بعد رحلته الثامنة إلى المنطقة التي لم تُفضِ إلى تقدم ملموس في مسار الحل السياسي بين أطراف النزاع، اتهم المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، الحوثيين باستخدام عائدات ميناء الحديدة لتمويل أعمالهم العسكرية، مشيراً إلى أن تركيز الجماعة هجماتها على مأرب يعطل الجهود الإقليمية والدولية لاحتواء الصراع.
وشدد ليندركينغ، في مؤتمر صحافي، أمس الاثنين، على ضرورة أن يخفض الحوثيون مستوى علاقتهم مع إيران، محذراً من أن العلاقة مع طهران لا تخدم مساعي وقف الصراع في اليمن، ولافتاً في السياق نفسه، إلى أن السعودية أبدت نيتها "الواضحة" و"الصريحة" لإنهاء الحرب.
ورداً على سؤال "اندبندنت عربية" حول ما تملكه واشنطن لدفع الحوثيين للانخراط في عملية السلام، شدد المبعوث الأميركي على ضرورة وجود ضغط من داخل اليمن يواكب الضغط الدولي "غير المسبوق".
وأضاف ليندركينغ، "جماعة الحوثي في الوقت الحالي معزولون في المجتمع الدولي لاختيارهم اتّباع الخيار العسكري"، مؤكداً أن "العالم أجمع، باستثناء محتمل لإيران، يريد رؤية حل سياسي" للأزمة اليمنية.
الحل السياسي
وجدد المبعوث الأميركي دعوته إلى أطراف النزاع للإسراع في الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب، واتخاذ خطوات فورية للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية. وأضاف، "بينما نعمل مع الأمم المتحدة، والجهات الفاعلة الإقليمية لخلق مزيد من الفرص، فإن اليمنيين سيشعرون بثقة أكبر بأن التسوية التفاوضية تلوح في الأفق".
وأكد أن الإجماع الدولي على حل النزاع آخذ في النمو، إذ تتخذ جهات إقليمية فاعلة، مثل سلطنة عمان، خطوات أكبر من أي وقت مضى للمساعدة في إنهاء الصراع. كما أعلنت السعودية دعمها وقف إطلاق نار شامل وفوري على مستوى البلاد.
وعن الدور الإيراني، أشار المبعوث الأميركي إلى أنه بعد ستة أشهر من توليه منصبه، "لم يَرَ حتى الآن أي مؤشر (إيجابي) على الأرض"، لافتاً إلى أنه سمع "كلمات لطيفة" صادرة من طهران عبر أشخاص يتواصلون مع القيادة الإيرانية، لكنه لم يلمس أي شيء يقوده للاعتقاد أن الإيرانيين مستعدون للعب دور بنّاء، داعياً طهران إلى التوقف عن تأجيج الحرب من خلال توفير المعدات والمعرفة والتدريب الذي لا يؤدي إلا إلى استمرار الصراع.
يذكر أن طهران تنفي باستمرار تزويدها ميليشيا الحوثي بالأسلحة، أو أنها تعرقل الحلول التي قد يتفق عليها اليمنيون.
وعن ارتباط الأزمة اليمنية بمفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، قال، "لا نريد أن نرى عملية (السلام) في اليمن معلقة بسبب الإيرانيين أو المفاوضات الجارية في شأن خطة العمل الشاملة المشتركة، لأن الوضع في اليمن مُلحّ، بينما تتعرض سبل عيش الناس للتهديد بشكل يومي".
مساعدات أميركية جديدة
ليندركينغ الذي يرفض الأطروحة القائلة إنه من غير المنطقي الاستمرار في تقديم المساعدة الإنسانية في ظل غياب التقدم في عملية السلام، كشف عن تعهد الولايات المتحدة بتخصيص 165 مليون دولار، ضمن مساعدات إنسانية جديدة لليمن ستقدم عن طريق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، داعياً المانحين الآخرين، ولا سيما الإقليميين، إلى زيادة مساهمتهم لتجنب مجاعة جماعية في اليمن.
واعتبر المبعوث الأميركي في إحاطته الصحافية، أمس، أن أزمة الوقود الحالية في شمال اليمن مدفوعة بانخفاض الواردات، إضافة إلى تلاعب الحوثيين بالأسعار ومواصلتهم انتهاك بنود اتفاقية استوكهولم 2018، باستغلال إيرادات الموانئ لتمويل جهودهم الحربية بدلاً من دفع رواتب المدنيين.
وكان المبعوث الأميركي قد حذر في يونيو (حزيران) الماضي من أن برامج المساعدات المخصصة لليمن ستبدأ في التوقف ما لم تزد المساهمات في الشهور القليلة المقبلة، داعياً المجتمع الدولي ودول المنطقة للوفاء بالالتزامات المتعلقة بزيادة التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية في اليمن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واضطر برنامج الأغذية العالمي في أبريل (نيسان) 2020 إلى خفض شحنات المساعدات الغذائية التي توزع مرة كل شهرين في مناطق باليمن خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي إلى النصف، بعد أن خفض المانحون التمويل لأسباب منها المخاوف في شأن عرقلة وصول المساعدات.
وظهرت فجوة خطيرة في الاستجابة للتبرع لمساعدة اليمن العام الماضي، لكن تبرعات أكثر بدأت في التدفق من مارس (آذار) إلى أبريل (نيسان) بعد أن قال مسؤولون في الأمم المتحدة إن اليمن يمكن أن يشهد أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود.
مبعوث أممي جديد
من جهة أخرى، رحب المبعوث الأميركي إلى اليمن، بتعيين الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ، مبعوثاً جديداً للأمم المتحدة إلى اليمن، مؤكداً تطلعه إلى العمل المشترك للدفع بزخم إضافي لعملية أكثر شمولاً بقيادة الأمم المتحدة، لتمكن اليمنيين من اختيار مستقبل أكثر إشراقاً لبلدهم.
وجاء تعيين الدبلوماسي السويدي الجمعة الماضية، بينما تبذل الأمم المتحدة والولايات المتحدة جهوداً متواصلة، لتحقيق تقدم صوب إنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات بين الحوثيين والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، والذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
من جانبها، رحبت السعودية، السبت الماضي، بتعيين الدبلوماسي السويدي، وكتب وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، على "تويتر"، "أرحب بتعيين السيد هانس غروندبرغ مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، نتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة". وتابع، "المملكة ستستمر في دعمها لكل الجهود الهادفة للوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية ينهي معاناة الشعب اليمني الشقيق، ويضمن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لليمن والمنطقة".
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان، إنها ترحب بالتعيين، مشددة على أنها ستظل تمد يدها للسلام العادل والمستدام، وستقدم كل الدعم للمبعوث الجديد بهدف استئناف العملية السياسية والتوصل إلى حل سياسي شامل.
وعبّرت عن أملها في أن يعمل المبعوث الجديد "على استئناف الجهود السياسية الرامية للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في ظل الإجماع الدولي على ضرورة إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية عبر الحوار والتفاوض".
أما الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام فكتب تعليقاً على تعيين غروندبرغ، "لا جدوى من أي حوار قبل فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة إنسانية".
ويشغل غروندبرغ منذ سبتمبر (أيلول) 2019 منصب سفير الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، ولديه بحسب الأمم المتحدة خبرة أكثر من 20 عاماً في الشؤون الدولية، بينها أكثر من 15 عاماً من العمل في مجال حل النزاعات والتفاوض والوساطة، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط.
ومنذ عام 2014، تسبب النزاع الدائر بين جماعة الحوثي المقربة من إيران وقوات الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، في مقتل وإصابة عشرات آلاف الأشخاص في اليمن، وفقاً لمنظمات إنسانية مختلفة.
ويعتمد أكثر من ثلثي سكان اليمن البالغ عددهم نحو 30 مليوناً، والذين يواجهون مخاطر متزايدة من الأوبئة والمجاعة، على المساعدات الدولية، في إطار أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة.