اختارت منشورات "جاسمان" الفرنسية بضع قصص من كتاب "قالت عجيبية: أساطير تهامية" للروائي السعودي عبده خال وعهدت إلى ثلاثة مترجمين مهمة نقلها إلى الفرنسية وهم: فرنسوا زبال، صوفيا فرحات وإيزابيل المنير يزبك. وبدا الكتاب بالفرنسية بغلافه الجميل الشرقيّ الطابع، بمثابة مدخل إلى المخيلة الشعبية التي استقى خال منها قصصه هذه. وكان كتابه صدر أصلاً عن دار الساقي.
يقول خال معرّفاً مشروعه القصصيّ هذا: "عرفت الجنّ مبكّراً من خلال الحكايات ومن خلال الحياة اليومية... في ظل افتقار القرية إلى أيّ وسيلة ترفيهية من تلفاز أو مسرح أو سينما أو أيّ وسيلة ترفيهية، فقد كانت الحكّاءة تمثّل نافذةً تطلّ من خلالها القرويات إلى لحظة أنسٍ، وتتوافد القرويات إلى مجلس السمر بعد صلاة العشاء ليسمعنَ حكايات الراوية ويعدنَ إلى بيوتهنّ وقد تزودنَ بكمٍ من الانشراح". ويوضح خال أن العادة جرت أن يكون راوي الخرفينات أو الخبابير أنثى، إذ من النادر أن يروي تلك "الخرفينات" الرجال، إذ إن الحكايات المروية لا تستقيم مع جدة أو رجاجة عقل الرجل، كما كان ينظر إليها في البيئة تلك، وهذه النظرة هي من المكتسبات التي تكلّل سيرة الرجل من غير منازعة من قبل الأنثى. ويرى أن مردّ رواية الأنثى للخبابير هو كونها الوريثة الشرعية لشهرزاد في سبك الحكايات. ولئن كانت حكايات شهرزاد تتمدّد وتستطيل بهدف إبعاد الموت عنها، فإن الحكاية عند القرويات كانت تمثل ملاذاً لقتل التعب المضنيّ الذي كنّ يواجهنه طوال النار حتى إذا جاء الليل جاءت معه الحكايات كدواءٍ يزيل التعب عبر قصص تكون نهاياتها سعيدة.
يُطلق على الحكاية الشعبية في منطقة تهامة اسم "خرفينة" و"خبيرة"، فإذا أراد أحدهم سماع حكاية يقول للراوية: خرفينلي، أو خبريلي. والخرفينة تعني الحكايات التي تدور أحداثها غالباً في عالمٍ سحريّ مليء بالملائكة والجان والغيلان والقدرات الخارقة والقوى الخفية وما إلى ذلك. وقد جمع خال عدداً كبيراً من "الخرفينات" التهامية وسردها بأسلوب شيّقٍ سلسٍ، بعضها بالفصحى وأخرى باللهجة المحكية، وأحياناً يجمع بينهما. وكان مترجمو القصص إلى الفرنسية أوفياء للجوّ الشعبي والخيالي الذي تتميّز به هذه القصص.
عبده خال من أبرز الروائيين الجدد في السعودية والعالم العربي، فازت روايته "لوعة الغاوية" بجائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب في السعودية للعام 2013، وفازت روايته "ترمي بشرر" بجائزة البوكر العربية للعام 2010.