بحث الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في أول اجتماع بينهما في البيت الأبيض، اليوم الجمعة، عن أرضية مشتركة في شأن إيران، حتى في الوقت الذي يكافح فيه الرئيس الأميركي للتعامل مع تداعيات تفجير انتحاري دامٍ في كابول خلال الانسحاب الأميركي، الذي شابته الفوضى، من أفغانستان.
وبعد تأجل الاجتماع من الخميس إلى الجمعة في أعقاب الهجوم الذي أعلن "داعش" مسؤوليته عنه، وراح ضحيته 13 جندياً أميركياً و72 أفغانياً، اجتمع بايدن وبينيت لإعادة تشكيل معالم العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، وتقليص الخلافات الحادة بخصوص الملف الإيراني، على الرغم من الخلافات بخصوص كيفية التعامل مع برنامج طهران النووي.
وعقّدت التوترات العلاقات بين بنيامين نتنياهو، سلف بينيت، الذي كان مقرباً من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والإدارة الديمقراطية السابقة بقيادة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي كان بايدن نائباً له آنذاك.
لكن الاجتماع، وهو الأول منذ تولي الرجلين منصبيهما هذا العام، طغى عليه هجوم أمس الخميس خارج مطار كابول خلال عملية انسحاب أميركية سببت أكبر أزمة لرئاسة بايدن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بايدن للصحافيين بعد المحادثات الثنائية مع بينيت، "المهمة هناك خطرة، والآن جاءت بخسارة فادحة في الأرواح الأميركية، لكنها تستحق العناء، وسنكمل المهمة".
ووضعت القوات الأميركية، التي تساعد في إجلاء الأفغان المستميتين على الفرار من حكم حركة "طالبان" الجديد، في حالة تأهب تحسباً لمزيد من الهجمات اليوم الجمعة.
وفي تصريحات مقتضبة للصحافيين، عرج الزعيمان على الملف الإيراني إحدى أكثر القضايا الشائكة بين إدارة بايدن وإسرائيل.
وقال بايدن إنه ناقش مع بينيت "التهديد الذي تشكله إيران، والتزامنا بضمان عدم تطوير طهران أبداً لسلاح نووي".
وأضاف، "نحن نضع الدبلوماسية أولاً، وسنرى إلى أين تقودنا، لكن إن أخفقت الدبلوماسية فنحن مستعدون للجوء إلى خيارات أخرى"، دون أن يتطرق إلى تفاصيل محددة عن تلك الخيارات.
ومن المتوقع أن يحث بينيت الرئيس الأميركي على انتهاج أسلوب أكثر تشدداً مع إيران وتعليق المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية وانسحب منه ترمب.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، إن بايدن سيبلغ بينيت أنه يشارك إسرائيل القلق في شأن توسيع إيران نطاق برنامجها النووي، لكنه ملتزم في الوقت الراهن بالنهج الدبلوماسي في التعامل معها على الرغم من أن المفاوضات لا تزال معلقة.
وقال بينيت للصحافيين إنه متفق مع بايدن حول وجود خيارات أخرى، إذا أخفقت المفاوضات الأميركية مع إيران، لكنه لم يذكر أيضاً طبيعة تلك الخيارات.
"الرد المناسب"
في المقابل، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، السبت، 28 أغسطس (آب)، أن بلاده تحتفظ بحق "اختيار الرد المناسب" على تهديدات أصدرها الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، لدى استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت.
وعلق شمخاني في تغريدة، "أكد كل من بينيت وبايدن... على اتخاذ خيارات أخرى تجاه إيران، وفي حين يمثل هذا الأمر تهديداً غير قانوني لدولة أخرى، فإنه من حق طهران اختيار الرد المناسب ضمن الخيارات المتاحة".
وسعى بينيت لأن ينأى بنفسه عن أسلوب نتنياهو العدائي، وركز بدلاً من ذلك على إدارة الخلافات خلف الأبواب المغلقة، لكنه كان حازماً مثل نتنياهو في تعهده بفعل كل ما هو ضروري لمنع إيران، التي تعتبرها إسرائيل مصدر تهديد وجودي، من إنتاج سلاح نووي. وتنفي إيران باستمرار أنها تسعى للحصول على قنبلة.
وأعطت الزيارة فرصة لبايدن لإظهار أن بوسعه القيام بالعمل كالمعتاد مع شريك رئيس في الوقت الذي يواجه فيه الوضع المتقلب في أفغانستان.
وأبرمت إيران عام 2015 اتفاقاً مع الدول الست الكبرى (الصين، والولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا) في شأن برنامجها النووي، يعرف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا، على رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل الحد بشكل كبير من برنامجها النووي وتوفير ضمانات بأنها لا تسعى لتطوير سلاح نووي.
إلا أن الاتفاق مهدد بالانهيار منذ أن أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الانسحاب منه من جانب واحد عام 2018، وأعاد فرض عقوبات مشددة انعكست سلباً على الاقتصاد الإيراني وقيمة العملة المحلية.
محاولة إحياء الاتفاق
وبعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، تراجعت إيران عن تنفيذ معظم التزاماتها الأساسية المنصوص عليها في اتفاق فيينا.
وأبدى بايدن الذي تولى مهامه في مطلع 2021، عزمه على العودة إلى الاتفاق شرط عودة إيران لاحترام التزاماتها بموجبه.
وتخوض إيران والقوى الكبرى، بمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات في فيينا تهدف لإحياء الاتفاق. وأجريت ست جولات بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران)، من دون تحديد موعد لجولة جديدة.
ويترقب شركاء إيران في مفاوضات فيينا منذ تولي الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي مهامه في مطلع أغسطس مؤشراً إلى نوايا طهران في شأن استئناف المفاوضات.
لكن الحكومة الجديدة تؤكد أن أولويتها في السياسة الخارجية هي لدول "الجوار وآسيا".