للمرة الثالثة على التوالي، أعلنت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تثبيت التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى "B2" مع الإبقاء على نظرة مستقبلية للاقتصاد المصري. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة المصرية بدء تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقت المرحلة الأولى منه في أول نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، لتستهدف المرحلة الثانية 3 قطاعات يتصدرها الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ثم الصناعة والتصدير، وأخيراً قطاع الزراعة.
وفي تقريرها، أشادت الوكالة الدولية باستمرار جهود الحكومة المصرية في استهداف خفض عجز الموازنة العامة خلال العام المالي الحالي (2021 -2022) إلى نحو 6.7 في المئة من الناتج المحلي مع استمرار تحقيق فائض أولي يبلغ نحو 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
واستعرضت الوكالة أهم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية للحفاظ على الأهداف المالية مثل إعادة ترشيد الإنفاق وزيادة مخصصات قطاعات الصحة والتعليم و"تكافل وكرامة" والتحويلات النقدية للفئات الأكثر احتياجاً ومساندة الصادرات، إضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتوسيع القاعدة الضريبية.
وتوقعت "موديز"، معاودة الاقتصاد المصري تحقيق معدلات نمو قوية تبلغ نحو 5.5 في المئة خلال العام المالي الحالي، مقابل 2.8 في المئة كانت توقعتها في تقرير سابق. وجاء تعديل التوقعات في ظل مساهمة إيجابية ومرتفعة متوقعة من عدة قطاعات بينها التكنولوجيا والاتصالات، والصحة والخدمات الحكومية، والجملة والتجزئة والزراعة. ورجحت الوكالة أن تكون مساهمة قطاعات السياحة والطيران والصناعات التحويلية والبناء والتشييد مساهمة إيجابية أيضاً مع تخفيف القيود تدريجياً على السفر وحركة التجارة العالمية.
تجاوز الصدمات الخارجية والداخلية
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، إن قرار مؤسسة "موديز" بتثبيت التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى "B2" مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري، يعكس استمرار ثقة المؤسسات الدولية، بخاصة مؤسسات التصنيف الائتماني في صلابة الاقتصاد المصري وقدرته على التعامل الإيجابي المرن مع أزمة كورونا على عكس الاقتصادات النظيرة والناشئة.
وأشار إلى أن التصنيف يعكس ثقة المؤسسة في قدرة الاقتصاد المصري على تجاوز الصدمات الخارجية والداخلية الناتجة عن الجائحة، بسبب قوة ومرونة إطار مقاومة الصدمات الذي كان واضحاً نتيجة استمرار الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية، إضافة إلى توفر قاعدة تمويل محلية قوية ومتنوعة في مصر وارتفاع رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي واستمرار الحكومة في تنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادي الهيكلي التي تهدف إلى تحسين القدرة التنافسية للصادرات وتوسيع قاعدة الإيرادات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن قرار "موديز" يمثل ترسيخاً مستمراً لرصيد الثقة المتولد بسبب الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنفذة خلال السنوات الماضية، مما أعطى قدراً كافياً من المرونة للاقتصاد المصري يمكنه من تمويل احتياجاته بالعملتين المحلية والأجنبية رغم استمرار تفشي فيروس كورونا والتداعيات السلبية للجائحة على الاقتصاد العالمي واقتصادات المنطقة.
تعديل سلبي لـ50 في المئة من دول الشرق الأوسط
وأوضح أن قرار تثبيت التصنيف الائتماني لمصر تم في الوقت الذي قامت فيه وكالة "موديز" بخفض التصنيف الائتماني أو إجراء تعديل سلبي للنظرة المستقبلية لأكثر من 50 في المئة من دول أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما يعكس فعالية وتوازن السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة من الحكومة خلال السنوات الماضية حيث تم الحفاظ على تحقيق فائض أولي بالموازنة العامة من خلال تحقيق وفورات على جانب المصروفات العامة وزيادة الإيرادات العامة إلى جانب أداء أفضل من المتوقع لحصيلة الإيرادات الضريبية، مما جعل دين الحكومة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 90 في المئة بحسب توقعات "موديز".
وأشار إلى أن تقرير المؤسسة توقع انخفاض الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 84 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024 مدعوماً باستمرار تحقيق فوائض أولية وزيادة النمو الاقتصادي إلى ما يقرب من 5.5 في المئة بدءاً من العام المالي الحالي (2021 – 2022) وإطالة عمر الدين إلى ما يقرب من 4 سنوات، واستمرار تنفيذ استراتيجية الدين بكفاءة على المدى المتوسط مما يسهم في خفض الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة لأقل من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقديرات المؤسسة، بما ينعكس على خفض تكاليف خدمة الدين.
وشدد الوزير المصري على أهمية استمرار تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي الذي تتبناه الحكومة لتحسين مناخ الأعمال من خلال تنفيذ عدة إصلاحات هيكلية تسهم في زيادة استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي في كل المشروعات التنموية القومية في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة، إضافة إلى تحسين القدرة التنافسية للمنتجات المصرية وزيادة حصيلة الصادرات المصرية غير البترولية على النحو الذي يسهم في تحسن الميزان التجاري.
حزمة التحفيز الوقائية
ووفق بيان لوزارة المالية، قال أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، "إن التزام الحكومة المصرية باستمرار تسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي ودفع معدلات النشاط الاقتصادي والنمو، جاء نتيجة حزمة الإجراءات التحفيزية الوقائية التي بلغت قيمتها 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمساندة القطاعات الاقتصادية والفئات الأولى بالرعاية."
وانعكس هذا التوجه في قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق مؤشرات مالية قوية فاقت التقديرات للعام المالي الماضي من خلال تحقيق فائض أولي قدره 1.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وخفض العجز الكلي لنحو 7.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي (2019 - 2020).
وأشار إلى أن الأداء القوي للمالية العامة جاء نتيجة تحسن وتعافي الأداء الاقتصادي في ظل الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها الحكومة المصرية لمواجهة جائحة كورونا، والإجراءات الإصلاحية التي استهدفت توسيع القاعدة الضريبية وتعميم إجراءات الميكنة لتحسين وتبسيط الخدمات المقدمة للممولين والحد من التهرب الضريبي.
وقال إن الإصلاحات والسياسات المتبعة أسهمت في تحقيق خفض تدريجي في فاتورة خدمة الدين نتيجة لإطالة عمره واستقرار أسعار الفائدة على الأوراق المالية الحكومية كما تتوقع "موديز" أن تؤدي السياسات المتبعة واستمرار وتيرة الإصلاحات في استمرار توجيه نسب أعلى من الإنفاق على برامج الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
وقبل أيام، توقعت وكالة "فيتش"، أن يحقق الاقتصاد المصري انتعاشاً قوياً، مع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5 في المئة خلال العام المالي الحالي، وبنسبة 5.5 في المئة خلال العام المالي المقبل (2022 - 2023)، مقارنة بمعدل نمو يقدر بنحو 3 في المئة خلال العام المالي الماضي (2020 - 2021).