وافق الكونغرس الأميركي على فاتورة إنفاق هائلة على البنية التحتية تبلغ قيمتها تريليون دولار لتوفر الإنفاق اللازم الذي تحتاج إليه الطرق والجسور الأميركية بشدة، وقطاعات أخرى.
ويحتوي مشروع القانون على بند لفرض ضريبة على الأصول الرقمية، يشمل تعريفاً واسعاً لكلمة "وسيط" في تجارة العملات الرقمية، يشمل أي طرف مشارك في أي جزء من أجزاء عملية تبادل العملات المشفرة.
ومنذ نشأتها، ارتفعت قيمة سوق العملات المشفرة إلى ما يُقدَّر بنحو 1.8 تريليون دولار. وربما يؤدي فرض تلك الضريبة إلى تنظيم هذه السوق بشكل أكثر إحكاماً، ويبدو أن إدارة الرئيس جو بايدن تحرص على المضي قدماً بذلك. ويتوقع الساسة الأميركيون أن يوفر فرض هذه الضرائب الجديدة، 28 مليار دولار في الأقل للخزانة الأميركية خلال السنوات العشر المقبلة، وذلك بعدما اعترض الديمقراطيون خلال مناقشة القانون على خطة وضعتها وكالة الضرائب الأميركية لوسطاء العملات المشفرة، بهدف توفير 100 مليار دولار للخزانة الأميركية.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية دعت في مايو (أيار) الماضي إلى فرض ضرائب على التحويلات الرقمية وزيادة الضرائب على الأثرياء ضمن خطة لتوفير سبعة تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة. وقالت الوزارة إن أهمية العملات المشفرة ستزداد خلال العقد المقبل، وقدرت الفجوة بنحو 600 مليار دولار حالياً، وأنها سترتفع إلى سبعة تريليونات دولار خلال العقد المقبل.
و"بيتكوين" هي العملة المشفرة الأعلى سعراً وشهرةً وتبلغ قيمتها حالياً 43 ألف دولار، منخفضةً عن أعلى مستوى لها في أبريل (نيسان) الماضي عند 64800 دولار. وتعرّف مصلحة الضرائب الأميركية العملات المشفرة حالياً بأنها "ملكية" مماثلة للأسهم أو الذهب، ما يعني دفع ضريبة أرباح رأس المال عند بيعها أو استبدالها بربح. وكانت العملات الرقمية من أكبر مصادر إيرادات الخزينة الأميركية لدفع فاتورة البنية التحتية، بحسب مصادر إعلامية.
قيود شديدة
واعترضت منصة "كوين بايز" وأيضاً "سكوير" على قانون البنية التحتية في بيان مشترك مع لاعبين آخرين في السوق، لأن المقترح سيجعل شركات تعدين "بيتكوين" ومصنعي الأجهزة تقع أيضاً تحت طائلة الوصف الجديد للوسيط، ما يضع قيوداً شديدة عليها. واقترح بعض أعضاء مجلس الشيوخ تعديلات على بند الأصول الرقمية لمعالجة المخاوف، وأيدته هذه الشركات. على الرغم من ذلك، صوّت مجلس الشيوخ على مشروع القانون من دون تعديل.
وستموّل الأصول الرقمية تكلفة تجديد الطرق والجسور والوصول إلى الإنترنت عريض النطاق ودعم شبكة الكهرباء والأمن السيبراني. وبحسب الإدارة الفيدرالية للطرق السريعة سيكلّف استبدال الجسور الأميركية، التي وصِفت كلها بأنها غير صالحة، 25.6 مليار دولار.
كما سيخصص مشروع البنية التحتية، 65 مليار دولار لزيادة وصول الأميركيين إلى خدمات الإنترنت عالي السرعة، بعدما سلطت أزمة كورونا الضوء على الحاجة إلى تلك الخدمات للعمل والدراسة من المنزل خلال فترة التباعد الاجتماعي.
تفاوت صارخ
وكشفت الجائحة عن تفاوت صارخ في خدمة الإنترنت بين المناطق الريفية والأحياء الحضرية ذات الدخل المنخفض في أميركا. فخُصصت منح بقيمة 43 مليار دولار لتمويل نشر الإنترنت عالي السرعة في هذه المناطق، و14 مليار دولار أخرى لدعم الإنترنت للأميركيين ذوي الدخل المنخفض، بخصم يصل إلى 30 دولاراً على الفاتورة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما سيُمول تركيب محطات شحن السيارات الكهربائية بمبلغ 7.5 مليار دولار. وهو رقم أقل بكثير مما يعتقد بعض خبراء الصناعة أنه ضروري لإنشاء نظام وطني قوي، يُقدر بـ50 مليار دولار، لبناء شبكة شحن أميركية قادرة على خدمة عدد السيارات الكهربائية المتوقع بحلول عام 2030. وقد تكون "تسلا" من الشركات المستفيدة لأن رئيسها التنفيذي إيلون ماسك أعلن أن شركته تخطط لفتح محطات شحن جديدة هذا العام، ما يجعلها مؤهلة على ما يبدو لتلقي أموال من هذا البرنامج.
كما قرر الكونغرس تخصيص نحو ملياري دولار لأغراض الأمن السيبراني، سيذهب نصفها لحكومات الولايات والحكومات المحلية، وتوجيه الجزء المتبقي لتعزيز أمن شبكة الكهرباء، وأبحاث وزارة الأمن الداخلي لتطوير الأمن السيبراني، ووكالة الأمن السيبراني، وأمن البنية التحتية.
سوق نشطة
في السياق، قال الباحث في المجال المالي، محمود خير الله، إن "بيتكوين شهدت خلال الفترة الماضية أعلى مستوى صعود لثلاثة أسابيع متوالية منذ فبراير الماضي، بعد السماح بالإعلان رسمياً عن العملات الرقمية على منصة (غوغل) التي تُعتبر المنصة الكبرى عالمياً في العالم، ما أعطى العملات الرقمية مزيداً من الثقة والزخم لتندفع بقوة من دون الاعتماد على دعم أو التعرض لمقاومات".
وتابع خير الله "على عكس توقعات بعض المحللين، وعلى الرغم من تمرير الكونغرس الأميركي قانوناً بفرض ضرائب عليها كأصول رقمية، لم تتأثر بيتكوين كثيراً، لأن وزارة الخزانة الأميركية توقعت استمرار أهمية العملات الرقمية خلال العقد المقبل كله. ولأن فرض الضرائب جاء كخطوة جديدة في تنظيم هذه السوق". وأضاف أن "أحد أسباب نشاط سوق الأصول الرقمية أيضاً الإفراج أخيراً عن إحصائيات تثبت أن النصف الأول من العام الحالي شهد زيادة في إجمالي الاستثمارات العالمية بالعملات المشفرة والبلوكتشين بأكثر من ضعف المبلغ الذي شهده خلال عام 2020 بأكمله، لتصل إلى 8.7 مليار دولار، وهو أعلى من الرقم القياسي الذي شهده عام 2107 بـ7.2 مليار دولار. وهذا يعني زيادة وعي المستثمرين بالصناعة الآخذة في الازدياد ليس فقط بالأصول المشفرة، ولكن أيضاً في الجانب التشغيلي منها". إلا أنه أشار إلى أن "دخول عملة إيثريوم المرحلة الثانية كان سبباً مهماً لتحريك السوق، وليس بيتكوين ككل مرة، إذ قَلّ ناتج التعدين اليومي بنسبة 20 في المئة ما دفع بعض المعدنين إلى ترك القطاع فانخفض الإنتاج اليومي بنسبة عشرة في المئة. ومع حرق جزء من عمولات التحويل لمنع التضخم كان لا بد لسعر العملة أن يرتفع".
وقال خير الله "أما على صعيد الدول، فبينما تتحرك الهند لتنظيم التشفير كفئة أصول في النصف الثاني من هذا العام، تستمر الصين في اختبار عملتها الرقمية الذي يمكن مع مرور الوقت أن يخلق بديلاً لتفوق الدولار الورقي. وفي حين أن مبادرة اليوان الرقمي صغيرة الحجم نسبياً الآن، لأنها ما تزال في مرحلة الاختبار، إلا أنها تتمتع بإمكانات كبيرة". وقال خير الله إنه "مع توقيع دول من أفريقيا وجنوب شرق آسيا اتفاقات تجارية مع الصين واحتمال قبول اليوان الرقمي كوسيلة للتخليص التجاري، فقد يكتسب زخماً سريعاً، وستكون منطقة حرجة يجب على الولايات المتحدة مراقبتها خلال السنوات المقبلة".