أعلنت شرطة ولاية نيمروز الأفغانية أن حركة "طالبان" سيطرت على مدينة زرنج عاصمة الولاية، الجمعة 6 أغسطس (آب)، لتكون بذلك أول عاصمة يستولي عليها المتشددون الذين كثفوا هجماتهم في أنحاء البلاد.
وذكر متحدث باسم شرطة نيمروز، امتنع عن ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن "طالبان" نجحت في السيطرة على المدينة بسبب نقص تعزيزات الحكومة. كما أكد نائب حاكم الولاية روح غل خيرزاد سقوط العاصمة قائلاً "يمكنني التأكيد أن مدينة زرنج، عاصمة ولاية نيمروز، سقطت في أيدي طالبان".
واستولى مسلحو الحركة على عشرات الأحياء والمعابر الحدودية في الأشهر القليلة الماضية، ويضغطون على عدد من عواصم الأقاليم، منها هرات في الغرب، وقندهار في الجنوب، مع انسحاب القوات الأجنبية.
إغلاق معبر حدودي
وأغلقت "طالبان" معبراً حدودياً مهماً مع باكستان، الجمعة، وقالت إنها لن تسمح بمرور أحد حتى تلغي إسلام آباد شروط التأشيرة أو تخففها للأفغان.
وكانت باكستان قد أغلقت معبر شامان سبين بولداك، ثاني أهم معبر بري في أفغانستان، من جانبها على الحدود، لكنها أعادت فتحه الأسبوع الماضي.
وبدأ مسؤولو الحدود الباكستانيون فرض شروط على تأشيرات الأفغان بعد أن استولت "طالبان" على المعبر، على الرغم من أنها لم تكن مطبقة بنفس الشدة من قبل.
اغتيال المسؤول الإعلامي
وكانت وزارة الداخلية الأفغانية أعلنت في وقت سابق الجمعة، أن رئيس قسم الإعلام التابع للحكومة في كابول اغتيل، بعد أيام من تحذير حركة طالبان بأنها ستستهدف كبار المسؤولين رداً على القصف الجوي المكثّف ضد عناصرها.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية، ميرويس ستانكزاي، في معرض حديثه عن مقتل داوا خان مينابال، "للأسف، ارتكب الإرهابيون المتوحشون عملاً جباناً آخر. قتلوا أفغانياً وطنياً".
وأعلنت طالبان مسؤوليتها عن قتله، إذ أرسل الناطق باسمها، ذبيح الله مجاهد، رسالة إلى وسائل الإعلام جاء فيها أن مينابال "قُتل في هجوم خاص نفّذه (المجاهدون)".
تعليقاً على ذلك، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في إفادة صحافية، "في رأينا أنه إذا كانت طالبان تزعم أنها تريد شرعية دولية، فإن هذه التصرفات لن تجعلها تحصل على تلك الشرعية التي تسعى إليها".
أضافت "لا يتعين عليهم أن يبقوا على هذا المسار. يمكنهم أن يختاروا تفريغ هذه الطاقة في عملية السلام كما يفعلون بالنسبة لحملتهم العسكرية".
دعوة "طالبان" إلى وقف هجماتها على المدن
ودعت موفدة الأمم المتحدة إلى أفغانستان، الجمعة، حركة "طالبان" إلى "وقف الهجمات على المدن"، مطالبة مجلس الأمن الدولي بتوجيه تحذير واضح إلى المتمردين.
وقالت ديبورا لايونز، خلال اجتماع للمجلس، إن على الدول التي تتواصل مع المتمردين أن تحذرهم "بأن حكومة تفرض بالقوة في أفغانستان لن يتم الاعتراف بها".
وهددت بعدم تجديد "الاعفاءات" التي تتيح لممثلي "طالبان" بالسفر على الرغم من العقوبات، علماً أن مفعولها ينتهي في سبتمبر (أيلول). ونبهت إلى أن هذه الاعفاءات موجودة "للسماح لهم بالمشاركة في مفاوضات السلام فحسب" التي تجري خصوصاً في قطر، وتجديدها "سيبقى رهناً بالتقدم الفعلي على الجبهة الدبلوماسية".
وأضافت لايونز "لدينا اليوم فرصة لإثبات التزام مجلس الأمن الدولي والمجتمعين الإقليمي والدولي" بهدف "منع أفغانستان من السقوط في وضع كارثي وخطر إلى درجة لا مثيل لها خلال هذا القرن".
واعتبرت أن "كارثة كهذه سيكون لها تداعيات خارج حدود أفغانستان"، مشيرة إلى أن الحرب "دخلت مرحلة أكثر دموية وأكثر تدميراً" تذكر بما حصل "في سوريا وساراييفو".
وشددت على أنه لتفادي "السيناريوهات الأسوأ"، "على (مجلس الأمن) التحرك بوحدة وسرعة".
وإذ قدرت أن يكون الأسبوع المقبل "حاسماً"، تابعت "تقف أفغانستان عند مفترق خطر بين مفاوضات سلام صادقة وسلسلة من الأزمات المتشابكة بشكل مأساوي، صراع وحشي بشكل متزايد مصحوب بأزمة إنسانية حادة وتزايد في حالات انتهاكات حقوق الإنسان".
توسع دائرة المعارك
وذكر مسؤولون أن مقاتلي حركة "طالبان" كثفوا، الجمعة، الاشتباكات مع القوات الأفغانية، واستهدفوا ميليشيات متحالفة مع الحكومة، ليتسع بذلك نطاق سيطرتهم على بلدات حدودية، مما يجعلهم أقرب إلى عاصمتي إقليمين مع مغادرة القوات الأجنبية البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقُتل ما لا يقل عن عشرة جنود أفغان وقائد مسلحين في ميليشيا عبد الرشيد دستم بإقليم جوزجان في شمال البلاد.
وقال عبد القادر ماليا نائب حاكم الإقليم "شنت طالبان هجمات عنيفة على مشارف شبرغان (عاصمة الإقليم) هذا الأسبوع، وخلال الاشتباكات العنيفة قُتل قائد قوات ميليشيا متحالفة مع الحكومة وموالية لدستم".
وأفاد عضو في المجلس المحلي بأن تسعة من بين عشرة أحياء في جوزجان أصبحت خاضعة الآن لسيطرة طالبان، مضيفاً أن الصراع للسيطرة على عاصمة الإقليم مستمر.
تفاقم الأزمة الإنسانية
وفي إقليم هلمند بجنوب البلاد، تفاقمت الأزمة الإنسانية بفعل تدمير ممتلكات المدنيين، إذ نشبت النيران في المتاجر خلال قتال مستمر منذ أسبوع للسيطرة على العاصمة لشكركاه.
وذكرت منظمة العمل ضد الجوع للإغاثة الإنسانية أن قنبلة أصابت مكتبها في لشكركاه خلال القتال في المنطقة أمس الخميس.
وقال مايك بونك، مدير عمليات المنظمة في أفغانستان، "يجد المدنيون أنفسهم بين طرفين متناحرين. ينزحون عن منازلهم، وكثيراً ما يكونون أول ضحايا الصراع".
وأضاف، في بيان، "تبذل منظمات إنسانية مثل العمل ضد الجوع كل ما بوسعها لدعم احتياجات الناس، لكننا في حاجة إلى ضمانات أمنية من كل الأطراف كي يتسنّى لنا العمل".
بريطانيا تطلب من مواطنيها مغادرة أفغانستان فوراً
وحذرت بريطانيا جميع مواطنيها في أفغانستان بضرورة مغادرة البلاد على الفور بسبب "تدهور الوضع الأمني" هناك مع اشتداد القتال بين "طالبان" والقوات الحكومية، كما ناشدت جميع الرعايا البريطانيين في أفغانستان بضرورة المغادرة، قائلة، "إذا كنتم لا تزالون في افغانستان ننصحكم بالمغادرة الآن بالوسائل التجارية بسبب تدهور الوضع الأمني"، وحذرت الوزارة من الاعتماد عليها في حالات الإجلاء الطارئ، مشيرة الى أن المساعدة التي يمكن أن تقدمها "محدودة للغاية"، وقالت الخارجية البريطانية، "من المرجح جداً أن يحاول الإرهابيون تنفيذ هجمات في أفغانستان باستخدام أساليب خاصة مطورة ومعقدة للهجوم".