يستثمر 55 مصرفا من بين أفضل 100 مصرف في العالم من حيث الأصول الخاضعة للإدارة في العملات المشفرة وتقنية البلوك تشين، إما بشكل مباشر أو من خلال شركات تابعة، بحسب تقرير أصدرته وحدة "بلوك داتا"، لأبحاث السوق، التابعة لمنصة الذكاء الاصطناعي "سي بي إنسايتس"، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحليل الملايين من نقاط البيانات حول العالم في رأس المال الاستثماري والشركات الناشئة وبراءات الاختراع والشراكات.
والبنوك الأكثر نشاطاً استناداً إلى عدد الاستثمارات في شركات الناشئة بتقنية البلوك تشين، هي "باركليز" بـ19 استثماراً، يليه "سيتي غروب" بـ9 استثمارات، و"غولدمان ساكس" بـ8 استثمارات، و"جي بي مروغان تشيس" بـ7 استثمارات، و"بي أن بي باريبا" بـ6 استثمارات.
وتشارك هذه الكيانات الاقتصادية العملاقة في الاستثمار من خلال المشاركة بحملات جمع التمويل، سواء في مراحلها الأولى أو الأخيرة. وفي غالبية هذه الجولات، ولم يتمكن البحث الذي أجرته "بلوك داتا" من تحديد مقدار الأموال التي استثمرتها هذه البنوك لأنها تكون بالمشاركة مع مستثمرين آخرين، أو العديد من المستثمرين الآخرين.
لكن من جهة أخرى يمكن النظر إلى المشاركين في أكبر جولات التمويل من حيث القيمة، حيث شارك بنك "ستاندرد تشارترد" في 6 جولات تمويل جمعت 380 مليون دولار، و"بي أن واي ميلون" في 5 جولات تمويل بنحو 320 مليون دولار، و"سيتي غروب" بنحو 280 مليون دولار في 9 جولات، وبنك "يو بي أس" في 5 جولات بنحو 266 مليون دولار، و"بي أن بي باريبا" في 9 جولات تمويل بـ236 دولاراً.
ويعد هذا النشاط جزءاً من زيادة شهدها إجمالي الاستثمار العالمي في الأصول المشفرة وتقنية البلوك تشين خلال النصف الأول من العام الجاري بقيمة 8.7 مليار دولار، وهي أكثر من ضعف المبلغ الذي شهده عام 2020 بأكمله، وأعلى من الرقم القياسي الذي شهده عام 2107 بـ7.2 مليار دولار.
حفظ العملات
وكان النشاط الأكثر جدارة بالملاحظة للبنوك هو إقبالها على الاستثمار في حفظ العملات المشفرة. وبناء على النتائج التي توصل إليها البحث، فإن 23 بنكاً من بين أكبر 100 بنك من حيث الأصول الخاضعة للإدارة يقومون ببناء حلول الحفظ أو الاستثمار في الشركات التي توفرها. وتقدم هذه الشركات خدمات مالية لرعاية أموال العملاء مقابل رسوم، وهذه الشركات إما تبني التكنولوجيا الخاصة بها لتقديم هذه الخدمة، أو تستخدم مزوداً بالتكنولوجيا يمكنها دمج حلوله في أنظمتهم الخاصة.
ثلاثة أسباب
وقال المحلل المالي محمد جميل "رغم تحدث الجميع بصوت عال حول مدى سوء أو عدم استقرار النموذج الاقتصادي الذي تعمل به بيتكوين، فإنه لا يمكن تجاهل تدفقات الإيرادات المحتملة وأهمية امتلاك موقع استراتيجي قوي في الاقتصاد المقبل. وهناك 3 تطورات رئيسة أقنعت بنوك كبرى عديدة بالبدء في الاقتحام".
وأجاب على سؤال بأن هناك 3 متغيرات شجعت تلك الكيانات الاقتصادية الكبيرة على اقتحام هذه التجارة "والسبب الأول وهو الأهم، أن شركات تبادل العملات المشفرة لديها شريحة صغيرة جداً من الموظفين وأكثر في الربحية والقيمة مقارنة ببنوك عديدة الآن. في أوائل عام 2018، حققت بينانس، منصة تبادل العملات الرقمية، التي كانت الأشهر آنذاك، ربحاً يزيد بمقدار 54 مليون دولار عن دويتشه بنك، وكان لديها 200 موظف فقط مقابل 100 ألف موظف في دويتشه بنك. وفي الآونة الأخيرة، كان تقييم كوين بايز أعلى من غولدمان ساكس، ويمثل عدد الموظفين في كوين بايز 4 في المئة فقط من عدد موظفي غولدمان ساكس".
وتابع أن "السبب الثاني أن هناك طلبات لا حصر لها من عملاء البنوك عموماً بتوفير حلول لحفظ بيتكوين، أما السبب الأخير فهو تغيير في اللوائح والقوانين الأميركية العام الماضي يسمح للبنوك بتقديم حلول لحفظ العملات المشفرة".
وسمح مكتب المراقب المالي للعملة في الولايات المتحدة في أواخر يوليو (تموز) من العام الماضي، للبنوك الوطنية كلها بتقديم خدمات حفظ العملات المشفرة. وأعلن في بيان أن أي بنك وطني يمكنه الاحتفاظ بمفاتيح التشفير لمحافظ العملات المشفرة، ما يمهد الطريق أمام البنوك الوطنية للاحتفاظ بالأصول الرقمية لعملائها.
ومن مميزات العملات المشفرة وبخاصة "بيتكوين"، أو أحد أسباب ميلادها، هو إلغاء وساطة البنوك في التحويلات المالية. وأجاب محمد جميل على سؤال بأن "مالكي العملات الرقمية لا يحتاجون إلى شركات لتخزين كلمات السر للوصول إلى عملاتهم المشفرة، لكن بعض المستخدمين يفضلون العكس، فربما يشعر البعض بعدم الراحة في الاحتفاظ بثروته كلها على هاتفه أو الكمبيوتر المحمول، وكلاهما معرض للضياع أو السرقة أو الاختراق، بخاصة الشركات أو المؤسسات الاستثمارية الكبرى التي تمتلك مبالغ كبيرة مخزنة في العملات المشفرة، وبالنسبة لهم فإن الشركة أو البنك يمكن أن يكونا مكاناً أكثر ملاءمة من الناحية الشخصية للاحتفاظ بالعملات المشفرة".
وتابع "أما حقيقة أن بنوك عديدة تستثمر الآن في العملات المشفرة وتخزينها بعد سنوات من تحذير عملائها من التعامل معها، وبخاصة بيتكوين، فهو الأرجح أكبر مفارقة في التطورات الاقتصادية الحادثة في العالم الآن".