سحب المستثمرون على منصات العملات المشفرة أكثر من 111 ألف عملة "بيتكوين" خلال الثلاثين يوماً الماضية، أو ما يعادل 5 مليارات دولار، إلى محافظ باردة، مع انخفاض مخزون "بيتكوين" المتاح للتبادل على المنصات لأدنى مستوى له في تاريخ العملة. ويبدو ذلك محاولة لتخزينها استعداداً لموجة ارتفاع سعري، لتعود "بيتكوين" إلى هيمنة التدفقات الخارجة خلال أغسطس (آب).
ويقول المتخصص في العملات الرقمية، محمود خير الله، إن "تدفق "بيتكوين" خارج المنصات من علامات الصعود المرتقب للعملة، حيث يتجه المستثمرون إلى إعادة أموالهم إلى ما يسمى المحافظ الباردة، أو تخزينها في أي شكل آخر من أشكال الاقتصاد اللامركزي، والعكس صحيح عندما تطرح عملات كثيرة في البورصات يستعد المستثمرون لانكماش السوق، إذ يعني ذلك أن المستثمرين يرغبون في عمليات بيع كبيرة".
استيعاب الكميات المبيعة
ويبدو أن "حيتان" الـ"بيتكوين" راكموا مليارات من الاستثمارات منذ تراجع أسعار "بيتكوين" من مستواها القياسي عند 64 إلى 29 ألف دولار. و"الحيتان" هم الذين يمتلكون من ألف إلى 10 آلاف "بيتكوين". وقد حركت شركة "زابو" في هونغ كونغ 10 آلاف "بيتكوين" إلى محافظ باردة. ووصل عدد التحويلات خلال الثلاثين يوماً الماضية إلى أكثر من 111 ألف "بيتكوين"، حسب منصة "كريبتوكوانت" لبيانات "البلوكتشين"، التي أشارت إلى أن التعاملات التي تتم حالياً تدل على أن هناك أطرافاً تراكم "بيتكوين" بأعداد كبيرة. وهذا سلوك نموذجي لـ"الحيتان" للاستفادة من انخفاض الأسعار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويلاحظ خيرالله أن "هذا السلوك منذ فترة"، مضيفاً، "متوسط العملية التجارية في العملات المشفرة يدل على حجم المضاربين ونوعيتهم، ومنذ هبوط السعر إلى 29 ألف دولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) 2020، ارتفع متوسط التدفق المالي دخولاً وخروجاً بشكل تدريجي في الصفقة الواحدة من 24 إلى 35 ألف دولار، ما يدل على أن المشترين الأكبر حجماً يراكمون "بيتكوين". أما المستثمرون الأصغر فعلى هامش المنحنى. وقد أعاد هذا 3.6 مليون عملة "بيتكوين" أو أكثر من 19 في المئة من عدد العملات منذ 2020 إلى هامش الربح، وكذلك كل العملات التي تم شراؤها خلال الأشهر الخمسة الماضية".
يضيف، "منذ أواخر يوليو (تموز) 2021، وصلت أرباح رأس المال في سوق "بيتكوين" إلى رقم قياسي بلغ 379 مليار دولار، واستمرار سعر "بيتكوين" في الارتفاع يعني تدفق مزيد من الأموال على السوق التي تشهد حالياً نسب الأرباح نفسها التي سبقت موجة الصعود بعد ديسمبر 2020، وإذا استمرت السوق في جذب مزيد من الاستثمارات، فهذا يؤكد اقتراب موجة صعود جديدة. ومن الواضح أن سوق "بيتكوين" لا تزال قادرة على استيعاب الكميات المبيعة".
منتصف المرحلة
وتشير هذه الحركات إلى أن "الحيتان" يعتبرون الـ"بيتكوين" خياراً للشراء عندما يكون سعر العملة المشفرة في القناة السعرية لـ45000 دولار. وتفيد تقارير "ويل ألرت" لمديري الاستثمار المؤسسي بأن الطلب لا يزال موجوداً من جانبهم أيضاً.
ويقول خيرالله، "الربح المتحقق من رأس المال أحد أهم مقاييس سوق "بيتكوين"، ويتم احتسابه من خلال تقييم السعر الذي أنفقت به كل عملة، سواء خلال موجة صعود السعر، عند بيع العملات التي تم شراؤها بأسعار أقل وقدرة السوق على استيعاب الكمية المبيعة، أو خلال هبوط السعر عند بيع العملات التي تم شراؤها بأسعار أعلى بسعر أقل، بالتالي تحتسب القيمة الإجمالية للسوق".
ويتابع، "بحساب صافي الربح والخسارة منذ هبوط "بيتكوين" إلى سعر 29 ألف دولار، تكون أرباح رأس المال من التجارة في بيتكوين راوحت بين 0.5 و1.5 مليار دولار سنوياً. ولا شك في أن هناك أطرافاً عديدة أدركت الآن أهمية الأرباح التي يمكن جنيها من سوق العملات المشفرة".
ويذكر، "على سبيل المثال، قبل يومين أعلنت منصة التجارة في العملات المشفرة "كوينبيز"، أنها تلقت موافقة مجلس إدارة الشركة على استثمار أكثر من 500 مليون دولار من الميزانية العمومية للشركة في العملات المشفرة، واستثمار 10 في المئة من إجمالي الأرباح مستقبلاً في التشفير، ويتوقع استمرار هذه النسبة في النمو، مع نضج اقتصاد العملات المشفرة"، مشيراً إلى أن "رأس المال هذه الشركة يقدر بـ52 مليار دولار، وأن هذه التصريحات ساعدت على إعطاء دفعة سعرية لـ"بيتكوين" التي كان يقال قبل أيام إنها ستواجه اختباراً سعرياً عند حدود 48 ألف دولار، وها هي تجاوزت الـ49 ألف دولار، بارتفاع قدره 4 في المئة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية".
ويختتم خير الله بالقول، "يجب الإشارة إلى زيادة الارتباط السلبي بين "بيتكوين" والذهب الذي ازداد أخيراً، فخلال الأشهر القليلة الماضية، ومع تراجع توقعات التضخم، خسر الذهب 6 في المئة من قيمته مقارنة مع مكاسب بنسبة 65 في المئة لعملة "بيتكوين" خلال الفترة نفسها، وفي نهاية 2022 يتوقع بشكل كبير أن يصل سعر "بيتكوين" إلى 100 ألف دولار، ونحن في منتصف تلك المرحلة تقريباً".