مرةً أخرى، صنف مفتشو هيئة رقابية في المملكة المتحدة، وحدة التوليد في مستشفى بريطاني، متورط قبل ستة أعوام في فضيحة رعاية رئيسة طاولت مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" NHS- بأنها دون المستوى المطلوب، وذلك بسبب مخاوف على سلامة الأمهات والأطفال فيها.
وقد تعرضت وحدة الولادات في مركز موركامب باي الجامعي" University Hospitals of Morecambe Bay لانتقادات شديدة من قبل "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" Care Quality Commission (CQC) التي وضع مفتشوها تقريراً جديداً ينتقد الرعاية الصحية عبر المستشفيات الثلاثة التابعة للمؤسسة، ويثير مخاوف حيال الثقافة المعتمدة فيها وطريقة تسييرها.
وقد وضعت "هيئة الخدمات الصحية في إنجلترا" NHS England هذه المستشفيات الآن، تحت تدابير خاصة، فيما فرضت عليها "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" شروطاً تطالبها بإجراء تحسينات عاجلة.
وكانت وحدة الولادات في "مستشفى فورنيس العام" Furness General Hospital التابع للمؤسسة الاستشفائية، قد تعرضت في عام 2015 لوابل من الانتقادات القاسية من جانب لجنة تحقيق كان يقودها الدكتور بيل كيركاب، الذي وصف الوحدة بأنها "مختلة من حيث الأداء الوظيفي"، وتحدث عن "مزيج مميت" من الإخفاقات من جانب المستشفى وعلى مستوى "الخدمات الصحية الوطنية" بشكل أوسع، ما تسبب مباشرةً في وفاة 11 طفلاً وأم واحدة في حوادث كان يمكن تفاديها.
وأصبح اسم "مركز موركامب باي الجامعي" منذ ذلك الحين، مرادفاً لفشل أقسام الولادات، وأطلق التحقيق الذي قاده كيركاب مجموعةً من المبادرات الوطنية التي حاولت تحسين وحدات رعاية الأمهات والأطفال في مستشفيات "الخدمات الصحية الوطنية".
وأعرب جيمس تيتكومب الذي تُوفي ابنه جوشوا نتيجة أخطاء في المؤسسة الاستشفائية نفسها في عام 2008 لصحيفة "اندبندنت"، عن صدمته من النتائج التي توصلت إليها "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" وعن شعوره "بخيبة أمل كبيرة". وقال إنه من الواضح أن المستشفى "فقد ذاكرته" بعد الأحداث المأسَوية التي أدت إلى تقرير كيركوب.
وترسم نتائج التقرير أيضاً علامات استفهام حول مدى إمكانية أن يحافظ المستشفى على التحسينات على المدى الطويل. فقد وصف تيد بايكر، كبير مفتشي المستشفيات في "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" لصحيفة "اندبندنت"، التدهور الذي حصل في "مستشفيات موركامب باي" بأنه كان "مخيباً للآمال". وأضاف أن "من الأهمية بمكان أن تتمتع مستشفيات (الخدمات الصحية) بقيادة سريرية عالية الجودة، وبثقافة إيجابية مفتوحة، وبحوكمة فاعلة. وما لم تتم معالجة جميع هذه التحسينات فلن تقوى على الاستمرار. ويُعد تحقيق هذا الهدف في الخدمات التي تعاني من ضغوط، تحدياً لأي مسؤول، وهذا هو سبب منح المؤسسة الاستشفائية مزيداً من الدعم الخارجي المكثف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحدثت "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية"، في أحدث تقرير لها عن التفتيش الذي نشرته اليوم، عن وجود جيوب من الثقافة السيئة في مختلف أنحاء المؤسسة، ظلت قائمةً لفترة طويلة.
وأشارت أيضاً إلى وجود نقص في عدد الموظفين في وحدات الولادة مع النساء اللواتي تم تقييمهن على أنهن معرضات لخطر تلف الأنسجة وتعطل الأعضاء المؤدي إلى الموت، ما لم يحصلن على الرعاية المناسبة. أما السجلات الطبية غير المكتملة في المستشفى، فتعني أنه لم يكن من الواضح ما إذا كان قد تم التعرف على مدى تدهور حالة المرضى، وقال المفتشون، إن الموظفين لم يقيموا المخاطر التي تواجهها النساء في مرحلة المخاض، ولم يبلغوا عن تلك المخاوف.
وأبرز التحقيق الذي أجراه كيركاب أوجه تقصير مماثلة لجهة عدم تدخل القابلات، أو تحدثهن عن القلق الذي يشعرن به مع بعض الموظفين الذين يتبعون أجندة تستهدف تعزيز "الولادات الطبيعية بأي ثمن".
وأكدت "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" أن مجلس إدارة المؤسسة "يفتقر إلى حس الفضول"، مشيرةً إلى أنه "كان هناك انطباع عام بقبول التطمينات المقدمة إليه، بدلاً من السعي إلى الحصول على ضمانات".
وفي المقابل، انتقدت الهيئة التنظيمية تقريراً طلب المستشفى إعداده لتسجيل تقدمه في تطبيق التوصيات الثماني عشرة الواردة في تقرير كيركاب، الذي خلص إلى أنه حقق 15 توصيةً منها، فيما تم تطبيق ثلاث منها جزئياً.
من جهتها قالت الهيئة الرقابية إن "(لجنة مراقبة رعاية الجودة الصحية) راجعت مسودة التقرير، لكن لم يتم التأكيد لها أن التدقيق الذي أجري اتسم بالصرامة اللازمة. وقد تم الانتهاء من تلك المراجعة افتراضياً من دون أن تكون مرفقة بأي إجراءات في المستشفى لمراقبة الممارسة المعتمدة، أو الثقافة السائدة بشكل يومي".
وأفادت بأن "النتائج التي توصلنا إليها من خلال التفتيش، لم تقدم تأكيدات في ما يتعلق بالحوكمة ومراقبة المخاطر أو الاستدامة طويلة الأجل للخدمات التي تقدمها وحدات الولادات."
وقال تيتكومب الذي قاد حملةً لفضح سوء الرعاية في المستشفى بعد وفاة ابنه إنه "بعد تقرير كيركاب، وعد المستشفى بأن يتعلم من الأخطاء التي حصلت، وأخذ على نفسه عهداً بأن يصبح منظمة مثالية يُحتذى بها". وأضاف، "أعتقد فعلاً أنهم أدخلوا تحسينات حقيقية في ظل القيادة السابقة للقبالة، لكن هذا يوضح مدى السرعة التي يمكن أن تتراجع بها الأمور إلى الوراء، إذا لم تكن هناك قيادة سليمة وقوية. إنها بمثابة منظمة فقدت ذاكرتها وهذا أمر محزن حقاً لجميع الأسر التي كان لها نصيب من المآسي التي حصلت من قبل."
ورأى أنه من المشجع أن تقوم "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" بعرض تلك الوقائع المقلقة، خصوصاً أنها قامت بذلك ضمن إطار واجباتها، وليس نتيجة أحداث ناجمة عن سوء الرعاية، أو بعد وقوع وفيات، مضيفاً أن "الإيجابي في الأمر هو أن المؤسسة الاستشفائية لا تحاول أن تكون دفاعية بشأن ذلك"، وأن "التدقيق الافتراضي لخدمات أقسام الولادة بدا وكأنه لا يتعدى كونه "ممارسةً شكلية".
وكان مفتشو "لجنة مراقبة جودة الرعاية الصحية" قد زاروا المؤسسة الاستشفائية في إبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين، واطلعوا أيضاً على خدمات الرعاية الطبية وأقسام الطوارئ، إضافةً إلى أقسام العناية بمرضى السكتة الدماغية والأقسام الجراحية.
ونتيجةً لذلك أبقي التصنيف العام للمستشفيات على حاله ووُصف بعبارة "يتطلب التحسين"، بينما تمثل تصنيف أداء قيادتها بـ "غير كاف". وفرضت الهيئة المنظمة شروطاً على "مستشفى لانكاستر الملكي" Royal Lancaster Infirmary بسبب مخاوف تتعلق بالتأخر في رعاية مرضى السكتة الدماغية.
وخلصت اللجنة المعنية في تقريرها إلى القول إن "نطاق وطبيعة" المسائل التي اكتشفتها، يعدان مؤشراً على وجود "تحديات كبيرة ومستمرة في قدرة المؤسسة على تحقيق تحسينات مستدامة، وبوتيرة سريعة."
وقالت آن فورد نائبة كبير مفتشي المستشفيات في منطقة الشمال، إن "التدقيق الأخير أفضى إلى نتيجة مخيبة للآمال. فقد لمسنا تراجعاً ملحوظاً في جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة الاستشفائية، ووجدنا أن المرضى لم يحصلوا على مستوى الرعاية التي يستحقونها".
وخلصت إلى القول، إن "التحسينات التي تم إظهارها لنا خلال عمليات التفتيش السابقة في قسم الولادات في مستشفى فورنيس العام، لم يتم الحفاظ عليها، فيما شهدت مستويات الخدمة تراجعاً كبيراً، الأمر الذي انعكس سلباً على المرضى والموظفين.
© The Independent