بعد أكثر من أسبوع على غرق ناقلة نفطية على سواحل مدينة عدن جنوب اليمن وما سببته من تلوث بيئي للشواطئ والحياة البحرية، تصاعدت التحذيرات من خطورة أي كارثة وشيكة تضاف إلى الناقلة "صافر" الراسية في رأس عيسى على البحر الأحمر غرب اليمن.
في الـ 17 من يوليو (حزيران) الماضي غرقت الناقلة "ضياء"، وهي إحدى السفن المهجورة التابعة لشركة "عبر البحار" المتوقفة في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن منذ سنوات عدة، لخروجها من الخدمة وتهالك هيكلها وافتقارها للمعدات اللازمة للملاحة وانتهاء تصاريحها.
محيط التلوث
وفيما لم يتم الكشف عن تفاصيل حول نطاق التلوث النفطي، أشارت تقارير إلى أنه كان يغطي قطاعاً بطول 12 ميلًا من الساحل، في المنطقة الممتدة أمام سواحل الحسوة وكود البريقة والخيسة وبربرية بمدينة عدن.
محافظ عدن وجه صندوق النظافة بتصفية السواحل من التلوث، غير أن الحادثة تكشف عن المخاطر التي تتهدد البيئة البحرية في سواحل خليج عدن، إذ توجد ست سفن متهالكة تربض في مخطاف ميناء المعلاء منذ ثماني سنوات.
وأتت مثل هذه الحوادث لتشكل خطورة على الأحياء البحرية ومرتادي البحر، في ظل إجراءات بطيئة من قبل السلطات اليمنية المعنية.
أسباب الغرق
وفيما تداول ناشطون صوراً للزيوت، نفت شركة عبر البحار وجود تسريب نفطي جراء ما سمته تعرض السفينة ضياء للميلان في ميناء عدن، مؤكدة أن السفينة واقفة في ميناء عدن منذ 2014، وهي فارغة ولا يوجد بها أي حمولة نفطية، وأن ما أثير حول تسببها في إحداث تلوث بيئي عار من الصحة.
وقالت "إن الصور التي تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن التلوث بعيدة من منطقة تواجد السفينة"، لافتة إلى أن الجهات المتخصصة التي نزلت للمعاينة أثبتت عدم وجود أي تسريب للزيوت من السفينة ضياء.
في المقابل، ذكرت مواقع إخبارية محلية أن السفينة ضياء المخصصة لنقل الوقود كانت راسية منذ مدة في ميناء عدن، ولم تكن تحمل وقوداً، إلا أن المياه تسربت إليها وامتزجت بما تبقى من وقود في خزاناتها مما عرضها لخطر الغرق، إضافة إلى تسرب آخر من السفينة المجاورة.
تعويم السفينة
جهود الهيئة العامة للشؤون البحرية في عدن لتعويم الناقلة باءت بالفشل نظراً لنقض الإمكانات، فيما تواجه الفرق الفنية التي شكلتها مؤسسة موانئ عدن للتعويم صعوبة بالغة نتيجة سوء الأحوال الجوية، والإمكانات البسيطة المستخدمة في التعويم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نائب وزير النقل ناصر الشريف قال "إن الهيئة العامة للشؤون البحرية شكلت لجنة تضم الجهات ذات العلاقة للعمل سوياً لاحتواء المشكلة ووضع الحلول والمعالجات اللازمة لتفادي أية كارثة، والتي بدورها نزلت ميدانياً لتقويم الوضع والتحرك لموقع وجود الناقلة في البحر، والعمل وفق الإمكانات المتاحة لتقويم المشكلة، وتفادي وصول أي مواد ملوثة للشاطئ.
وأوضح الشريف أن عمل اللجنة تكلل بسحب النواقل والسفن إلى منطقة آمنه بعيدة من محيط انتظار السفن، يلي ذلك توجيه محافظ عدن صندوق النظافة والتحسين للقيام بعملية التنظيف وجمع المخلفات التي وجدت على بعض الشواطئ المحايدة للميناء، كما التقت قيادة مؤسسة موانئ خليج عدن والهيئة العامة للشؤون البحرية وقطاع خفر السواحل لمنطقه خليج عدن، وكذا رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة، مع ممثل عن الشركة المالكة لتلك السفن من أجل وضع حلول تنتهي بمعالجة وجود تلك النواقل في منطقة حدود الميناء.
وأكد الشريف أن الحادثة لا تمثل أي تهديد يعرقل حركة الملاحة أو الشحن والتفريغ من وإلى موانئ عدن، ولا يوجد خطر حقيقي محدق يؤدي إلى عرقلة حركة الملاحة من وإلى ميناء عدن وعبر ممر دخولها، وكذا منطقة انتظار السفن والنواقل.
سحب البواخر المتوقفة كان بمثابة خطة بديلة بعد الفشل في تعويم التي تعرضت للميلان، وفق رئيس مؤسسة موانئ خليج عدن محمد أمزربه، الذي قال "إن الظروف البحرية لم تساعد في تعويم الباخرة "ضياء"، والطواقم الفنية لجأت إلى خطة متمثلة في سحب البواخر الواقفة بجانبها، حيث تم سحب البواخر "دوكن" و"سيمفوني" و"أثنيا" و"نفط اليمن 6".
ووفق أمزربة فإن العملية تعتبر استثنائية وتجربة جديدة لميناء عدن وطواقمه، بحكم أنه ليس الجهة المعنية بسحب البواخر، فهناك شركات متخصصة في هذه العملية.
مدير فرع هيئة حماية البيئة في محافظة عدن فيصل الثعلبي أعرب عن أسفه لعدم وجود أي إمكانات من قبل الجهات المسؤولة عن البيئة الممثلة بالهيئة العامة للشؤون البحرية للتخلص الآمن والسليم بيئياً من هذه المخلفات، التي زادتها العوامل الطبيعية صعوبة مثل الرياح وحركات المد والجزر في السواحل.
ولا تعد هذه الحادثة الأولى التي تتعرض لها السفن التابعة لشركة "عبر البحار"، فقد جنحت في يوليو (تموز) 2013 سفينة "شامبيون1" وهي محملة بأكثر من 4000 طن من مادة المازوت، مما تسبب في تلوث بيئي واسع بفعل تسرب الزيوت من السفينة .
وعقب الحادثة وجهت وزارة النفط بحظر دخول كل الناقلات التابعة لشركة "عبر البحار "غير المطابقة للمواصفات، إلا أن احتكار الشركة لنقل المشتقات النفطية إلى الموانئ اليمنية أبقى السفن داخل الخدمة على الرغم من تهالكها.