بعد خلافات داخلية استمرت لشهور، انتهت مغامرة تحالف المحور، أكبر كتلة لتمثيل المكون السني في البرلمان العراقي، بتفككه إلى أجزاء عدة، إثر خلافات بشأن الشخصية التي تتبوأ منصب محافظ نينوى.
وتشكَّل هذا التحالف عقب مفاوضات ماراثونية بعد الانتخابات العامة في مايو (أيار) 2018، ليضم معظم الأحزاب السنية الفائزة.
مكونات المحور
من أبرز الأحزاب التي يشتمل عليها المحور، تحالف القوى بزعامة محمد الحلبوسي وحركة الحل بزعامة جمال الكربولي والمشروع العربي بزعامة خميس الخنجر وحزب الجماهير بزعامة أحمد الجبوري.
وبدا أن التحالف يعتزم تغيير نمط الأداء للساسة السنة التقليديين، الذين فشلوا في تمثيل المكون، وقادوه نحو الوقوع في إشكاليات كبرى، أبرزها تنظيم داعش الذي احتل معظم المناطق السنية في العراق، وشرد سكانها، ودمر بناها التحتية بين 2014 و2017.
مفاجأة ترشيح الحلبوسي
باغت تحالف المحور، الأوساط السياسية بترشيحه المهندس الشاب محمد الحلبوسي، لشغل منصب رئيس البرلمان، وهو أبرز منصب مخصص للطائفة السنية في العراق، وفق نموذج المحاصصة المتبع بين المكونات.
لكن الخلافات بدأت في التسرب مع المفاوضات المعقدة لتسمية مرشح سني يشغل حقيبة الدفاع، في الحكومة التي يقودها عادل عبدالمهدي، إذ احتدم الصراع بين أطراف سنية ضمن المحور.
وبلغت الخلافات ذروتها عندما تبنى الحلبوسي خطة لإقالة محافظ نينوى السابق نوفل العاكوب، إذ رأى المشروع العربي بزعامة خميس الخنجر أن رئيس البرلمان يريد المنصب لأحد حلفائه.
وإذا كان المكون السني في العراق يعتمد في قوته على الثقل الاستراتيجي الذي تلعبه محافظة الأنبار المحاذية حدودياً لسوريا والأردن والسعودية، فإن نينوى هي الخزان البشري الأكبر لهذا المكون، بنحو خمسة ملايين نسمة.
وسبق للحلبوسي أن شغل منصب محافظ الأنبار، قبل أن يحرص شخصياً على نقله إلى أحد أنصاره، عندما ترشح لرئاسة البرلمان.
وقبيل التصويت على المرشح لمحافظ نينوى، تكررت الاتهامات نفسها التي ذاعت خلال عملية التصويت على الحلبوسي محافظاً للأنبار. وفي الحالين، قدمت مصادر أدلة قالت إنها موثوقة عن دفع أموال طائلة لأعضاء مجالس محلية، كي يصوتوا لمرشح معين.
الخنجر يتصدى لهيمنة الحلبوسي
يعتقد الخنجر، وهو رجل أعمال سني مقرب من تركيا، أن سيطرة الحلبوسي على منصب محافظ نينوى، بعد السيطرة على منصب محافظ الأنبار، يخل بموازين القوى في البلاد.
لذلك، قاد الخنجر، مستعيناً بدعم كبير من قادة في الحشد الشعبي الشيعي، عملية لتنصيب محافظ لنينوى، ينتمي إلى تحالف نيابي عراقي كبير موال لإيران، وهو البناء بزعامة هادي العامري. ما شكل مفاجأة لكثيرين.
وحاول الحلبوسي استخدام صلاحية منصبه في وقف إجراءات انتخاب المحافظ الجديد، لكنه لم يفلح.
وعلى الرغم من أن الحلبوسي نفسه ينتمي إلى تحالف البناء، وكان يمكن مناقشة أزمة محافظة نينوى ضمن أروقته، إلا أن العادة درجت على استكمال مفاوضات توزيع المناصب التنفيذية في المحافظات، بعيداً من التحالفات الكبيرة.
ونجحت جهود الخنجر وحلفائه في الحشد الشعبي، في تنصيب منصور المرعيد محافظاً لنينوى، بغالبية مريحة، فيما رد النواب الموالون للحلبوسي بإعلان الانسحاب من تحالف المحور.
إعلان وفاة
بهذا، أعلن عن وفاة كتلة، عملت لشهور بديلاً من التشرذم السني المعتاد في العمل السياسي. لكن الباب فتح واسعاً على صدامات، ليس أقلها معركة في شأن منصب رئيس البرلمان.
وعرفت الأحزاب السنية بخلافاتها الداخلية العميقة، التي منعتها من التقارب طيلة أعوام.
ويعتقد الخنجر أن منصب رئيس البرلمان، هو من حصة تحالف المحور، وليس الحلبوسي، لذلك أعلن أنه بدأ حراكاً لترشيح شخصية بديلة.
مصير غامض
تقول مصادر مواكبة إن مصير الحلبوسي غامض، في ظل الانقسام السني الجديد، وإمكان أن يتبنى الخنجر، الذي يملك نفوذاً مالياً كبيراً، مشروعاً للإطاحة برئيس البرلمان الشاب.
لكن هذه العملية لن تكون واقعاً من دون استبيان موقف التحالفات الشيعية، التي تملك أكثرية المقاعد النيابية.
ويقول مراقبون إن صراع النفوذ على رئاسة البرلمان بين الحلبوسي والخنجر، سيمتد إلى محاولة كل منهما استمالة الجانب الأكبر من القوى الشيعية إلى جانبه.