أصيب 30 فلسطينيًا برصاص الجيش الإسرائيلي، جراء محاولة تفريقه المتظاهرين المدنيين المشاركين في المسيرة، التي خرجت إحياءً لذكرى "النكبة" الـ 71، بالقرب من الحدود الفاصلة بين غزّة وإسرائيل، في مخيمات العودة الخمسة المنتشرة في محافظات القطاع.
وشارك الآلاف من المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزّة بالمسيرة التي دعت إليها هيئة مسيرة العودة وكسر الحصار، التي انبثقت من القوى والفصائل الفلسطينية على ساحة غزّة، وبدأت المسيرات في 30 مارس (آذار) واستمرت حتى اليوم في أسبوعها الـ 58 على التوالي.
تعزيزات إسرائيلية
وشرعت قوات الجيش الإسرائيلي التي عزّزت وجودها بالقرب من الحدود مع غزّة، في قمع المتظاهرين المدنيين بإطلاق النار الحيّ، والرصاص المعدني المغلّف بالمطاط، وقنابل الغاز، ما أدى إلى إصابة عدد منهم، ورصدت "اندبندنت عربية" إطلاق وابلٍ من قنابل الغاز المسيّل للدموع صوب المشاركين في المسيرة، ورشّ الجيش المتظاهرين بالمياه العادمة.
وكثّف الجيش الإسرائيلي وجوده في محيط قطاع غزّة، وقام بإغلاق الطرق القريبة، تحسبًا لأيّ تظاهراتٍ سينظمها الفلسطينيون على السياج الفاصل شرق القطاع في ذكرى يوم النكبة، وخوّلت القيادة العسكرية الإسرائيلية قادة الكتائب وليس قادة الألوية بصلاحية إصدار الأوامر بالشروع في إطلاق النار، وهو ما يعني إمكان ضبط إطلاق النار صوب المتظاهرين، وفق المحلّلين العسكريين.
وأطلاق المتظاهرين قرب الحدود مع إسرائيل عشرات البالونات الحارقة، صوب مستوطنات غلاف غزّة، والتي أسفرت عن اندلاع أكثر من حريق في عدد من المستوطنات، وكان الجيش الإسرائيلي أوعز إلى سكان الغلاف بالابتعاد عن النقاط القريبة من القطاع.
تمسك بالحقوق
وميدانيًا، عمّ إضرابٌ شاملٌ في أرجاء مدن ومخيمات قطاع غزّة والضفة الغربية، استجابةً لنداء هيئة مسيرة العودة، وخرجت مسيرة حاشدة أمام المقرّ الرئيس لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزّة للتذكير بالجرائم التي ارتكتها إسرائيل بحق الفلسطينيين في العام 1948.
وشدّدت الفصائل الفلسطينية على تمسّكها في حق مواجهة الجانبِ الإسرائيليّ، على اعتبار أنّه سلطة احتلال للأراضي الفلسطينية، وأنّها ستتمسّك في استمرار مسيرة العودة، ولن تقبل بالمقايضة بالحلول الإنسانيّة والاقتصادية مقابل إنهاء المسيرة التي تهدف إلى الكسر الكامل للحصار عن القطاع.
وقال عضو المكتب السياسي في حركة حماس خليل الحية "إنّ القضية الفلسطينية مرّت عليها مشاريع تصفية كثيرة، وكلّها تحطّمت على صخرة صمود الشعب الفلسطيني"، مضيفًا: "أنّ صفقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن تمرّ على غزّة".
ضبط الحدود
ووفقًا لمصادر "اندبندنت عربيّة" فإنّ الوفد الأمني المصريّ، ومبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، اللذين زارا قطاع غزّة الأسبوع الماضي، وجلسا مع الفصائل الفلسطينية، "توصلا إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تدهور الأوضاع الميدانية في "يوم النكبة"، مقابل تنفيذ بنود التفاهمات بين حماس وإسرائيل، وأضح المصدر أنّ الفصائل الفلسطينية أكّدت التزامها عدم التصعيد، طالما التزم الجانب الإسرائيلي ذلك، ولم يسقط شهداء".
لكن الجبهة الشعبية كان لها رأي أخر، فطالبت قادة الأحزاب والفصائل بالارتقاء إلى مستوى المهمة والمسؤولية التاريخية المنتصبة أمامها، والتي تتطلّب التخلّي عن نهج المفاوضات ووهم التهدئة والتفاهمات مع الإسرائيلي كمدخلٍ لحل مشكلات القطاع.
أوجاع أخرى
وتتزامن "ذكرى النكبة" الفلسطينية الـ 71، مع مرور السنة الأولى على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، بقرار من واشنطن، وقّع عليه ترمب نهاية العام 2017، ونُفّذ في ذكرى النكبة، التي تحتفل فيها إسرائيل كيومٍ وطني يصادف ذكرى إقامة دولتهم على الأراضي الفلسطينية.
وكانت تظاهرات حاشدة انطلقت من غزّة إلى الحدود الفاصلة في العام الماضي، في ذكرى النكبة، ونقل سفارة واشنطن إلى القدس، وراح ضحيتها آنذاك 62 فلسطينياً بينهم أطفال، وإصابة ما يزيد عن 3 آلاف برصاص الجيش الإسرائيلي في المواجهات التي اندلعت وقتها.
في المقابل، لفت الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنّا عيسى إلى ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدوليّة، ومنها عودة اللاجئين إلى أراضيهم وبيوتهم، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، استنادًا إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وطالبت جامعة الدول العربية الأمم المتحدة بضرورة توفير نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني، والإسهام في حفظ حقوقه في مواجهة آلة القمع والعدوان الإسرائيلي بما يمكّنه من ممارسة حقوقه المشروعة المتمثلة في حقه في العودة وفي تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية طبقاً لقواعد القانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وفي عام 1948 سيطرت إسرائيل على 774 قرية ومدينة فلسطينية، ودمّرت 531 منها بالكامل، ورافقت ذلك 70 مجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى قتل ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني، وشرّدت عصاباتها آنذاك ما يزيد على 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون، كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية في العام 1948 في 1300 قرية ومدينة فلسطين.