عندما ظهر الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض في الثامن من يوليو (تموز)، لتأكيد أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان "يمضي على قدم وساق"، أعلن أن سيطرة "طالبان" على البلاد "ليست حتمية".
لكن، بعد خمسة أسابيع فقط، سيطرت "طالبان" على مقاليد الأمور، ووقف العالم مذهولاً أمام مشاهد الفوضى في مطار كابول أثناء إجلاء أميركيين ومواطنين أفغان متحالفين مع الولايات المتحدة، وسارع بايدن إلى الدفاع عن نفسه بعد سلسلة تقديرات خاطئة نالت من مصداقية الولايات المتحدة.
اتفاق سيئ
بينما أصر بايدن على أن "المسؤولية تقع على عاتقي"، فقد وجه اللوم إلى آخرين على النهاية المهينة لتدخل أميركي على مدى عشرين عاماً في أفغانستان، شمل إخفاقات لأربع إدارات، اثنتان جمهوريتان وأخريان ديمقراطيتان.
وانتقد الرئيس الأميركي الجيش الأفغاني لرفضه القتال، وندد بالحكومة الأفغانية التي أطاحتها "طالبان"، وأعلن أن سلفه الجمهوري دونالد ترمب ترك له "اتفاق انسحاب سيئاً".
وفي كلمة ألقاها، الاثنين، قال بايدن، "تعهدت للشعب الأميركي عندما ترشحت للرئاسة بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة العسكرية في أفغانستان. وعلى الرغم من أن ذلك كان صعباً وفوضوياً، وبالطبع بعيداً عن المثالية، فقد أنجزت هذا التعهد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتولى بايدن الرئاسة بعد حملة قدم نفسه خلالها على أنه رجل دولة عالمي له باع طويل، بعد فترة رئاسة ترمب العاصفة.
وسرعان ما أعاد بلاده إلى اتفاقات عالمية انسحب منها ترمب، وسعى لإحياء تحالفات تقليدية أدار لها ترمب ظهره.
لكن أول تحد عالمي كبير يواجهه أشعل انتقادات سياسية مكثفة، حيث أثار ديمقراطيون وجمهوريون على حد سواء تساؤلات بشأن استراتيجيته.
وتبين خطأ توقعات للمخابرات الأميركية بأن طالبان قد تسيطر على البلاد بعد ثلاثة أشهر من الانسحاب الأميركي. كما قوبلت اقتراحات قادة عسكريين أميركيين بنهج أكثر تخطيطاً للانسحاب بالرفض.
ووقف جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، لتقديم دفاع واسع النطاق عن أفعال بايدن. وقال إن التلميح إلى دعم الحكومة الأفغانية "كان قراراً مدروساً" لكنه لم ينقذها.
وأضاف "عندما تنهي 20 عاماً من العمل العسكري في حرب أهلية في بلد آخر، مع تداعيات قرارات متراكمة على مدى 20 عاماً، يتعين اتخاذ كثير من القرارات الصعبة، من دون أي نتيجة خالية من الشوائب لأي منها".
دعوات إلى التحقيق
ومع تزايد الإحباط بسبب الأحداث في أفغانستان، يريد أعضاء في الكونغرس الأميركي فتح تحقيق لمعرفة الخطأ الذي حدث.
وقال السناتور الديمقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، الاثنين، إنه يعتزم التعاون مع لجان أخرى "لتوجيه أسئلة صعبة لكن ضرورية" بشأن سبب عدم استعداد الولايات المتحدة على نحو أفضل للتعامل مع انهيار الحكومة الأفغانية.
وواصل الجمهوريون انتقادهم الحاد لسياسات بايدن.
وقال الجمهوريون في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب في خطاب إلى البيت الأبيض أمس الثلاثاء، "كان من الممكن تجنب الأزمة الأمنية والإنسانية التي تتكشف في أفغانستان الآن لو كنت أعددت أي تخطيط".
انخفاض شعبية بايدن
وكان للأزمة تداعيات على ما يبدو. فقد انخفضت شعبية بايدن سبع نقاط مئوية، وبلغت أدنى مستوياتها منذ توليه السلطة في يناير (كانون الثاني) مسجلة 46 في المئة، وفقاً لاستطلاع لـ"رويترز – إبسوس" يوم الاثنين.
ويدير بايدن الأزمة من منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ماريلاند. ولم يتحدث لعدة أيام مع أي زعيم أجنبي بشأن أفغانستان، لكنه تحدث مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس الثلاثاء.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية "شدد رئيس الوزراء على أهمية عدم خسارة المكاسب التي تحققت في أفغانستان على مدى العشرين عاماً الماضية، وحماية أنفسنا من أي تهديد إرهابي جديد، ومواصلة دعم الشعب الأفغاني".
وقال سوليفان، أمس الثلاثاء، إنه على الرغم من أن الصور من مطار كابول "تفطر القلب"، فقد كان على بايدن "التفكير في التكلفة البشرية للمسار البديل أيضاً، وهو البقاء في قلب صراع أهلي في أفغانستان".