وجهت الناشطة السويدية في مجال المناخ، غريتا تونبيرغ، اتهاماً إلى المملكة المتحدة، باستخدام "طريقة احتساب مبتكرة للكربون" بغية تقديم صورة زائفة عن مؤهلاتها المناخية.
وكانت تونبيرغ قد غادرت مدرستها في سن الخامسة عشرة لتنفذ إضراباً خارج برلمان بلادها وتتحول بعده إلى أشهر الناشطين في مجال الدفاع عن المناخ في العالم.
وتأتي تصريحاتها على إثر إعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن المملكة المتحدة "تمكنت من خفض انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون بنحو 42 في المئة عن مستويات عام 1990" في قمة المناخ لقادة العالم التي انعقدت في أبريل (نيسان) الفائت.
هذه المدافعة عن حماية البيئة التي تبلغ من العمر الآن 18 عاماً، والتي قادت حركة عالمية تمثلت في إضرابات مدرسية من أجل الحفاظ على سلامة المناخ في العالم، وصفت الادعاء البريطاني، بأنه "كذبة"، وشككت في صحة اعتبار المملكة المتحدة نفسها على أنها "رائدة في مجال الحفاظ على المناخ في العالم".
واتهمت تونبيرغ المملكة المتحدة بأنها تعمل على انتقاء بياناتها بدقة، لتظهر وكأنها خفضت من انبعاثاتها لغاز ثاني أكسيد الكربون، أكثر مما أقدمت عليه بالفعل في هذا المجال، وأشارت إلى عدم شمول الأرقام البريطانية جميع الانبعاثات الحرارية قائلة: "بطبيعة الحال، إذا لم يتم تضمين جميع الغازات، فستبدو الأرقام أكثر تألقاً".
ورأت الناشطة البيئية أن هذه الأرقام لن "تبدو على هذا النحو الجيد" إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار عدداً من الجوانب التي تم استبعادها والتي يندرج ضمنها "قطاعا الطيران والشحن، والاستعانة بمصادر خارجية، وواردات الاستهلاك... وحرق المواد العضوية المتجددة التي تأتي من النباتات والحيوانات".
وبحسب مراجعة أجرتها منظمة "الحقائق كاملة" Full Fact (مؤسسة خيرية تعنى بالتدقيق في الأخبار وفي الادعاءات على وسائل التواصل الاجتماعي وتعمل على تصحيحها)، فإن الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي التي تنتجها أنشطة الطيران الدولي، وكذلك قطاع الشحن، لم يتم احتسابها ضمن تلك الأرقام (البريطانية)، وكذلك الانبعاثات الناجمة عن أي سلع وخدمات دولية يتم استهلاكها في المملكة المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت نفسه، أشار تقرير كان قد أصدره "المكتب الوطني للإحصاء" Office for National Statistics (ONS) في عام 2019 إلى أن تأثير العولمة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أدى إلى نشوء اقتصادات قائمة على خدمات تسببت في انبعاثات حرارية غير مباشرة، من خلال الاستعانة بمصادر خارجية لتصنيع المنتجات في دول تكون تكاليف العمالة فيها رخيصة، لكن قوانينها لمكافحة التلوث البيئي هي أقل صرامة".
وفي عودة إلى الناشطة البيئية الشابة، فقد أعربت عن "الأمل" في أن "يتوقف الناس عن الإشارة إلى المملكة المتحدة بصفتها رائدة في مجال المناخ"، قائلة إنه "إذا نظرتم إلى الواقع، (فإنه) بكل بساطة غير صحيح".
وأضافت تونبيرغ: "إنهم بارعون للغاية في احتساب انبعاثات الكربون بطريقة مبتكرة، ويجب أن أقر لهم بذلك- لكن هذا لا يعني الكثير على مستوى الممارسة العملية".
لكن في الوقت الذي وجد تقرير "المكتب الوطني للإحصاء" أن "الانخفاض الواضح في انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون الإقليمية في المملكة المتحدة، هو مبالغ فيه"، أقرت هذه الهيئة بأن المملكة المتحدة "بذلت جهوداً حقيقية في مجال خفض انبعاثاتها الإقليمية على أساس الاستهلاك" في الأعوام الأخيرة.
وكانت أليغرا ستراتون المتحدثة الرسمية باسم رئيس الوزراء البريطاني في شأن تغير المناخ أوضحت في وقت سابق من الشهر الجاري، أن الموعد الذي حددته الحكومة بالسنة 2050 لخفض انبعاثات الكربون الصافية في المملكة المتحدة إلى الصفر، ما زال هدفاً "بعيداً للغاية".
وقالت: "يتعين علينا أن نبدل الآن من طرق إنتاجنا لانبعاثات غاز الكربون، كي نتمكن من لجم الارتفاع في درجات حرارة الكوكب بحلول السنة 2030"، معترفة بأن التقدم الذي تحقق في هذا المجال، تعثر بسبب تفشي وباء كوفيد - 19.
وفي المقابل قال متحدث باسم الحكومة البريطانية: "إننا فخورون بالخطوات الكبيرة التي قطعناها بالفعل في التصدي لتغير المناخ، وخفض الانبعاثات الحرارية بنسبة 44 في المئة على مدى ثلاثة عقود من الزمن. وقد تم نشر هذا الرقم كجزء من تقاريرنا السنوية الشفافة للغاية، وتم قياسه وفقاً للمعايير التي وضعها الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، في إطار الإبلاغ عن الانبعاثات الحرارية".
وختم الناطق الحكومي بالقول: "إننا نصر على التأكيد أننا رواد على المستوى العالمي في مجال قيادة التصدي للتغير المناخي، ونحن ملتزمون التزاماً كاملاً بوعودنا المستقبلية في هذا الإطار. لقد كنا أول اقتصاد رئيس يشرع قوانين لإنهاء مساهمتنا في تغير المناخ العالمي بحلول السنة 2050، وستضع استراتيجيتنا القائمة على تصفير انبعاثاتنا الحرارية الصافية Net Zero Strategy- والتي سيتم نشرها في وقت قريب- خططاً للقيام بالمزيد في هذا الصدد".
© The Independent