كشف استطلاع جديد أجري في بريطانيا أن نحو معلم من كل خمسة معلمين في مدارس موجودة في المناطق الأكثر ثراءً في إنجلترا، تحدث عن تعرضه لضغط من ذوي الطلاب، في ما يتعلق بتعديل درجات امتحانات أبنائهم هذا السنة.
وبحسب تقرير أعدته مؤسسة "ساتون تراست" (منظمة خيرية تعنى بتحسين الحراك الاجتماعي للناشئين والتصدي لمسألة الحرمان من التعليم)، فإن ما يقرب من مدرس من كل أربعة مدرسين (23 في المئة) في المؤسسات التعليمية الخاصة، ونحو 17 في المئة في المدارس الحكومية في المناطق الميسورة، قد تم الاتصال بهم أو تعرضوا للضغط من جانب أولياء أمور الطلاب، في ما يتعلق بدرجات أبنائهم.
وتبين من خلاصات الاستطلاع نفسه، أن ما يربو قليلاً على شخص من كل عشرة أشخاص (11 في المئة) من معلمي المدارس الحكومية في المناطق الفقيرة، قد تعرضوا في المقابل لضغوط.
تأتي هذه النتائج بعد ما كان المعلمون في إنجلترا قد أصدروا قراراتهم في ما يتعلق بدرجات طلبة شهادتي الثانوية العامة GCSE و"المستوى أ" A-Level لهذه السنة. وسيتم إصدارها في غضون أسبوعين.
يأتي ذلك بعد ما كان مكتب "أوفكوال" Office of Qualifications and Examinations Regulation (Ofqual) (المسؤول عن تنظيم الاختبارات والامتحانات الرسمية والتقييمات في إنجلترا) قد تخلى في العام الماضي عن خوارزمية نتائج "المستوى أ" و"جي سي أس إي"، بعد خفض عدد كبير من النتائج، الأمر الذي أثار حفيظة التلاميذ والمعلمين وأولياء الأمور.
وقد أُلغيت امتحانات الصيف للسنة الثانية على التوالي بسبب الوباء. وسيتم تحديد الدرجات من جانب المعلمين، اعتماداً على مجموعة واسعة من الأدلة مثل الدورات الدراسية والامتحانات الدورية غير الرسمية.
غير أن التقرير، يتحدث عن تباين كبير في عدد التقييمات التي أجراها طلاب "المستوى أ"، لتحديد درجاتهم هذا الصيف. وبحسب الاستطلاع، أكد تقريباً اثنان من كل خمسة معلمين (38 في المئة) أن تلاميذهم أجروا ثلاثة إلى أربعة "اختبارات مصغرة" أو خضعوا لتقييمات لكل مادة داخل الصفوف.
بيد أن البحث الذي شمل أكثر من 3 آلاف مدرس في إنجلترا، أشار إلى أن 18 في المئة من الذين استُطلعت آراؤهم تحدثوا عن إجراء اختبارين أو أقل، فيما أفاد 18 في المئة عن إجراء أكثر من ستة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستناداً إلى الدراسة نفسها، تبين بنتيجة استطلاع للرأي شمل أكثر من 400 طالب جامعي، أن ما يقرب من نصفهم (47 في المئة) يعتقدون أن الاضطرابات الناجمة عن فيروس "كوفيد" ستؤثر سلباً على فرصتهم في الالتحاق بالجامعة الفضلى التي اختاروها.
وبحسب الاستطلاع، تبين أن معظم المتقدمين بطلب الالتحاق بالجامعات (53 في المئة) يشعرون بالقلق في ما يتعلق باستعدادهم لبدء الدراسة هذا الخريف، فيما يشعر قرابة الثلث (34 في المئة) بأنهم ليسوا على استعداد لارتياد الجامعة.
وكشف الاستطلاع أن عدد طلاب المدارس الرسمية (36 في المئة) الذين لا يبدون استعداداً لبدء دراستهم الجامعية، هم أكثر من ضعف عدد زملائهم في المدارس المستقلة (17 في المئة).
ويوضح السير بيتر لامبل مؤسس منظمة "ساتون تراست" ورئيس مجلس إدارتها، أن "مجموعة من المتقدمين هذه السنة للجامعات، واجه أفرادها نحو عامين من التعليم المتقطع. ومع اقتراب يوم صدور النتائج، من الضروري ألا يتعرض الطلاب الأكثر فقراً للحرمان، بسبب التأثير الأكبر للوباء عليهم". وطالب الجامعات بأن "تولي مزيداً من الاهتمام للطلاب المحرومين الذين لم يتمكنوا من الحصول على درجاتهم".
أما جيف بارتون الأمين العام لـ"رابطة قادة المدارس والكليات" Association of School and College Leaders (ASCL) فأشار إلى أن عدداً من المعلمين واجه معاناةً إضافيةً في التعامل مع الضغط الذي مارسه عليهم أولياء الأمور. وقال: "نعلم أن هؤلاء الآباء يعتقدون أنهم يبذلون قصارى جهدهم من أجل أبنائهم. إلا أن هذه المسألة زادت من حدة الضغوط خلال فترة عصيبة للغاية. فالدرجات تستند بطبيعة الحال إلى أدلة ترتبط بأداء الطلاب، وليس على الضغوط القوية التي يمارسها علينا الأهالي"، على حد تعبيره.
ورأت كايت غرين وزيرة التربية والتعليم في حكومة الظل "العمالية" أنه "عندما يأتي اليوم الذي نعلن فيه عن النتائج، يتعين علينا تقديم الدعم اللازم لجميع الطلاب، وليس فقط للفئة الأكثر امتيازاً، وذلك لتشجيعهم على مواصلة التقدم في تعليمهم أو تدريبهم أو توظيفهم". واعتبرت أن "المحافظين" تعاملوا طيلة فترة هذا الوباء مع متطلبات الأطفال والشباب، على أنها مسائل ثانوية لاحقة".
وأشارت إلى أنه "يتعين على الوزراء أن يعملوا على وجه السرعة الآن، لتحديد طرق الدعم الذي يجب أن يكون متاحاً للتلاميذ وأولياء الأمور والمعلمين على حد سواء، يوم إعلان النتائج الدراسية، وذلك لضمان عدم تعرض أي شاب لخسارة أي فرص مستقبلية، بسبب فشل استجابتهم للوباء".
الدكتورة ميشيل ميدوز نائبة رئيس هيئة التنظيم في مكتب "أوفكوال"، أكدت أنه "على الرغم من إلغاء الاختبارات، سيحصل الطلاب على درجاتهم الدراسية كي يتمكنوا من المضي قدماً في حياتهم". وأردفت بالقول إن "هؤلاء الأهالي الذين حاولوا التأثير على أحكام المعلمين تصرفوا بشكل خطأ".
وأوضحت متحدثة باسم وزارة التعليم البريطانية أن "أحداً ليس قادراً على الحكم على إمكانات الشبان أكثر من معلميهم. فقد تم تقييم الطلاب بناءً على ما تم تدريسه فقط، ما يدعم حق الذين ربما لم تتح لهم الفرصة للتعلم بمقدار ما كانوا يفعلونه في العام العادي، وهذا يعني أن المعلمين قد أجروا تقييماتهم بشكل فعال، بناءً على المبدأ المتمثل في حق كل طالب بأن يحظى بما هو أفضل له".
وختمت بالقول: "ينبغي ألا يتعرض أي معلم لضغوط غير ضرورية. أما الدرجات فتخضع لتقويمات داخلية واسعة النطاق في المدارس، ولفحوصات خارجية من قبل المجالس المختصة بالامتحانات، بهدف التأكد من أنها تعكس جهود الطلاب بشكل عادل".
أسهمت وكالة "برس أسوسييشن" في إعداد محتوى هذا التقرير
© The Independent