في الوقت الذي حذر فيه عقيلة صالح، رئيس البرلمان المتحالف مع قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي)، من ظهور حكومة جديدة موازية في الشرق، قُتل محمد الكاني قائد اللواء التاسع في قوات شرق ليبيا.
وقال صالح لوكالة "رويترز" في مكتبه في بلدة القبة بشرق البلاد إن ليبيا ستعود إلى "المربع الأول" وإلى اضطرابات عام 2011 إذا تأجلت الانتخابات الوطنية المقررة في ديسمبر (كانون الأول).
أضاف أنه لا يريد رؤية المزيد من الانقسامات.
واعتبر أن "الرئيس وحده الذي يحسم أمر وجود القوات والمرتزقة الأجانب في البلاد"، لافتاً إلى أن هناك صعوبات في توحيد الجيش بسبب التدخلات الخارجية.
ورأى أن حكومة الوحدة الوطنية فشلت في توحيد المؤسسات وأصبحت حكومة لطرابلس فحسب، وطالبها بالاهتمام بالالتزامات المتعلقة بالحكومتين اللتين جرى حلهما.
وأضاف "لدينا إعلان دستوري... نحن لسنا بحاجة إلى الالتفاف وضياع الوقت. ولا مساومة".
وتابع صالح أن الميزانية التي اقترحتها الحكومة وقيمتها مئة مليار دينار (21.15 مليار دولار) كبيرة للغاية، وأنه كان يتوقع الموافقة على رقم يصل إلى 80 ملياراً.
مقتل الكاني
وفي شأن مقتل الكاني قال مصدر عسكري، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، الثلاثاء، إن "وحدات من الشرطة العسكرية داهمت المزرعة التي يقيم فيها الكاني في منطقة بوعطني في بنغازي، بناء على أوامر ضبط صادرة من النائب العام والادعاء العسكري".
وأضاف "قتل الكاني خلال مقاومته القوات العسكرية بصحبة رفاقه المطلوبين لدى النائب العام والادعاء العسكري".
وأوضح أن "الاتهامات التي تطاول الكاني وأشقاءه تأتي على خلفية المقابر الجماعية في مدينة ترهونة" الواقعة على مسافة 80 كلم جنوب طرابلس، التي اتخذتها قوات المشير خليفة حفتر غرفة عمليات في غرب البلاد بهدف السيطرة على طرابلس قبل أكثر من عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتولى الكاني قيادة أكبر الوحدات العسكرية الموالية لقوات حفتر غرب ليبيا، قبيل انسحابه من مدينة ترهونة إلى شرق البلاد مطلع يونيو (حزيران) 2020، بعدما أعادت قوات حكومة طرابلس آنذاك السيطرة على المدينة.
وعقب الانسحاب عُثر على أكثر من 20 مقبرة جماعية بترهونة، أخرجت منها أكثر من 100 جثة ورفات معظمها لمدنيين مجهولي الهوية.
وأدرجت الولايات المتحدة محمد الكاني وعائلته على لائحتها السوداء نهاية العام الماضي، وفرضت عقوبات بمنع السفر وتجميد أموالهم، لتورطهم في عمليات قتل وتعذيب جماعي خارج إطار القانون.
وحاولت واشنطن تمرير قرار أممي عبر مجلس الأمن، يدين عائلة الكاني بارتكاب "جرائم حرب"، غير أن موسكو عارضت مشروع القرار، نظراً إلى ارتباط الكاني بقوات المشير خليفة حفتر الداعمة لها، مؤكدة أن هذه الاتهامات "تفتقر إلى الأدلة القاطعة".
وفي مارس (آذار) الماضي، أصدرت بريطانيا قراراً بفرض عدد من العقوبات على عائلة الكاني، بدعوى ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع في ليبيا.
وعقب انتهاء العمليات العسكرية بين قوات حكومة طرابلس وقوات المشير حفتر، تُوصل إلى اتفاق وقف دائم لإطلاق النار نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وأعقب ذلك توافق الفرقاء الليبيين في جنيف على خريطة طريق أدت إلى اختيار سلطة سياسية موحدة "مؤقتاً" تحضر للانتخابات العامة نهاية العام الحالي.
خطوة حاسمة
وينظر إلى هذه الانتخابات في الغرب باعتبارها خطوة حاسمة لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا، التي تشهد حالة من الفوضى منذ انتفاضة عام 2011 المدعومة من حلف شمال الأطلسي، التي أطاحت حكم معمر القذافي.
وقُسمت ليبيا، المنتج الكبير للنفط والغاز، في عام 2014 بين حكومة معترف بها دولياً في الغرب، وإدارة منافسة في الشرق أقامت مؤسسات خاصة بها.
وأدت عملية سلام تقودها الأمم المتحدة إلى التوصل لوقف لإطلاق النار العام الماضي بعد اندلاع قتال بين الفصائل المتناحرة. وتشكلت حكومة وحدة وطنية في فبراير (شباط) وأقرها البرلمان في مارس.
وهدف حكومة الوحدة الوطنية هو ضمان استمرار الخدمات العامة وقيادة البلاد لانتخابات عامة يوم 24 ديسمبر.
وقادت عملية السلام كذلك إلى هدنة في سبتمبر (أيلول) بعد فشل هجوم استمر 14 شهراً بقيادة حفتر. ودعت الهدنة إلى مغادرة جميع القوات الأجنبية وقوات المرتزقة.
وقال مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية الشهر الماضي إن تركيا وروسيا، اللتين تدعم كل منهما طرفاً مختلفاً في الصراع الليبي، توصلتا إلى تفاهم أولي للعمل على تحقيق هدف سحب نحو 300 من المرتزقة السوريين من كل جانب من جانبي الصراع.