كشف ضابط شرطة الكابيتول الذي أردى آشلي بابيت خلال أعمال الشغب في محيط الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) عن هويته خلال أول مقابلة يجريها عقب الاعتداء على مجلس النواب الأميركي (الكونغرس).
وفي حديث لبرنامج نايتلي نيوز مع ليستر هولت على قناة أن بي سي (NBC Nightly News with Lester Holt) صرح الملازم مايكل بيرد الذي كان يقوم بحراسة الأبواب الزجاجية التي تقود إلى قاعة الانتظار خارج مجلس النواب حيث كان المشرعون وطاقم العمل مجتمعين بأن إطلاقه لهذا العيار الناري الوحيد "أنقذ أرواحاً لا تُحصى من الأشخاص". وفي المقابلة التي بُثت يوم الخميس، قال الملازم: "أعرف أن أعضاء الكونغرس بالإضافة إلى زملائي من الشرطة وطاقم العمل كانوا يواجهون خطراً محدقاً، وهذه وظيفتي."
في 6 يناير، انضمت بابيت إلى مئات الأشخاص الذين اقتحموا الكابيتول خلال جلسة اكونغرس المشتركة [تضم مجلسي الشيوخ والنواب] للمصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية للعام 2020، ونتيجة لذلك اندلعت أعمال شغب أشعلتها حملة استمرت لأشهر لتقويض النتيجة وساهم الرئيس السابق في تغذيتها بمشاركة حلفائه في الكونغرس وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي ذلك اليوم، تزامناً مع اقتحام مئات الأشخاص أرض الكونغرس، تلقى الملازم بيرد على جهازه اللاسلكي إحداثيات من ضباط آخرين "جرى تجاوزهم" خلال الهجوم وقال "كنت خائفاً للغاية".
وفي ذلك الوقت، انضمت بابيت التي لفت جسمها بالعلم الأميركي إلى الحشد الذي كان يشق طريقه بالقوة إلى ردهة رئيس المجلس داخل قاعات الكونغرس.
وبعد أن قامت مجموعة من الحشد الغاضب بتحطيم نافذة مؤدية إلى داخل قاعة المجلس، تم رفع بابيت عالياً.
"اتخذت وضعية تكتيكة" [للتصويب والدفاع] يخبر بيرد، "أنت تأمل في النهاية أن يتم الامتثال لأوامرك ولكن للأسف لم يحصل ذلك".
أطلق رصاصة واحدة ووقعت بابيت أرضاً.
وتابع بيرد قائلاً: "نتعلم أن نصوب نحو وسط الحشد. ولكنهم كانوا من الجهتين ولم أتمكن من رؤية حركة يديها أو أي شيء. أعتقد أن حركتها تسببت في أن يستقر الطلق الناري في المكان الذي وقع فيه."
وفي مقابلة موسعة مع قناة أن بي سي الإخبارية، أضاف بيرد: "حاولت الانتظار قدر المستطاع. تمنيت وصليت ألا يحاول أحدهم الدخول عبر تلك الأبواب. بيد أن إخفاقهم في الامتثال للأوامر دفعني إلى اتخاذ التحرك المناسب لإنقاذ حياة أعضاء الكونغرس وإنقاذ حياتي أنا أيضاً وحياة زملائي من الشرطة."
وأضاف الملازم بيرد أنه على الرغم من أن بابيت لم تكن مسلحة، فهذا "لم يغير" قراره بالضغط على الزناد. وتابع قائلاً لمحاوره السيد هولت: "كنت أصرخ وأصيح بأعلى صوتي وقلت لهم "رجاء توقفوا، تراجعوا إلى الخلف، توقفوا. كنا نشهر سلاحنا."
يُشار إلى أن مقابلة بيرد أعقبت محاولة مستمرة لتنفيذ القانون بغية الحد من إطلالته على إثر تلقيه "العديد من التهديدات الموثوقة والمحددة" بارتكاب العنف ضده وضد آخرين على يد شخصيات تنتمي إلى اليمين المتطرف كما أوردت شرطة الكابيتول.
وقال لقناة أن بي سي بأنه تلقى تهديدات "بالقتل وبقطع رأسي وأمور شريرة ووحشية". وتابع الملازم بيرد وهو من ذوي البشرة السوداء أنه "تعرض أيضاً لهجوم عنصري." وأن كل ذلك "مؤسف فعلاً".
ولدى سؤاله عما إذا كان يخشى الكشف عن هويته على قناة واسعة الانتشار مع استمرار التهديدات، أجاب بأن "الأمر مرعب". وأضاف قائلاً: "أعتقد أنني أظهرت شجاعة قصوى في 6 يناير وحان الوقت لأقوم بذلك الآن".
يُذكر أن إعلان القناة عن خطتها ببث المقابلة أثار موجة واسعة من الانتقادات وأشعل تلك التهديدات مجدداً.
وفي هذا السياق، أشار مساعد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي أف بي أي فرانك فيغليوزي لقناة إم إس إن بي سي MSNBC يوم الأربعاء إلى أنه "يشعر بالاستغراب وببعض القلق" مضيفاً "أنا أراقب الاتصالات الواردة من متطرفين معروفين بالعنف – يريدون هذا الرجل ويودون أن يعرفوا هويته، يعرف العديد منهم من هو... أشعر بالاستغراب من حاجته إلى الظهور وتفسير أعماله."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبتاريخ 23 أغسطس (آب) كشفت مراجعة داخلية لشرطة الكابيتول بأن "تصرف الملازم كان قانونياً وينضوي تحت سياسة قسم الشرطة التي تنص على حق الشرطي في استخدام القوة القاتلة عندما يعتقد بشكل منطقي أن تحركه يصب في مصلحة الدفاع عن حياة الإنسان بما في ذلك حياته هو شخصياً أو للدفاع عن أي شخص معرض لخطر إصابة جسدية خطيرة بشكل مباشر."
كما رفضت وزارة الدفاع الأميركية توجيه أي تهم بحق الملازم بيرد. وفي المقابل سيقت تهم من قبل المدعين الفدراليين بحق العديد من الأشخاص الذين زُعم أنهم شاركوا في تحطيم الزجاج أو الممرات المؤدية إلى باب ردهة رئيس المجلس قبل مقتل بابيت.
بيد أن عبارة "من أطلق النار على آشلي بابيت؟" (Who shot Ashli Babbitt) احتلت العناوين الكبرى لدى اليمين المتطرف واستشهد بها الحشد المؤيد لترمب وأعضاء الكونغرس وحتى الرئيس السابق الذي طلب اسم الضابط وأثنى عليها (بابيت) في خطاباته التي تحاكي الحملات الانتخابية أمام الحشود وعلى قناة فوكس نيوز.
وتساءل ترمب في مقابلة مع قناة فوكس بيزنس في يوليو (تموز) الماضي: "من هو الشخص الذي قتل امرأة بريئة ورائعة ومذهلة، امرأة عسكرية؟"
كما وصف ترمب موتها "بجريمة قتل" وزعم بأن من قتلها يعمل لصالح أحد كبار الشخصيات المنتمية للحزب الديمقراطي، في وقت عُلم بأن الملازم بيرد تلقى سيلاً من التهديدات بالقتل والإساءة العنصرية بعد أن تم الكشف عن اسمه على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لجناح اليمين.
"إنه لأمر مؤسف"، قال بيرد للمذيع هولت. "لو كان موجوداً في القاعة أو في أي مكان آخر وكنت أنا المسؤول عنه، لكنت مستعداً للقيام بالأمر نفسه من أجله ومن أجل عائلته... أنا أقوم بعملي للجمهوريين والديمقراطيين، لذوي البشرة البيضاء والسمراء على حد سواء."
وأتت تعليقاته بعد رواية تم التلاعب بها في أوساط المشرعين في الحزب الجمهوري الذي يُعرف أيضاً بـGOP والذين استشهدوا بمقتل بابيت في محاولة واضحة للتنصل من مسؤوليتهم عن العنف الذي وقع في قاعات الكونغرس.
وفي ذكرى مرور ستة اشهر على أعمال الشغب، أصدر النائب الجمهوري بول غوسار بياناً من مكتبه في الكونغرس يتعهد فيه بالتحقيق في مقتلها زاعماً أن "الرئيس ترمب انضم إلي في السعي إلى كشف الحقيقة."
وانضم غوسار إلى 20 مشرعاً من الحزب الجمهوري في رفضهم تمجيد تنفيذ القانون الذي حماهم في 6 يناير. وخلال جلسات استماع للجان مع المسؤولين عن تنفيذ القانون الفدرالي في ما يتعلق بالاستجابة لأعمال الشغب، أشار إلى أن بابيت "أُعدمت بدمٍ بارد على يد قاتل لم تُكشف هويته" كان "ينتظر الفرصة السانحة" لقتلها.
وزعم غوسار أن هنالك "جهداً مصمماً على إخفاء ملابسات هذه الجريمة وتغطيتها والشعب الأميركي لن يدعم هذا الاتجاه."
ومن جهة أخرى، طلب زوج بابيت من أحد القضاة إصدار أوامر بالكشف عن التسجيلات المتعلقة بالتحقيق الذي خلُص إلى أن إطلاق النار كان مبرراً.
وفي دعوى قضائية مع المحكمة العليا في واشنطن في يونيو (حزيران) طلب آرون بابيت بيانات الشهود وتقارير المحققين ولقطات الفيديو والمستندات المتعلقة بالملازم بيرد. ومن المقرر عقد جلسة استماع أولية أمام القاضي في 3 سبتمبر(أيلول).
وزعم محام يعمل لصالح عائلتها التي تنوي رفع دعوى قضائية بحق الضابط وطلب تعويض يبلغ 10 ملايين دولار أميركي بأن بابيت "تعرضت لكمين".
وقبيل ساعات من بث المقابلة، كشف محامي ماريلاند تيري روبرتس عن إسم الشرطي في بيانٍ صحافي وأطلق حملة تمويل جماعية لمساندة العائلة في دعوتها القضائية.
يُشار إلى أن "اندبندنت" تواصلت مع المحامي روبرتس طلباً للتعليق على هذه المسألة.
© The Independent