مظاهر حزن تسيطر على يوميات الجزائريين خلال صيف هذا العام، وعلى الرغم من أن جائحة كورونا فعلت فعلتها على مستوى دول العالم إلا أن ارتفاع درجات الحرارة واندلاع الحرائق وما تبعها من دمار مادي وبشري ونفسي أصاب الشارع بالانكسار.
هدوء وإحباط
المار في شوارع الجزائر يلحظ الهدوء جراء قلة الحركة وغلق أغلب المحلات، في حين أن الحظر بسبب إجراءات كورونا يبدأ الساعة الثامنة ليلاً. ولا يبدو أن الأزمة الصحية أثرت في نفسية الجزائريين بقدر ما فتح الإقدام على حرق الشاب جمال بن إسماعيل بعد اتهامه بإشعال الحرائق، جرحاً عميقاً يهدد المجتمع والوحدة الوطنية.
يقول أستاذ علم الاجتماع، عبد العالي مقران، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنه "على رغم كل ما أصاب الجزائريين بسبب جائحة كورونا من وفيات وهلع وحزن، إلا أن ما حدث من جريمة شنعاء يبقى صدمة ولا تزال نفسية الجزائريين غير قادرة على تجاوزها"، مضيفاً أن "الانتقال من كوارث بيئية وصحية إلى مشكلات عنصرية تهدد كيان الأمة، أمر غير مقبول ولا يجب السكوت عنه، وهو ما أثر في يوميات الجزائريين الذين باتوا لا يتحركون في الشوارع إلا للحاجة، ولا يتحادثون، ووجوههم شاحبة تعبر عن إحباط يصعب جبره".
استرجاع الهاتف المحمول
وفي السياق نفسه، تمكنت مصالح الأمن وباستعمال التقنيات الحديثة من استرجاع الهاتف المحمول للضحية جمال بن إسماعيل، ومن خلال عملية استغلال الهاتف المحمول الخاص بالضحية اكتشف المحققون حقائق حول الأسباب الكامنة وراء مقتله، والتي ستفصح عنها العدالة لاحقاً، بحسب ما ذكرته المديرية العامة للأمن.
وأضاف بيان المديرية، أن مصالح الأمن تمكنت من إلقاء القبض على 25 شخصاً مشتبهاً فيهم كانوا في حالة فرار على مستوى عدة محافظات من الوطن، من بينهم شخصان تم إلقاء القبض عليهما من قبل مصالح أمن محافظة وهران، غرب البلاد، حيث كانا يتأهبان لمغادرة البلاد.
تقييم الخسائر
بالمقابل، كشف المفتش المركزي بوزارة الداخلية، عبد العزيز دليبة، أنه تم إيفاد فرق متخصصة للبلديات المتضررة على مستوى 26 محافظة مستها حرائق الغابات، للشروع في إحصاء الأشخاص المتضررين وتقييم الخسائر الناجمة عنها، وقال إن الفرق تعمل على جرد الخسائر التي مست الممتلكات المنقولة وغير المنقولة في انتظار عرضها على لجنة تقييم وتعويض المتضررين التي نصبها الرئيس عبدالمجيد تبون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
متاعب مرتقبة؟
وما يزيد من متاعب الجزائريين، تحذير متخصصين من أن فيضانات غير مسبوقة قد تعقب حرائق الغابات في عدد من المناطق، وأشارت مصالح الأرصاد الجوية في تنبيه لها حول حالة الطقس، إلى أن 16 محافظة معرضة لتساقط أمطار رعدية بداية الأسبوع.
وأبرز أستاذ المخاطر الكبرى، عبد الحميد بوداود، أن إخماد الحرائق لا يعني أن البلاد انتصرت، ويعود كل واحد إلى مكانه، بل بالعكس فإن العمل سينطلق الآن للقيام بما يلزم لتفادي كوارث الفيضانات جراء الحرائق في ظل احتراق الغطاء النباتي في الجبال والمرتفعات، موضحاً أن على السلطات أن تباشر عمليات تهيئة في المناطق المتضررة، على غرار تسريح القنوات والجسور ومجاري المياه المحاذية للطرقات والشعاب والوديان، كونها ستتلقى كميات هائلة من المياه بعد التساقطات المطرية المقبلة.
وحذر بوداود، من أن عدم الإسراع في اتخاذ تدابير استباقية قد يضيف ضحايا آخرين جراء فيضانات محتملة في الأشهر المقبلة، مشيراً إلى أن حرائق الغابات تتسبب عادة في فيضانات مدمرة بسبب احتراق الغطاء النباتي، إذ إن المياه الناجمة عن تساقط الأمطار وخصوصاً في الجبال والمرتفعات، تجد الطريق أمامها للنزول بقوة شديدة في المنحدرات نحو الشعاب والوديان، وتجرف في طريقها كل ما تجده، ما يتسبب في فيضانات وجرف للطرقات.
العمل الاستباقي
من جانبه، يوضح رئيس الجمعية البيئية "أمال خضراء"، سفيان كرفة، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن غياب الغطاء النباتي بفعل الحرائق يتسبب في فيضانات كبيرة تجرف في طريقها كل مشتقات ومخلفات الحرائق نحو المدن والقرى والطرقات والجسور والسدود، وعلى السلطات أن تطلق برنامجاً عاجلاً للتقليل من أثر الفيضانات المحتمل في مناطق حرائق الغابات، مضيفاً أن العمل الاستباقي يجب أن يشمل السدود، التي يجب الإسراع في تنظيفها من الطمي والوحل، وتفادي تقلص منسوبها بفعل مخلفات الحرائق.