التقى الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي قبيل تنصيبه وفد ميليشيات الحوثي يترأسهم المتحدث الرسمي باسم الجماعة محمد عبدالسلام، مما بعث رسائل ضمنية عدة للأطراف الأخرى الفاعلة في الملف اليمني.
فمنذ انقلابها على السلطة الشرعية في اليمن تحافظ جماعة الحوثي على علاقة سياسية وعسكرية وطيدة مع طهران، تطورت إلى دعم بأشكال مختلفة باعتراف قادة في "الحرس الثوري"، بينهم مساعد قائد "فيلق القدس" الإيراني للشؤون الاقتصادية رستم قاسمي، والذي قال في مقابلة تلفزيونية إن "كل ما يملكه الحوثيون من أسلحة ومعدات عسكرية هو بفضل مساعدة إيران". وهو الأمر الذي تنفيه طهران في مناسبات أخرى.
ومع تعاقب الرؤساء في إيران تتبدل الآمال بين الرجاء واليأس من تغيير طهران لسياستها وموقفها من الملف اليمني، بما يعمل على حلحلة الأزمة وإرساء السلام وإنهاء الحرب التي أفرزت كارثة إنسانية هي الأكبر في العالم.
نهج عدائي
في المقابل، اعتبر وزير الإعلام في الحكومة الشرعية اليمنية معمر الأرياني أن لقاء الرئيس الإيراني الجديد بوفد الحوثيين "لا يبعث على التفاؤل بشأن إمكان تغيير نهج طهران العدائي والمزعزع لأمن واستقرار المنطقة". وأضاف الأرياني أن "احتفاء إيران بميليشياتها خلال حفل تنصيب رئيسها الجديد يعطي مؤشراً واضحاً إلى طبيعة نهجها المقبل"، مشيراً إلى أن "هذا الاحتفاء يُعد بمثابة إعلان رسمي من الرئيس الجديد عن طبيعة سياسته ونهجه المتوقع في رعاية وتبني الميليشيات، والمجاهرة السافرة بمسؤوليتها عن الأزمات والحروب في المنطقة، ودورها في نشر الفوضى والإرهاب الذي بات يهدد مصالح العالم بأسره.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) عن الأرياني قوله، إنه "وبدلاً من توجيه الرئيس الايراني الجديد رسائل إيجابية على هامش حفل تنصيبه، وإعطاء إشارات عن تغيّر في السياسات الايرانية تجاه الأزمات التي تعيشها المنطقة، أعلن من دون مؤاربة استمرار طهران في رعاية الميليشيات المزعزعة لاستقرار المنطقة والإقليم".
إشادة إيرانية بالحوثي
وقال رئيسي خلال لقائه وفد الجماعة الحوثية إن اليمن أصبح اليوم أسوة في المقاومة، مستعرضاً اصطفافاً كاملاً في صف الحوثي وهو ما يتعارض مع تصريحاته التي أطلقها قبل وصوله إلى السلطة والتي دعا فيها إلى المصالحة الإقليمية مع جيرانه في الخليج.
وقال إن حرب الحوثيين لايتعلق باليمنيين وحسب، وإنما بـ"أحرار العالم جميعاً"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
في المقابل، رأى سفير اليمن في منظمة "يونيسكو" الدكتور محمد جميح أن "اختيار افتتاح لقاءات الرئيس الايراني الجديد بمحمد عبدالسلام لغرض إظهار مدى اهتمام الإيرانيين بالحوثي، فيه رسالة للحوثيين والسعودية واليمن، على الرغم من أن حزب الله أقرب ايديولوجياً لنظام الولي الفقيه، إلا أن الإيرانيين أرادوا إظهار اهتمامهم بالحوثيين لتوجيه مزيد من الرسائل التي تريد طهران توجيهها للعرب".
رسالة تحد للمجتمع الدولي
من جهة أخرى، اعتبر الكاتب السياسي عادل الأحمدي التصرف الإيراني بمثابة "رسالة وقحة واستفزازية تريد المؤسسة الثيوقراطية الحاكمة في طهران أن تقول من خلالها إن واجهتها الجديدة الصاعدة للرئاسة لن تفرط في الحوثي، بل وتعتبره الاستثمار الأهم لزعزعة استقرار اليمن والمنطقة".
وعبّر الأحمدي عن اعتقاده أن "محتوى الرسالة هو التأكيد على استمرارية طهران في دعم الحوثي وأنه في موقع الأولوية في سياستهم، كما أنها رسالة تحد للمجتمع الدولي والتحالف العربي اللذين يدعمان الحكومة اليمنية الشرعية المنتخبة". وأضاف، "كما أن هذا اللقاء يشكل من جانب آخر إمعاناً في استفزاز الشعب اليمني خصوصاً في المناطق التي يتحكم بها الجنرال الإيراني خبير صواريخ الدمار حسن إيرلو، تحت مسمى سفير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد الأحمدي على "ضرورة أن يتعاطى التحالف والحكومة الشرعية مع الرسالة الإيرانية بوصفها إصراراً من قبل طهران على المضي في الحرب باليمن وإقلاق أمن المنطقة، وأن كل الآمال المعقودة على التوصل لتسوية مع الحوثيين تنهي الحرب صارت رماداً تذروه الرياح، وأن استعادة المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بالقوة هي أقصر الطرق لاستعادة السلام في اليمن".
ووافق الكاتب السياسي الدكتور عادل الشجاع في ما ذهب إليه الأحمدي من أن "هذا اللقاء يترك رسالة واضحة مفادها أن إيران تعتبر اليمن قضيتها الأولى، وأن الحوثيين ليسوا سوى أداة من أدواتها، بل أتباع ينفذون سياستها ويأتمرون بأمرها ويطبقون مخططاتها".
وقال الشجاع، "اختار رئيسي جماعة الحوثي لكي يؤكد أنهم جزء من المشروع الإيراني ومن أهل البيت وليسوا ضيوفاً كبقية الضيوف، وفي الوقت ذاته مكافأة لهم كونهم نفذوا المخطط الإيراني وجعلوا لإيران موطئ قدم على حدود السعودية الجنوبية".
وأكد أن "هذه الرسائل موجهة إلى الشرعية اليمنية لتقول لهم إن من يقف مع إيران تكرمه وتقف إلى جانبه، وثانياً إلى السعودية لتقول لها إننا نوجد في اليمن وسفيرنا في صنعاء"