مهمة الحكم أصعب من مهمة الحرب، هذا ما يبدو أن "طالبان" بدأت بمعايشته، فالسياسة التي تتطلب قدراً عالياً من التعايش مع المعارضة هو أمر لا يمكن لمقاتلي "الحروب المقدسة" استيعابه بسهولة، بخاصة إذا ما كانت المعارضة متمرسة على المعارك ذاتها، حيث بدأت بنجشير وبعض مناطق الشمال ببلورة معارضة لسلطة الأمر الواقع في كابول بالتعاون بين نجل أحمد شاه مسعود، أحد أمراء الحرب الأفغان منذ سنوات مقاومة السوفيات من جهة، وأمر الله صالح نائب الرئيس الهارب.
هذا المتغير لفت الأنظار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، واصفاً إياه بـ"المقاومة ضد طالبان"، داعياً إلى إجراء محادثات من أجل تشكيل "حكومة تمثيلية" في أفغانستان.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في موسكو، إن "طالبان لا تسيطر على كل الأراضي الأفغانية، وهناك معلومات تصل عن الوضع في وادي بنجشير شمال شرقي كابول، حيث تتمركز قوات المقاومة التابعة لنائب الرئيس أمر الله صالح وأحمد مسعود".
من جهته، تعهد نائب الرئيس السابق أمر الله صالح بعدم الخضوع لـ "طالبان"، وتراجع إلى وادي بنجشير، في حين ناشد أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تقديم دعم ومساعدة لوجستية.
وظهر في صور على مواقع التواصل الاجتماعي مع أحمد مسعود في هذه المنطقة وهما يرسيان أسس حركة مقاومة، ولم تتمكن "طالبان" يوماً من السيطرة على وادي بنجشير الذي يصعب الوصول إليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في غضون ذلك، خرج محتجون يحملون العلم الوطني إلى الشوارع في عدة مدن أفغانية اليوم الخميس، في عيد الاستقلال وفي ظل انتشار مقاومة شعبية لحركة "طالبان"، وقال شاهد إن عدة أشخاص لقوا حتفهم عندما أطلق عناصر الحركة النار على الحشود.
وفي مدينة أسد آباد، عاصمة إقليم كونار في شرق البلاد، قال شاهد يدعى محمد سالم إن عدة أشخاص قتلوا خلال مسيرة، لكن لم يتضح إن كان ذلك جراء إطلاق "طالبان" النار عليهم أم بسبب التدافع الذي أعقب ذلك. كما خرج محتجون إلى الشوارع في مدينة جلال آباد وأحد أحياء إقليم باكتيا في شرق البلاد.
وفي مطار كابول، قالت حركة "طالبان" إن إجمالي الوفيات فيه منذ دخولها إلى العاصمة، الأحد، بلغ 12 شخصاً، مطالبين المحتشدين داخله بإخلائه.
وأضاف مصدر في الحركة وآخر في حلف الشمال الأطلسي، نقلت عنهم وكالة "رويترز"، أن الوفيات في المطار كانت بسبب "أعيرة نارية أصيبوا بها، إضافة إلى التدافع".
وفي سياق متصل، تعهدت "طالبان" بأنها ستعطي النساء دوراً في الإدارة الأفغانية الجديدة، وستعرض مواقع في الدولة على أعضاء النظام السابق، في محاولة لاحتواء كافة الأطراف في عمليتها السياسية.
وعلى صعيد آخر، نجح مجلس الأمن الدولي في التوافق على موقف موحد يضع شروطاً أمام "طالبان" مقابل التعامل معها. إذ أصدر المجلس بإجماع أعضائه بياناً طالب فيه أن تشكل في أفغانستان "من خلال مفاوضات موسعة، حكومة جديدة موحدة وجامعة تشمل خصوصاً مشاركة كاملة وكبرى للنساء".
وأكدت الدول الأعضاء أن هذا البيان "يُظهر أننا جميعاً نملك ذات الموقف الذي يدعو الحركة إلى ضمان العدالة والمساواة في الحقوق والاندماج، حتى لا تكون هناك أعمال عنف، ويتمكن الناس من المغادرة إذا ما رغبوا في ذلك".
وحول إتمام الانسحاب بشكل كامل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن بلاده قد تضطر لتأجيل موعد انسحابها المقرر في 31 أغسطس (آب) الحالي، إذا ما تطلب إجلاء "جميع الأميركيين" ذلك.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان ممكناً أن تبقى القوات الأميركية في أفغانستان إلى حين إجلاء آخر أميركي يرغب بمغادرة هذا البلد، قال بايدن "نعم". وأضاف "يجب على الأميركيين أن يفهموا أننا سنحاول إنجاز ذلك قبل 31 أغسطس"، قبل أن يضيف "إذا بقي مواطنون أميركيون، فسنبقى لإخراجهم جميعاً".
وفي ما يتعلق بالاعتراف بـ"طالبان"، قال بايدن في مقابلة مع شبكة "إيه بي سي" بثت اليوم الخميس، إن على الحركة أن تقرر إن كانت تريد أن يعترف المجتمع الدولي بها، مضيفاً أنه لا يعتقد أنها غيرت معتقداتها الأساسية.
إليكم تغطيتنا لمستجدات المشهد في أفغانستان.