في وقت يحيي اللبنانيون الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، في 4 أغسطس (آب)، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الطبقة السياسية اللبنانية "الفاشلة".
كذلك، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن المسؤولين السياسيين اللبنانيين إلى "إصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد".
وفي الأثناء، تشهد بيروت تظاهرات واحتجاجات شعبية على الضغوط التي تُمارس على التحقيق في الانفجار، وعلى الانهيار الاقتصادي والأزمة السياسية.
وألقى ماكرون، لدى افتتاحه مؤتمراً للمانحين، اللوم على المسؤولين في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان.
فبعد مرور عام على الانفجار الذي هزّ ميناء العاصمة وأغرق لبنان بدرجة أكبر في الأزمة الاقتصادية، لم يشكّل الساسة حكومة قادرة على إعادة بناء البلاد على الرغم من الضغوط الفرنسية والدولية.
وقال ماكرون، الذي يأمل بجمع 350 مليون دولار على الأقل، "يراهن زعماء لبنان في ما يبدو على استراتيجية المماطلة، وهو أمر مؤسف، وأعتقد أنه فشل تاريخي وأخلاقي".
وأضاف "لن يكون هناك شيك على بياض للنظام السياسي اللبناني. لأنهم فشلوا منذ بداية الأزمة وحتى من قبلها".
وزار ماكرون بيروت مرتين منذ انفجار المرفأ، وزاد مساعدات الطوارئ وفرض حظر سفر على بعض كبار المسؤولين اللبنانيين في إطار سعيه للحصول على حزمة إصلاحات.
وأقنع الاتحاد الأوروبي بالموافقة على إطار عقوبات جاهز للاستخدام.
لكن مبادراته، بما في ذلك الحصول على تعهدات من السياسيين اللبنانيين بالاتفاق على حكومة خبراء غير طائفية، باءت بالفشل حتى الآن.
وقال ماكرون إن فرنسا ستقدم مئة مليون يورو.
وذكر مكتب الرئيس الفرنسي أن المساعدات الجديدة ستكون غير مشروطة.
وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن التزامات تصل إلى 40 مليون يورو، بما في ذلك للاجئين السوريين، بعد 24 مليون يورو قدّمتها بلاده العام الماضي. وتعهّد الاتحاد الأوروبي بتقديم 5.5 مليون يورو من أجل التصدي لوباء "كوفيد-19".
بايدن يخصص مئة مليون دولار للبنان
وأعلن بايدن في رسالة عبر الفيديو وجّهها إلى المؤتمر، تقديم "حوالى مئة مليون دولار من المساعدة الإنسانية الجديدة" للبنان.
وقال "لن تكون أي مساعدة خارجية كافية إذا لم يلتزم قادة لبنان إنجاز العمل الصعب إنما الضروري القاضي بإصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد"، مضيفاً "هذا أساسي، يجب البدء الآن".
وتابع بايدن أن "معاناة الشعب اللبناني تفاقمت خلال العام المنصرم بفعل أزمة سياسية واقتصادية كان يمكن تفاديها".
860 مليون دولار من صندوق النقد
وقالت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي إن لبنان سيحصل على نحو 860 مليون دولار من الاحتياطيات الجديدة للصندوق، لكن هذا لن يحل المشكلات المزمنة للبلاد من دون تمكين حكومة من تنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وكشفت جورجيفا عن أن حقوق السحب الخاصة الجديدة للبنان المتوقع توزيعها في 23 أغسطس "يجب أن تُخصص لتحقيق أقصى منفعة للبلد وشعبه".
وأضافت، "لكن حقوق السحب الخاصة لن تحل مشكلات لبنان الهيكلية والنظامية طويلة الأمد... ما الذي يحتاج إليه الأمر؟ نحتاج إلى حكومة يتم تمكينها من القيام بالإصلاح وتنعش من جديد اقتصاد البلاد المتعثر".
عون يسعى إلى طمأنة المؤتمر
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون، خلال المؤتمر الذي عقد الأربعاء عبر الفيديو، إلى التضامن، قائلاً إن جائحة "كوفيد-19" تسببت في نقص الأدوية وفاقمت معاناة الشعب.
وقال "يمرّ لبنان بأصعب أوقاته".
وأضاف رداً على رسائل ماكرون والمجتمع الدولي في شأن الحاجة الملحة لتشكيل حكومة جديدة، "نحن اليوم في مرحلة جديدة. آمل أن تتشكل حكومة، حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة".
وسعى عون إلى طمأنة الحضور في شأن الأموال المقرر أن يحصل عليها لبنان من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي، وهي نوع دولي من العملات الاحتياطية النقدية، قائلاً إنها ستُستخدم "بحرص".
شروط المجتمع الدولي
ويغرق لبنان منذ صيف عام 2019 في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، صنّفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.
وهذا المؤتمر هو الثالث الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية منذ الانفجار. وجمع المؤتمران السابقان مساعدات بقيمة 280 مليون يورو.
وجمع مؤتمر العام الماضي في أعقاب الانفجار حوالى 280 مليون دولار، وحُجبت المساعدات الطارئة عن السياسيين وتم إيصالها عبر المنظمات غير الحكومية وجماعات الإغاثة.
ونتج الانفجار في مرفأ بيروت من تخزين كميات من مادة نيترات الأمونيوم من دون إجراءات وقائية، وتسبب بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين.
وألحق الانفجار الذي وصلت أصداؤه إلى جزيرة قبرص، دماراً هائلاً في المرفأ وأحياء في محيطه، وطالت أضراره معظم المدينة وضواحيها.
ودفع انفجار المرفأ حكومة حسان دياب إلى الاستقالة بعد أيام. ولم تتمكّن القوى السياسية منذ عام من تشكيل حكومة جديدة. وكلّف رئيس الجمهورية ميشال عون في 26 يوليو (تموز) الماضي رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي تشكيل حكومة، ليكون بذلك ثالث شخصية توكل إليها هذه المهمة الصعبة، لكن أي تقدّم لم يُحرز حتى الساعة.
ويشترط المجتمع الدولي منذ عام تشكيل حكومة تضم اختصاصيين وتقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي. ويكتفي في الانتظار بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة من دون المرور بالمؤسسات الرسمية، على الرغم من تكرار السلطات مناشدتها الجهات المانحة عدم ربط دعمها للبنان بتشكيل الحكومة.