أظهر بحث جديد أعد في المملكة المتحدة، أن وباء كوفيد تسبب في زيادة الفجوة في معاشات التقاعد بين الجنسين في بريطانيا، إلى ما يقرب من 200 ألف جنيه إسترليني (278 ألف دولار أميركي).
وخلصت الدراسة التي أجراها "مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال" Centre for Economics and Business Research (يعرف عن نفسه بأنه يقدم توقعات وتحليلات اقتصادية مستقلة لمئات من الشركات الخاصة والمؤسسات العامة) إلى أن النساء يتقاضين معاشات تقاعدية أقل بـ183,936 جنيهاً إسترلينياً (255,671 دولاراً) مقارنة بالمبلغ الذي يحصل عليه الذكور من معاشاتهم التقاعدية.
وأفاد التقرير أن هذا الفارق يحدث على الرغم من حقيقة أن النساء يساهمن بنسبة أكبر من دخلهن (خلال أعوام العمل) في صندوق معاشاتهن التقاعدية.
وتشكل الفجوة الراهنة في معاشات التقاعد ما بين الجنسين البالغة 183,936 جنيهاً إسترلينياً (255,671 دولاراً)، ارتفاعاً حاداً عن المستوى الذي كانت عليه في العام الماضي، عندما كانت الفجوة في معاشات التقاعد في حدود 157,263 جنيهاً إسترلينيا (218,595 دولاراً).
دايف هاريس الرئيس التنفيذي لشركة "مور تو لايف" more2life، التي شاركت في إعداد الدراسة - وهي مؤسسة إقراض تتيح للأفراد الكبار في السن الوصول إلى أسهمهم النقدية المقيدة في منازلهم نتيجة الرهونات العقارية عليها- اعتبر أن "أرقام اليوم تعد بمثابة جرس إنذار آخر ينبئ بخطر التفاوت في رواتب التقاعد القائم على نوع الجنس".
ورأى أنه "من الواضح أن وباء كوفيد كانت له تداعيات كبيرة على مدخرات التقاعد لكثير من الناس، إلا أن انعكاسه كان أشد وقعاً على النساء الأكبر سناً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف هاريس: "في الوقت الذي نقوم فيه بالتخطيط لمجتمع ما بعد كورونا، فمن الأهمية بمكان أن يبذل القطاع والحكومة مزيداً من الجهود لتشجيع النساء على المشاركة في التخطيط المالي طويل الأمد. إن البيانات التي تشير إلى هذا التباين المتمثل في حصول النساء على معاش تقاعدي أقل من الرجال لجهة تأمين حياة مستقرة وآمنة لهن من الناحية المالية، إنما يؤكد الحاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية للتفاوت المالي القائم بين الرجال والنساء طيلة الحياة".
وفي المقابل، نبه باحثون إلى أن الفجوة في معاشات التقاعد ما بين الجنسين، من المرجح أن تكون قد زادت بسبب أزمة فيروس كورونا، ما أدى إلى انخفاض قيمة مدخرات معاشات التقاعد، وكذلك منع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً من ادخار أموال للمساهمة في صندوق التقاعد الخاص بهم.
وفيما أكدت قرابة 30 في المئة من النساء اللاتي شملهن البحث في إطار هذه الدراسة، أن وضعهن المالي قد ساء منذ بداية الوباء، الأمر الذي شكل عائقاً بالنسبة إلى قدرتهن على توفير المال من أجل معاشاتهن التقاعدية، أشار ربع عدد الذكور الذين شاركوا في الاستطلاع، إلى أن أزمة الصحة العامة أثرت سلباً على مدخراتهم التقاعدية.
ورجح الباحثون أن تكون هذه الفجوة المتزايدة في معاشات التقاعد ما بين الجنسين، ناجمة عن واقع أن النساء يتحملن العبء الأكبر من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن أزمة فيروس كورونا. فقد لاحظت دراسات أن النساء كن أكثر عرضة لفقدان عملهن أو اضطراراً لأخذ إجازة قسرية مؤقتة، نظراً إلى تفوق عددهن في الوظائف منخفضة الأجر وغير المستقرة، وكذلك في القطاعات التي تضررت بشدة من الوباء، كالضيافة وتجارة التجزئة والترفيه والسياحة والفنون.
وتبين من خلال الدراسة الأخيرة التي حللت متوسط دخل كل من الذكور والإناث في العام الماضي، أن الرجال تمكنوا من المساهمة بمبلغ 3,148 جنيهاً إسترلينياً (4,376 دولاراً) في صندوق معاشاتهم التقاعدية، في حين أن مساهمة النساء كانت في حدود 2,340 جنيهاً (3,253 دولاراً). واعتبر الباحثون أن هذا الفارق قد يجبر النساء في المتوسط على العمل 14.5 سنة إضافية للحاق بركب الرجال لتحصيل حقوقهن من حيث المساواة في معاشاتهن التقاعدية.
وفي الوقت الذي يحوز فيه الذكور الذين عملوا بدوام كامل على مدى 30 إلى 34 عاماً، متوسط دخل تقاعدي سنوي يبلغ نحو 22,776 جنيهاً إسترلينياً (31,659 دولاراً)، تحصل النساء اللاتي عملن طيلة المدة الزمنية نفسها على 17,004 جنيهات إسترلينية (23,636 دولاراً).
وتأتي هذه الخلاصات بعد ما كانت صحيفة "اندبندنت" قد نشرت، أخيراً، تقريراً عن دراسة توصلت إلى أن الفجوة في الأجور ما بين الجنسين في بريطانيا، تزداد اتساعاً مع تقدم الناس في السن، وتكون الأكبر للذين هم ما فوق الخمسين عاماً. وقد أشار الموقع الإلكتروني "ريست ليس" Rest Less، الذي يدعم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، أن متوسط الأجر السنوي للنساء اللاتي يعملن بدوام كامل، وهن في الخمسينات من العمر، كان أقل بنسبة 23 في المئة من الذكور الذين ينتمون إلى الفئة العمرية نفسها.
في المقابل، تأثرت نحو 4 ملايين امرأة سلباً بإصلاحات المعاشات التقاعدية الحكومية المثيرة للجدل، التي قامت برفع سن التقاعد من 60 عاماً إلى 66، للنساء المولودات ما بعد مارس (آذار) عام 1950 - على الرغم من التحذير الذي أطلقته الأمم المتحدة من أن هذه التغييرات تعرضهن بشكل متزايد لخطر المعاناة من "الفقر والتشرد وصعوبات مالية قاسية".
وكانت صحيفة "اندبندنت" قد نشرت تقريراً في وقت سابق، بينت فيه كيف أن حياة نساء متضررات من رفع سن التقاعد في الدولة قد انقلبت رأساً على عقب بسبب الوباء، ما دفع بالبعض منهن إلى حال من الفقر المدقع بعد فقدان وظائفهن خلال أزمة الصحة العامة. في حين أن أخريات أجبرن على مواصلة العمل- على الرغم من تقدمهن في السن، الأمر الذي يعرضهن لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة نتيجة فيروس "كورونا".
© The Independent