغييرات استراتيجية قد تؤدي إلى هذا التصعيد، وفي الوقت نفسه يستعد لخوض أيام قتالية محدودة، يمكن أن تتطور في حال نجح الحزب في إسقاط طائرة إسرائيلية من دون طيار أو إطلاق قذائف وصواريخ تلحق أضراراً داخل إسرائيل.
تحديات ومخاطر
يشار إلى أن معهد السياسة والاستراتيجية في إسرائيل أعد تقريراً خاصاً حول التحديات والمخاطر التي تعيشها إسرائيل، قدّم خلاله توصيات للحكومة الجديدة ودعاها إلى بلورة فورية لميزانية تضمن التصدي للتحديات، كما طالب المجلس الوزاري الأمني المصغر، والجيش الإسرائيلي، إلى إعادة احتساب المسار وتنفيذ تعديلات على خطة كوخافي "تنوفا" والعمل على سد الثغرات التي وصفها بـ"الخطيرة" بكل ما يتعلق في جاهزية الجبهة الداخلية لأي حرب مقبلة، كما شدد المعهد على ضرورة التصرف بشكل صحيح بموازنة المساعدة الأميركية التي طالب بها المسؤولون الإسرائيليون لتسليح الجيش الإسرائيلي بمنظومات قتالية متطورة.