يواصل العراق توجيه دعوات لقادة دول للمشاركة في "مؤتمر إقليمي" في العاصمة بغداد، بحضور دول مجاورة، مثل السعودية وتركيا، في سياق سعي البلاد إلى لعب دور في المنطقة يعود عليها بنتائج إيجابية.
لكن القمة التي تأتي قبل شهرين من الانتخابات النيابية المبكرة قد يكون لها انعكاس على الوضع السياسي الداخلي أيضاً.
زيارة ماكرون
ومن بين الدول المشاركة فرنسا، التي أجرى رئيسها إيمانويل ماكرون اتصالاً برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم الاثنين، قال فيه الأخير إن "فرنسا شريك حقيقي للعراق"، فيما أعلن ماكرون من جهته عن "دعمه الكامل للعراق" وأشاد بـ"الدبلوماسية العراقية المتوازنة".
وستشكّل هذه ثاني زيارة لماكرون إلى العراق خلال أقل من عام، بعدما زاره في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد وجهت دعوات للمشاركة في المؤتمر لكل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، لكن أي تفاصيل عن الموعد الدقيق للقمة وكل المشاركين لم تتضح بعد.
ولم يتبين خصوصاً ما إذا كانت إيران ستنضم أيضاً إلى المؤتمر الذي يأتي بعد أسابيع قليلة من أداء المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي، اليمين الدستورية وتولي مهامه رئيساً للبلاد.
ثقة بالعراق
ويرى الباحث ومدير مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، لوكالة الصحافة الفرنسية في المؤتمر "دليلاً على أن هناك ثقة من دول جوار بالعراق" ومؤشراً إلى "استعادته دوره الإقليمي، ولأن يكون عاملاً في استقرار المنطقة"، لا سيما أن بغداد استضافت خلال الأشهر الماضية مفاوضات بين وفدين إيراني وسعودي لمناقشة تحسين العلاقات المتوترة بين البلدين.
فالعراق الذي يجد نفسه في وضع معقد بين جارته الشيعية الشرقية وجارته السنية إلى الجنوب، يسعى إلى أداء دور الوسيط على مستوى الشرق الأوسط منذ أنزل الهزيمة بتنظيم "داعش" المتطرف نهاية 2017، فيما تعد بغداد واحدة من العواصم الإقليمية القليلة التي تربطها علاقات جيدة مع الدول المجاورة.
انتصار رمزي
من جهته، يعتبر الباحث في جامعة شيكاغو، رمزي مارديني، أن المؤتمر لن يشكل أكثر من "انتصار رمزي" قبل نحو شهرين من الانتخابات النيابية المبكرة، التي تريد حكومة الكاظمي إجراءها بعد أكثر من عام على توليه المنصب إثر احتجاجات شعبية غير مسبوقة.
ويضيف الباحث أن "الربح السياسي الحقيقي سيكون من نصيب الكاظمي، فذلك سيدعم بالتأكيد صورته ومكانته"، فيما يعيش العراق صعوبات وأزمات، بدءاً من الكهرباء، التي يعتمد العراق بشكل كبير لتوفيرها على الجارة إيران، فضلاً عن التوتر الأمني، وصولاً إلى التدني في مستوى البنى التحتية والخدمات، والأزمة الاقتصادية مع تراجع أسعار النفط وتفشي وباء "كوفيد-19".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأتي هذه القمة بعد زيارة للكاظمي إلى واشنطن أواخر يوليو (تموز) اتفق فيها مع الرئيس الأميركي جو بايدن على إنهاء "المهمة القتالية" للولايات المتحدة في العراق، وسط رفض شديد للفصائل الموالية لإيران لأي وجود أميركي في البلاد، وهجمات متكررة ضد المصالح الأميركية تنسب إلى تلك الفصائل.
ويدرك المسؤولون العراقيون أن الطريق طويل، ولكن إن لم يتمكن العراق من أن يمارس ضغوطاً كبيرة، فإنه في الأقل وفر ساحة للحوار. كذلك، فإن من شأن أي تهدئة إقليمية، لا سيما بين طهران والرياض اللتين قطعتا علاقاتهما في عام 2016 متبادلتين الاتهامات بزعزعة استقرار المنطقة، أن تعود بالفائدة على العراق.
ويرى مارديني أن المؤتمر يبقى "خطوة مهمة"، لكن "ينبغي عدم المبالغة في تقييم نتائجه... لا أعتقد أن العراق سيتمكن من تحقيق أي شيء ملموس منه".
الصراع الأميركي - الإيراني
لا يزال العراق عالقاً بين العداوة الأميركية والإيرانية، ويشهد هجمات بالصواريخ أو بعبوات ناسفة تنفذها بوتيرة أسبوعية فصائل تعد ورقة بيد إيران تستخدمها في كل مفاوضات مع بغداد، بحسب مسؤولين عراقيين.
في المقابل، تنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق من بين 3500 عنصر من قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش"، بينهم مئات الفرنسيين.