ارتفعت حصيلة القتلى جراء انفجار خزان للوقود في منطقة عكار في شمال لبنان إلى 28 شخصاً، وفق ما قال المستشار الإعلامي لوزارة الصحة رضا موسوي لوكالة الصحافة الفرنسية، وسط أزمة محروقات حادة تشل المرافق العامة والخدمات في هذا البلد.
وأدت المأساة إلى اشتداد الضغط على المستشفيات فيما بدأت عملية تفتيش بحثاً عن مفقودين جراء الحادث الذي وقع في وقت يعاني لبنان منذ أسابيع طويلة من نقص في المحروقات ينعكس سلباً على قدرة المرافق العامة والمؤسسات الخاصة وحتى المستشفيات على تقديم خدماتها.
وكانت حصيلة أولية للصليب الأحمر اللبناني أفادت بمقتل 20 شخصاً وإصابة نحو 80 آخرين في الانفجار الذي وقع في منطقة عكار في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، أثناء تجمع العشرات حول خزان وقود أخفاه أشخاص يعملون في السوق السوداء وصادره الجيش اللبناني لتعبئة قواريرهم وسط أزمة محروقات حادة تشهدها البلاد.
After seizing a fuel truck in the Lebanese northern provinces #Akar #عكار , and while people where gathering to collect the fuel, the truck suddenly exploded causing more than 50 casualties.
— Ric (@Ric_Matar) August 15, 2021
A result if the unsafe transportation and stockpiling of fuel.#Akarexplosion. pic.twitter.com/mOlrPCCUex
غضب في عكار ولبنان
ويعاني لبنان من نقص حاد في الوقود مما أدى إلى طوابير طويلة في محطات البنزين وانقطاع التيار الكهربائي لفترات ممتدة.
وقال شهود عيان إن زهاء 200 شخص كانوا بالموقع وقت وقوع الانفجار، وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حريقاً كبيراً في الموقع.
وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، إن حالات الحروق الشديدة ربما تتطلب العلاج السريع بالخارج لإنقاذ الأرواح. وأضاف لوكالة "رويترز"، "نحن بحاجة ماسة للمساعدة لإجلاء بعض المصابين إلى الخارج لأن عندنا حالات تستدعي أقسام عناية خاصة ومتخصصة بالحروق أكثر من قدرة المستشفيات اللبنانية على إسعافها".
وذكرت مصادر أن هناك عناصر في الجيش والقوى الأمنية بين المصابين.
واحتشد سكان غاضبون في عكار في المكان وأضرموا النار في شاحنتي تفريغ، كما هاجموا منزل صاحب الأرض التي وُضع فيها خزان الوقود ووقع فيها الحادث، وأضرموا النار بالمنزل وشاحنات محيطة به بعدما عجز الجيش عن ردعهم.
وفي ضوء الحادثة، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي قدم تعازيه بضحايا الانفجار وطلب من الأطقم الإسعافية والطبية والاستشفائية أعلى درجات الاستنفار لمواجهة تداعيات هذه الفاجعة.
سبب الانفجار
وهناك روايات عدة متباينة عن سبب الانفجار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الجيش كان صادر "خزان البنزين" الذي انفجر في إطار تحركاته لمنع أصحاب المحطات من تخزين الوقود، مشيرةً إلى أن المصابين "كانوا بغالبيتهم ممن تجمعوا حول الخزان لتعبئة البنزين" منه. وأضافت أن "قوة من الجيش حضرت في حينه لمعالجة الأمور وبعد مغادرة الجيش المكان ليلاً، حصل تدافع كبير من قبل أبناء المنطقة لتعبئة ما تبقى من البنزين في الخزان، حيث حصل الانفجار".
وقال مصدر أمني لـ"رويترز"، "اندفعت أعداد كبيرة من الناس، وأدت الخلافات بينهم إلى إطلاق نار أصاب خزان البنزين مما أدى إلى انفجاره". ونقلت قناة "الجديد" المحلية عن شهود عيان قولهم إن سبب الاشتعال هو شخص أشعل قداحة.
وكان عبد الرحمن واحداً من هؤلاء الذين اصطفوا في الطابور للحصول على القليل من البنزين الثمين. وقال من مستشفى السلام في طرابلس بينما كانت الضمادات تغطي وجهه وجسده، "كان الناس متجمعين بالمئات، لا يحصون، كان هناك ناس على سقف الخزان والله يعلم ما حل بهم".
وقال والد مصاب آخر في المستشفى إنه لا يعلم بعد مكان اثنين آخرين من أبنائه، في حين قال الصليب الأحمر إن فرقه ما زالت تبحث في موقع الانفجار.
الضغط على المستشفيات
وقال رشيد مقصود، المسؤول في الجمعية الطبية الإسلامية، إن بعض الجرحى نُقلوا إلى مستشفيات في طرابلس القريبة، بينما تم إرسال آخرين إلى بيروت. وقال الدكتور صلاح إسحق من مستشفى السلام، إن غالبية المصابين في حالة خطيرة. وأضاف، "لا يمكننا استيعابهم، ليس لدينا القدرات. إنه وضع سيء للغاية".
وقال ياسين متلج، وهو موظف في أحد مستشفيات عكار، إن الجثث "محروقة إلى حدّ لا يمكننا التعرف إليها. بعضها بلا وجوه وبعضها بلا أياد". وأوضح أن المستشفى اضطر إلى رفض استقبال معظم الجرحى لأنه غير مجهز لمعالجة المصابين بحروق بالغة.
ومع اكتظاظ مستشفى السلام في طرابلس، نقل العديد من المصابين إلى مستشفى الجعيتاوي في بيروت الذي اكتظ بدوره بالمصابين.
وطلب وزير الصحة في تغريدة من المستشفيات جميعها في عكار والشمال وصولاً إلى بيروت استقبال الجرحى على نفقة الوزارة "من دون تردّد".
وحذرت مستشفيات عدة في لبنان من أن نقص الوقود قد يجبرها على الإغلاق في الأيام المقبلة كما شكت من قلة إمدادات الأدوية وغيرها من الضروريات.
تعازي المسؤولين
وقدم الرئيس اللبناني ميشال عون تعازيه وكتب على موقع "تويتر"، "هذه المأساة التي حلت بمنطقة عكار العزيزة أدمت قلوب جميع اللبنانيين"، مضيفاً أنه طالب القضاء بالتحقيق في ملابسات الانفجار.
وقال رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في تغريدة على "تويتر"، إن "مجزرة عكار لا تختلف عن مجزرة المرفأ… لو كان هناك دولة تحترم الإنسان لاستقال مسؤولوها، بدءاً برئيس الجمهورية إلى آخر مسؤول عن هذا الإهمال. طفح الكيل".
ويعاني لبنان منذ صيف 2019 من انهيار اقتصادي غير مسبوق صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وبرزت، أخيراً، أزمة في تأمين المحروقات، التي أدت إلى أزمات متعددة في قطاعات مختلفة.
والسبت، انتشر الجيش اللبناني في محطات الوقود وسط نقص حاد في المحروقات، فيما تمسك حاكم مصرف لبنان المركزي برفضه إعادة الدعم لاستيراد المحروقات على الرغم من اشتداد الأزمة التي حملت أحد المستشفيات الكبرى على التحذير من "كارثة وشيكة".
وأعلن مصرف لبنان، منذ الخميس، بدء استيراد المحروقات التي كانت من بين المواد المدعومة، وفق سعر الصرف في السوق السوداء الذي يتجاوز 20 ألفاً، بينما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات، ما يعني رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية.